9th of Kislev, 5785 | ט׳ בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التكوين » سِفْر التكوين الدرس واحد وأربعون – تكمِلة الإصحاح ثمانية وأربعين
سِفْر التكوين الدرس واحد وأربعون – تكمِلة الإصحاح ثمانية وأربعين

سِفْر التكوين الدرس واحد وأربعون – تكمِلة الإصحاح ثمانية وأربعين

Download Transcript


سِفْر التكوين

الدرس واحد وأربعون – تكمِلة الإصحاح ثمانية وأربعين

في آخر مرَّة التقَينا فيها، قَضيتُ وقتًا طويلاً في مُحاولة تحديد ما قصده بولس عندما تَحدَّث عن الإسرائيلي "الحقيقي" (أو اليهودي)، وقرَّرتُ أن أصِفَ هذا الإسرائيلي الحقيقي بأنه إسرائيلي "روحي" أي الشخص الذي فيه روح الله الحيّ، والذي عن طريق الإيمان بالمسيح اليهودي، يشوع، يُجسِّد إسرائيل التي يتمّ التَعبير عنها في المَقام الأول في التوراة. هذه المُثُل العُليا لم تكُن موجودة في الأصل إلا في السماء، وكانت موجودة أساسًا في صِفة أو جَوهر الله الذي يُدعى الكَلِمة (بالعبرية ميمرا…وفي اليونانية، لوغوس). تم تقديم هذه المُثُل العُليا السماوية في شكلٍ مادي على جَبَل سيناء، وأُعطِيت لموسى كدستور إسرائيل….. ما نُسمّيه الناموس أو التوراة. فيما بَعد، لَبِس الكَلِمة نفسه لحمًا ودمًا وزارَنا في صورة يسوع الناصري.

والآن، ما عَلاقة هذا كلِّه بسِفْر التكوين ثمانية وأربعين؟ حسنًا، نحن نقترِب من الإجابة. تذكَّروا أنّ الموضوع الرئيسي لسِفْر التكوين ثمانية وأربعين هو تلك البَرَكة التي أعطاها الأب الأخير، يعقوب (المَدعو إسرائيل) لابني يوسف المَولودَين في مصر. وكان تأثير البَرَكة هو أنّ ابني يوسف هذين قد تَبنّاهما يعقوب وَوَضعهما على قَدَم المُساواة مع أبنائه الاثني عشر الآخرين…… هؤلاء الأبناء الّذين نُسميهم اليوم قبائل إسرائيل الاثني عشر. وعلاوةً على ذلك، بارَك يعقوب (المُسمّى إسرائيل) الولدين بِبَركة مهمّة خاصة بأفرايم، الذي كان أصغرُهما سنًا.

وقد أشارت تلك البَرَكة إلى أنّ أفرايم كان بطريقة غير مُعلَنة سيكون بَرَكة لجميع أمم العالم…….وهو ما يعني بطبيعة الحال أوطان الأمميين. دعونا نَتذَّكر أنّ الله في هذه المَرحلة من التاريخ، بِحسَب في الكتاب المقدس، رأى العالَم يتألَّف من مجموعتَين أساسيتَين: إسرائيل والأمم. أو بعبارة أخرى، إسرائيل والأمميين.

دعونا نواصِل دراستنا.

قراءة سِفْر العدَد الرابع والثلاثين من الآية الثالثة عشرة إلى الثامنة والعشرين

إليكم سِياق هذا المَقطع: بعد أربعة قرون في مصر، أصبَح بنو إسرائيل أحرارًا ويقودُهم موسى. كانوا قد اقترَبوا من أرض الميعاد قبل بِضع سنوات، ولكن عندما أُرسَل الجواسيس لاستِطْلاع الأرض، قال معظمهم أنّه على الرغم من أنّ أرضَ الميعاد كانت رائعة كما قال الله، إلا أنّ السكّان كانوا كثيرين جدًا، وشرِسين جدًا، وأقوياء جدًا، بحيثُ لا يُمكِن لبني إسرائيل أن يَغزوها. لذلك، وبسبب فَقْر الإيمان والمَوقِف المُتمرِّد أساسًا، أعاد الله ثلاثة ملايين من بني إسرائيل إلى البرّية الصحراوية ليَهيموا لمدّة ثمانية وثلاثين سنة أخرى.

بعد مرور أربعين عامًا على خروج إسرائيل من مصر، ومع استِمرار قيادة موسى المُسِنّ للغاية، وبناءً على تَوجيهات الله، أصبحَت القبائل العبرية مُستعِدّة مرّة أخرى للتحرُّك نحو كنعان والاستيلاء على الأرض. لقد حان الوقت الذي يُعطي فيه الله الأرض لنَسْل إبراهيم وإسحاق ويعقوب. حتى ذلك الوقت، كان الله يتحدَّث دائمًا عن إعطاء الأرض

للعبريين بصيغة المُستقبَل: أي "سأعطيكم إياها". ولكن، كان يجب أن تَحدُث أشياء كثيرة أولاً. والآن، حان الوقت ليُعطيهم هذه الأرض. وَرَد ما يلي في سِفْر العدد الرابع والثلاثين الآية الأولى "قال أدوناي لموسى أن يعطي هذا الأمْر لشَعب إسرائيل: "عندما تدخلون أرض كنعان ستُصبح أرضُكم وميراثكم……. هذا هو الجواب على السؤال التالي: متى ستُصبح الأرض مُلْكًا لذَريّة إبراهيم؟

يحدُث الأمر في اللحظة التي يَعبُر فيها هذا الحشد الهائل من بَني إسرائيل عبر الأردن، ويَطأ أرض كنعان. في تلك اللحظة من التاريخ، أصبَحَت أرض كنعان مُلْكًا لبني إسرائيل….. في عَين الله…… وستَبقى كذلك…. إلى الأبد.

اسمحوا لي أن أتوقَّف للحظة وأوضِّح نقطة. بما أننا مؤمنون بإله إسرائيل، علينا أن نتَّخذ قرارًا. هل نُؤمن بكَلِمتِه أم لا؟ إذا آمنّا، فإننا هنا في سِفْر العدد سنَفهَم أنه من وجهة النظر الوحيدة المُهمّة حقًا…وِجهَة نَظَر يهوه أنّ الأرض في الشرق الأوسط التي تُسمّى اليوم إسرائيل قد انتقَلت إلى كل هؤلاء القَوم الذين كان يقودهم موسى، وستَبقى كذلك إلى الأبد.

إذا سألَكم أي شخص أين وَرَد أنّ أرض الميعاد قد أُعطِيَت بالفِعل لإسرائيل… عندما انتقَلَت مُلكيَّتها وحيازتَها……… الإجابة هنا في سِفْر العدد أربعة وثلاثين.

بل أكثَر من ذلك، هل سَبَق لكم أن رأيتُم مرة واحدة في الكتاب المقدس أنّ المَسألة المُثارة (فيما يتعلق بكنعان) هي "مَن كان هناك أولاً"، أو "ما هو عادِل" من وجهة نظر الإنسان كعامِل يَتعلَّق بملكية الأرض؟ أو هل نَجِد الله يوجِّه إسرائيل لاتخاذ أي إجراء يُجنِّبها الحَرب ويجلِب السلام الذي أُثير في الكتاب المقدس في ما يتعلَّق بأرض كنعان؟ ليس لأي من هذه القضايا أي علاقة على الإطلاق بإعطاء الله تلك الأرض لإسرائيل كمُلكيّة دائمة. لذلك، كما يمكننا أن نرى من خلال الكتُب والمقالات والمُناقشات المُختلِفة حول إسرائيل…… ما إذا كانت تنتمي لليَهود، وما إذا كان ينبغي إعطاء أجزاء منها للفِلسطينيين بدافِع شعور "العدالة"، وما إذا كان من المَنطقي أن يكون لإسرائيل أرض أصْغر لشعبِها مقابِل السلام…… في النهاية، لا ينبغي أن يكون لذلك أيّة أهميّة بالنسبة للمؤمن بإله إسرائيل. المَسألة الوحيدة التي تَطغى هي: هل أعطى الله الأرض لإسرائيل أم لا؟ وقد تَمَّت الإجابة على هذا السؤال هنا في سِفْر العدد أربعة وثلاثين. لم يُعطِها لبني إسرائيل فقط، بل استَولوا عليها حوالى عام ألف وثلاثمئة قَبل الميلاد.

اسمعوني: لا تَقعوا جميعًا في فخّ مُناقشَة شخص ما في مسألة شرعية إسرائيل على أساس الحقائق التاريخية أو الجُغرافية السياسية الحديثة فوجُهات النظر هذه، بِحُكم تعريفِها، مجرد وجُهات نَظَر وأفكار مُختلِفة للبشر عن الأخلاق أو الإنصاف…… هناك حُجَج تبدو معقولة حول ما إذا كان ينبغي أن تكون لإسرائيل كل تلك الأرض أم لا. لا يَتأثَّر الله على الأقل بتلك الحِجج. ما يَهمّ هو أنّ الله أعلَنَ أن تلك الأرض مُلْك لشعبِه، إسرائيل، وهذا كلّ ما في الأمْر. في الواقع، إنّ تحذير سِفْر التكوين الخامس عشر للبشرية جمعاء بأن من يلْعَن نسل إبراهيم العبري سيكون مَلعونًا، ومن يُبارِكُهم سيكون مُبارَكًا، يَتمحور حَول أمرَين فقط: أرض إسرائيل وشعب إسرائيل. ليس أحدهما أو الآخر، بل كلاهما. هل تَقفون مع بني إسرائيل باعتبارهم قُرّة عَين الله، أم ترَونهم مَصدر لكثير من مَشاكل العالم ومرفوضين ومُستبدلين؟ هل تَقفون مع أرض إسرائيل باعتبارِها مُلكًا حصريًا لبني إسرائيل…. من دون مُساومة… أم ترون أن الأمر مجرد أمور سياسية دولية وحدود استراتيجية للحصول على النفط والتصالح مع المُسلمين حتى لا يَستمرّوا في تفجيرنا؟

دعونا نُلقي نظرة أعمق على العدد أربعة وثلاثين. وكنُقطة مَرجعية، تدور أحداث العدد أربعة وثلاثون بعد حوالى أربعمئة وخمسين سنة من أحداث سِفْر التكوين الثامن والأربعين. إذًا، بين إعطاء يعقوب مُباركة اليدَين المتقاطعتَين، وتقسيم أرض كنعان في سِفْر العدد أربعة وثلاثين، يكون قد مَرّ ما يقرب من خمسة قرون. جوهَر ما نقرأه في سِفْر العدد أربعة وثلاثين من الآية ثلاثة وعشرة إلى ثمانية وعشرين هو ما يلي: اتَّخذَت قبيلتان من قبائل بني إسرائيل، وجزء من قبيلة آخر (تقول التوراة نِصف هذا القبيلة)، قرارًا بعدم الدخول إلى كنعان، وجَعْل منازِلهم على الجانب الشرقي من نَهر الأردن. كانت هذه القبائل هي روبن (تذكَّروا أنه كان بِكر يعقوب البيولوجي الحقيقي، ولكن تم تجاوُز روبن للحصول على ميراث البكِر)، وجاد (كان إحدى القبائل الثلاث التي كانت تُشكِّل التقسيم إذا كان روبن هو الذي قاد إسرائيل)، وعلى ما يبدو حوالي نصف الشعب الذي كان يُشكِّل قبيلة المناسيه (أحد ابني يوسف المولودين في مصر) أيضًا.

أمّا القبائل التِسعة الباقية (التي كان أفرايم أحدها)، بالإضافة إلى النصف الآخر من قبيلة المناسيه التي قرَّرت الذهاب إلى أرض الميعاد، فستُعطى مَناطق داخل أرض كنعان. والآن، للتذكير فقط، تِسع قبائل ونصف زائد قبيلتين ونصف يُساوي اثنا عشرة. ولكن، في الواقع، كانت هناك ثلاث عشرة قبيلة، أليس كذلك؟ ماذا حَدَث للقبيلة الثالثة عشرة؟ عندما ننظُر إلى قائمة القبائل في سِفْر العدد أربعة وثلاثين نرى أنّه، كما كان مَرسومًا قَبل أربعمئة وخمسين سنة في البَرَكة المُنتقِلة في سِفْر التكوين ثمانية وأربعين، حَلّت قبيلتا أفرايم ومناسيه مَحلّ قبيلة يوسف. إذًا، نحن لا نرى يوسف في هذه القائمة في سِفْر العدد أربعة وثلاثين….. لا نرى "قبيلة يوسف"، ولكننا نرى قبيلة أفرايم ومناسيه. إنهما، في جوهرهما، يُمثِّلان قبيلة يوسف. ولكن، هناك اسم آخر مُهمّ مَفقود في هذه القائمة القَبَليّة: لاوي. قبيلة موسى نفسُه، القبيلة الكهنوتية، قبيلة هارون، أخو موسى، الكاهن الأعظم الأول لإسرائيل، لاوي، لم يُذكَر. لماذا؟

لنقرأ الآن سِفْر العدد الإصحاح خمسة وثلاثين من الآية واحد إلى خمسة. تذكَّروا أنّ علامات الإصحاحات والآيات هذه هي مجرَّد إضافات حديثة للكتاب المقدس، وقد وُضِعت فقط لغَرَض تَسهيل العثور على بعض الكُتُب المقدسة والرُجوع إليها. عندما كُتِب هذا الكتاب المقدس في الأصل، كان كل شيء مُتزامِنًا…. لم يَبدأ ويَتوقَّف في أقسام أو إصحاحات. لقد قرَّر العُلماء المعاصِرون، بجهودهم الحثيثة، المكان الذي تنتهي فيه الإصحاحات أو الآيات ونِقطة بداية ما يَليها. لذا، علينا أن نقرأ سِفْر العدَد خمسة وثلاثين من الآية واحد إلى خمسة كما لو كان مُلْحَقًا بسِفْر العدد أربعة وثلاثين وتكملةً له. فكلُّها تَتعلَّق بنفْس الموضوع، وهو تقسيم الأرض إلى مناطق مُنفصِلة لقبائل إسرائيل.

قراءة سِفْر العدد الإصحاح خمسة وثلاثين من الآية واحد إلى خمسة

نرى هنا خطَّة الله فيما يَتعلَّق بالأرض والأراضي الخاصة بقبيلة لاوي. في الإصحاحين الأولَين من سِفْر العدَد (لن نقرَأها الليلة، يمكنُكم قراءتهما بمفردِكم)، نَكتِشف إجراء إحصاء سكاني لإسرائيل، في وقت مُبكِر بعد الخروج من مصر. وما نَكتشِفُه أيضًا هو إحصاءان: تعداد لقبيلة لاوي فقط، وآخر للقبائل الإسرائيلية الاثنتي عشرة الأخرى. ونَجِدْ لاحقًا أنّ السَبَب في ذلك هو أنّ الله فَصَلَ لاوي من إسرائيل فعليًا، وجَعَلَ هذه القبيلة مجموعة خاصّة من الناس وظيفتُهم الوحيدة هي أن يكونوا في خِدمة يَهوَه، من أجل إسرائيل. لتكوّنوا فِكرة أفضَل: لم يَعُدْ يُنظَر إلى قبيلة لاوي في تلك اللحظة على أنها جزء من إسرائيل. إنها الآن قبيلة مُخصَّصة لغَرَض إلهي خاص.

ولذلك، لن يَحصُل اللاويون على أرض خاصة بهم مِثل القبائل الاثني عشر الأخرى، وذلك لأن كنعان كانت حصريًا لإسرائيل ولم تَعُدْ لاوي جزءًا من إسرائيل العادية.

وبدلاً من ذلك، سيُعطى اللاويون مُدُنًا، ومساحة صغيرة من الأراضي المفتوحة المُحيطة بهذه المُدن لاستخدامِها كمَراعٍ، كحصّة لهم. وكان من المُقرّر أن تكون مُدن اللاويين هذه داخل كل من الأراضي المَنسوبة قانونًا إلى كلٍّ من قبائل إسرائيل الاثني عشر. في الواقع، كان من المُقرّر أن يُعطى اللاويون مجموع ثمانية وأربعين مدينة والأراضي المُحيطة بكل منها؛ وسيكون لهذه المُدن والأراضي هَدَف خاص وسيَتَحكَّم فيها اللاويون.

لذا، فمنذُ تلك اللحظة فصاعدًا، على الرغم من أنه يمكننا تَعداد ثلاث عشرة قبيلة مُنبثِقة من إسرائيل، إلا أنّ اثنا عشرة قبيلة فقط ستُعتبَر "إسرائيل"، لأنّ اثنا عشرة قبيلة فقط أُعطيت أرضًا؛ وقبيلة واحدة، لاوي، قد أُزيلت (فعليًا) من إسرائيل. وكما تَبنّى يعقوب أفرايم ومناسيه من يوسف ليكونا خاصَّين به، فإنّ الله، في جوهرِه، تَبنّى قبيلة لاوي من إسرائيل لتكون خاصة به؛ قبيلة الكهنة الخاصة به. على الرغم من أنّ اللاويين جاءوا من إسرائيل، إلا أنهم الآن يَنتمون إلى فئة خاصة.

إذًا، بعد إزالة قبيلة لاوي، عُدْنا إلى اثني عشرة قبيلة من قبائل إسرائيل، مع اسمَيّ أفرايم ومناسيه مَحلّ لاوي ويوسف في قائمة قبائل بني إسرائيل. أُزيلت قبيلتان (لاوي ويوسف)، وأُضيفت قبيلتان (أفرايم ومناسيه)، لذا فالأمْر يساوي صِفر.

المعلومات مُعقّدة وكثيرة، أليس كذلك؟ ولكن، إذا كان لدينا أي أمَل في فَهْم الأحداث النبوية التالية…….. وكذلك الأحداث النبويّة لنهاية الزَمان (التي نَشهَد الكثير منها الآن)، نحتاج إلى فَهم البُنية القَبَلية لإسرائيل، وكيف تطوَّرت، وكيف ستَتطوّر أكثر. حسنًا، لقد تَحدَّثنا عن الموضوع بشكل سطحي ولكي أتمكَّن من شرحِها أكثر، نحتاج إلى إضافة معلومة أخرى مهمّة: وهي أنه على الرغم من وجود اثني عشرة قبيلة من قبائل إسرائيل، بالإضافة إلى قبيلة لاوي حاوية الكهنة المُعيّنين، فإنّ إسرائيل ستَنقسِم في النهاية إلى مجموعتَين متميزتَين يُسمّيهما الكتاب المقدس بيوتًا وستنتمي كل قبيلة من القبائل الاثني عشر في نهاية المطاف إلى أحد البَيتَين. يَتحدَّث الكتاب المقدس كثيرًا عن "بيتي إسرائيل"، وعن "بيت إسرائيل كله". حسنًا، عندما يَجتمع البَيتان معًا يُشكلان بيت إسرائيل كلّه. من المهمّ بالنسبة لنا أن نرى الفَرْق بين البيتَين مقارنةً بالبَيت كلِّه، ولكن أيضًا انتماء كل قبيلة إلى أي بيت.

دعونا نَتفحّص بعض الكتابات من الكتاب المقدس.

قراءة إشعياء الإصحاح الثامن الآين الحادية عشرة إلى السادسة عشرة

هنا نرى في الآية الرابعة عشرة ذِكْر لكَلِمة "كلاهما" ….. من الواضح أنها تُشير إلى بَيتَين….. من بيوت إسرائيل.

في حين أنّ هذه النقطة هي الأكثر صِلة بموضوعنا، إلا أنني اختَرتُ هذا المَقطع لأنه يُشير أيضًا إلى أمْرٍ مهمّ يحدُث اليوم، في عصرِنا هذا.

إسرائيل، إسرائيل الحديثة، تَعتقد أن مَصدر كلّ مشاكِلها هو مؤامرة من البَشر، من الأمم، من الجماعات الإرهابية، وكلُّها ضدها. وإسرائيل تتفاوض وتتَّفق وتُجادل وتُحارب هذه الدول، وهؤلاء الرجال…… الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الفلسطينيين، الإرهابيين…….. لأنّ الإسرائيليين يَعتقدون أنّ هؤلاء هم الذين يجب أن يَخافوهم، هم الذين يجب على إسرائيل أن تنتبِه منهم، وبالتالي هم الذين يجب أن يتوجَّهوا إليهم لتحقيق السلام. ولكن، في الواقع، هم مُخطئون؛ وهذا ما أمَرَ الله إشعياء أن يقوله لبني إسرائيل، وأن يقوله لنا.

لا يُطلَب من إشعياء أن يؤمن كما تؤمن إسرائيل، ولا أن يَخاف كما تَخاف إسرائيل؛ ولا أن يَخاف مما تَخافُه إسرائيل، ولا أن يتصرَّف كما تتصرَّف. بل إنّ الله هو الذي يَنبغي على إسرائيل أن تَتواصل معه من أجْل السلام. الله هو الذي يَملِك القدرة على هزيمة أعدائها. وحالما تُدرِك إسرائيل هذا، وتَتخلى عن طُرُقِها المُتصلِّبة في الاعتماد على الذات والنَزعة الإنسانية العِلمانية والارتداد وتعود إلى الله، عندها سيُصبِح هو ملاذُهم ويُسوّي هذا النزاع الطويل الأمد مرّة واحدة وإلى الأبد.

ولكن، أيها الأحباّء، بما أننا كمسيحيين مُلزَمون باتّباع حَقّ الله والإيمان به، علينا أن نُدرِك أنّ خارطة الطريق إلى السلام، واتفاقيات أوسلو، وقرارات الأمم المتحدة المُختلِفة، والمعاهدات والاتفاقيات بين إسرائيل والفلسطينيين، وجميع خُطط ومؤامرات البشر الأخرى التي ستَظهَر وتَختفي، لن تُقرِّر مُستقبل إسرائيل. ليست هذه هي السُبُل التي يجب علينا ككنيسة أن نسعى إليها أو نَتبنّاها أو نَقبَلَها كطريق للسَلام. وبالنسبة لنا أن نُناقِش المُشكلة الفلسطينية/الإسرائيلية بما يَخصّ قضايا حقوق العودة، والعدالة، والسياسات الاقتصادية، والاهتمامات الإنسانية، وما إلى ذلك، هو بالضبط ما أمَرَنا الله ألا نَفعلَه، هنا في إشعياء.

هناك سبب واحد فقط يُتيح لإسرائيل أن تُطالِب بكامل تلك الأرض…وهو السبب الوحيد الذي يجب أن نُعلِنه كمؤمنين: لقد أعطاهم الله إياها. وهناك شخص واحد فقط سيَحُلّ مَعضِلة الشرق الأوسط: يشوع الناصري. لا إجماع ولا تسويات البشر ستَصنَع سلامًا دائمًا. لذا، دعونا نَعقِد العَزْم أولاً على الدفاع عن إسرائيل، وثانيًا، عندما نسأل لماذا نُدافع عن إسرائيل، نَرُدّ أنّ الله أعطاهم تلك الأرض، كعَهد بينه وبينهم، إلى الأبد. لا يوجَد سبب آخر له أي تأثير على الإطلاق.

دعونا نقرأ المزيد من الكتاب المقدس.

قراءة إرميا الإصحاح الثالث والثلاثين من الآية ثلاثة وعشرين إلى ستّة وعشرين

الآن، اخترتُ هذا الكتاب المقدس بالذات لأوضح أمرين. أولاً، لاحظوا في الآية أربعة وعشرين، أنّ الله يُشير إلى "العائلتَين" اللتين اختارَهما الرَب. أي شعب "اختار" الرَب؟ إسرائيل. هذه الإشارة إلى "العائلتَين" هي مجرَّد مُرادِف لبيتَين؛ بيتَين من إسرائيل.

لكنني أريدكم أيضًا أن تُلاحِظوا جَوهَر ما يقوله الله هنا من خلال نبيه إرميا: يقول الله، انظروا، العالَم بشكل عام، بما في ذلك بعض بني إسرائيل أنفسهم الذين ابتعَدوا عن مَبادئ ومُثُل إسرائيل، يقولون إنّ الله قد رَفَض هاتين العائلتَين، أي بيتي إسرائيل، أي أنّ الناس يقولون إنّ الله قد رَفَض إسرائيل، وانتهى أمرُها، ونَقَل بَرَكاته إلى شعب آخر، بل إنّ البعض يقول إنّ إسرائيل لم يَعُد شعب الآب الخاص.

ويَرُدّ الله على هذا التأكيد الكاذب رَدًا قاطعًا بقَوله….. ليس في أفضل أيامِك يا إبليس! ستكون إسرائيل دائمًا مُختارتي. وبشكل واضح يقول …. إذا أردتَ أن تعرِف المطلوب لأرفُضَ إسرائيل، فإليك المطلوب: إذا لم يَعُد الليل والنهار موجودَين، إذا لم تَعُد كل النجوم والكواكب والمَجرّات موجودة، إذا لم تَعُد حركاتُها الثابتة في السماوات وفيزياء الكون التي تتحكَّم في تلك الحركات موجودة، عندها سأرْفُض شعبي.

بدلاً من ذلك، يقول الله في نهاية الآية ستّة وعشرين فيما يَتعلَّق بالبيتَين، بيتَين من إسرائيل "… سأعيد لهم حُظوظهم وأرحمُهم". وبعبارة أخرى، بينما سيَدفعون الثَمن بسبب سوء الظنّ والخطيئة والتمرُّد الإسرائيلي التي ستؤدي إلى عواقب وخِيمة……ستَرتفِع ثرواتُهم وتنخفِض……ستدوم رحمة الله عليهم. إنّ توبيخَه لهم وتأديبَه لهم لا يعني بأي حال من الأحوال أنه يرفُضهم.

آمل أن يحسِم هذا الأمْر مرة واحدة وإلى الأبد، ما إذا كان إسرائيل لا يزال شعبَ الله المُختار أم لا، وما إذا كان الله قد انتهى مِنهم أم لا، وما إذا كانت الكنيسة قد حلَّت مَحلّ إسرائيل كمُختار الله. في المرة الأخيرة التي نظرتُ فيها إلى السماء، كان الليل والنهار لا يزالان موجودان، وكانت السماء مليئة بالنجوم. وبالتالي، فإنّ إسرائيل لا تزال، وستبقى، شعب الله المُختار، وقد قرَّر أنّ لا شيء يمكن أن يَفعلوه، ولا أي قَدْر من الخطيئة والتَمرُّد، وحتى رفضُهم له، سيُغيّر ذلك. حتى لو لم يَتبقَّ سوى حُفنة من العبريين، بقية إسرائيل، فإنه سيُحافظ على وعدِه لهم.

دعونا نربِط الأمور ببعضها.

قراءة حزقيال الإصحاح سبعة وثلاثين الآية الخامسة عشرة إلى الثانية والعشرين

هنا نحصُل على مزيد من الفَهم والتَعريف عن "بيتَي إسرائيل". يتمّ تحديد رئيسي البيتَين على أنّهما واحد) يهوذا، واثنان) أفرايم.

ونرى أيضًا أنه منذ زَمن يوسف، وحتى زَمن عودة إسرائيل في الأيام الأخيرة، يبقى أفرايم هو المُمثِّل الرئيسي لقبيلة يوسف.

ونرى بعد ذلك في حزقيال سبعة وثلاثين أنّ الله سيأخُذ هاتين العائلتَين، هذين البيتَين، اللذين يُطلَق عليهما أحيانًا اسم مَمْلكتَي إسرائيل، ويَجعلهُما عائلة واحدة متحدة. لن ينقَسما مرة أخرى أبدًا. غالبًا ما يُشار إلى هذا الأمْر في الكتاب المقدس باسم "بيت إسرائيل كلِّه" ومُحفِّز ومصدَر تلك الوِحدة القادمة سيكون يسوع المسيح.

حسنًا، إليكم سؤال مُفيد، متى وكيف تحوَّلت إسرائيل من عائلة واحدة مُتّحِدة، إلى عائلة مُنقَسِمة من بيتَين، جماعتَين؟

نعود إلى الكتاب المقدس لنكتشِف ذلك!

قراءة هوشع ستّة بكامِلِه

في سِفْر هوشع، قرَّر الله أن يُدين أفرايم لأنّ سلوك القبيلة أصبح بغيضًا بالنسبة له. في هذه المَرحلة من التاريخ، أخضَعَت قبيلة أفرايم كل قبائل إسرائيل لسَيطرتِها، باستثناء يهوذا وبنيامين ومُعظم اللاويين. في الواقع، قد يقول المؤرّخون أنّ أفرايم قد استحوذَت، إلى حدٍ ما، على العديد من القبائل الإسرائيلية الأخرى. لذا، عندما نرى أفرايم المُشار إليها هنا، نتحدَّث عن تَكتُّل من عشرة قبائل…جميعها مُستحوَذ عليها من أفرايم……. وتُشكِّل هذه القبائل العشرة معًا قبيلة واحدة ضَخمة عُظمى، يُسمّيها الكتاب المقدس بيت أفرايم. مرَّة أخرى، لماذا يُسمّى هذا الكيان المُكوَّن من عشرة قبائل أفرايم؟ لأنّ قبيلة أفرايم القوية جاءت لتَحكُم تلك القبائل التِسع الأخرى.

ونرى، كما جاء في الآية تسعة، أنّ "تَصَرُّفَهُمْ يُغضِب" الرَب. دعونا نقرأ المزيد في هوشع.

قراءة هوشع سبعة بكاملِه

الآن، عندما كُتِب هذا الكتاب النبَوي كانت أفرايم ويهوذا قد أصبحتا أمّتَين مُنفصلتَين. يُشار إلى هاتين الأمّتَين أيضًا في الكتاب المقدس بالبيوت والعائلات. في هذا السياق، فإنّ الأمّتَين، والمَملكتَين، والبيتَين، والعائلتَين في إسرائيل، كلُّها تعني نفس الشيء بالضبط. لقد انقَسمَت القبائل، فشَكَّلت قبائل يهوذا وبنيامين مَمْلكة يهوذا، وجميع القبائل الأخرى شَكَّلت أساسًا مَملكة أفرايم…… أو كما تُسمّيها كُتُبنا المقدَّسة غالبًا إسرائيل. تذكَّروا أنّ اللاويين هم في فئة خاصة، ولا يُحسَبون ضمن القبائل الاثني عشر، وبالتالي فَهُم ليسوا جزءًا من بيتي إسرائيل.

كيف حَدَث هذا الانقسَام في إسرائيل إلى مملكتَين، بيتَين؟ ما حَدَث هو أنّه بعد وفاة المَلِك سليمان (حوالى عام تسعمئة وخمسة وعشرين قَبل الميلاد)، انقسَمت أمّة إسرائيل في حَرب أهلية مروِّعة. ونتيجةً للانقسام، على الرغم من أنّ شَعب كِلتا المملكتَين ظلاّ يَعتبران أنفسهُما من بني إسرائيل، إلا أنّ مملَكة واحدة فقط استمرَّت في تَسمية نفسِها بإسرائيل، وهي المَملكة التي أصبحت تُعرَف باسم أفرايم. تَوقَّفت مَملكة يهوذا، بعد فترة قصيرة من تلك الحَرب الأهلية، عن تَسمية نفسها بإسرائيل، وأطْلَقت على نفسِها ببساطة اسم يهوذا.

تمامًا مِثلما حَدَث في حربِنا الأهلية الأمريكية، حيث انقسَمَت أمّتُنا مؤقتًا، على الرغم من أنّ الناس من كلا الجانبَين ظلّوا يُطلِقون على أنفسهم اسم "الأمريكيين"، إلا أنّ أحَد الجانبَين أطلَق على المكان الذي يَعيش فيه اسم الاتّحاد، والآخر اسم الكونفدرالية. نفْس المبدأ الذي حَدَث في إسرائيل.

سرعان ما تَوقَّفت المَملكة الشمالية التي كان يُسيطِر عليها أفرايم عن تَسمية نفسِها إسرائيل، وبدأت بدلًا من ذلك في تَسمية نفسها أفرايم. إذًا، كما علينا أن نَفهَم أن يعقوب دُعِيَ في النهاية بإسرائيل، وسنَرى الكتاب المقدس يَتنقِل بين هذين الاسمين، نفْس الفِكرة تَنطبِق عندما يَتحدَّث الكتاب المقدس عن بيت أو مَملكة أفرايم، وبيت أو مملكة إسرائيل…وحيث يكون الحديث عن نفْس المكان. تَجدُر الإشارة إلى أنّ هذا يَنطبق فقط على الفترة التي تلَت موت سليمان وبعد الحرب الأهلية التي قَسَمَت الأمة إلى مملكتَين.

لذلك عندما نَصِل إلى تلك الفترة الزمنية، ما بعد الحرب الأهلية وما بَعد سليمان، علينا أن نُراقِب سياق كتابات الأنبياء بعِناية شديدة…….. لأنهم سيُسمّون أفرايم تارةً المملكة الشمالية، وتارةً أخرى إسرائيل. ولكن، عندما يُشيرون إلى مملكة أفرايم ومملكة إسرائيل (بعد الحرب الأهلية) فإنهم لا يَشمَلون في مَعناها مملكة يهوذا، التي يُنظَر إليها الآن كَكَيان مُنفصِل. في الواقع، يَتعامَل الله مع مملكة يهوذا بشكل مُنفصِل تمامًا.

سنَتطرَّق الأسبوع القادم إلى ما حَدَث لمملكة أفرايم في نهاية المَطاف، وعلاقتُها بزَماننا.