10th of Kislev, 5785 | י׳ בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التكوين » سِفْر التكوين الدرس ثلاثة وأربعون – الإصحاح تسعة وأربعون
سِفْر التكوين الدرس ثلاثة وأربعون – الإصحاح تسعة وأربعون

سِفْر التكوين الدرس ثلاثة وأربعون – الإصحاح تسعة وأربعون

Download Transcript


سِفْر التكوين

الدرس ثلاثة وأربعون – الإصحاح تسعة وأربعون

في الأسبوع الماضي انتهَينا من دِراسة بَرَكة يعقوب المُتقاطِعة كما وَرَدت في تَكوين ثمانية وأربعين؛ كانت هذه بَرَكة نَبَوية على أفرايم ومنسى، ولكن الهَدف الأساسي لهذه البَرَكة كان أفرايم. لقد اكتَشفنا أنّ أفرايم سيكون بِطَريقة ما، لم تتّضِح بعد بشكل كامل، بَرَكة للعالَم الأممي، وعندما نظَرْنا مرة أخرى في سِفْر حزقيال سبعة وثلاثين، اكتَشفنْا أنّ النبوءة القائلة بأنّ أفرايم ويهوذا سيَجتمِعان في أرْض إسرائيل ولن يُزالا أبداً، لها علاقة بما نَشهدُه اليوم في عصرِنا.

هذا الأسبوع سوف نَنْظُر إلى مجموعة أخرى مُنفصِلة من البَرَكات التي صَنَعها يعقوب. تذكَّروا أننا نَتحدَّث عن زَمن كانت فيه أسباط إسرائيل الإثنا عشر في مصر؛ كان يوسف وزيراً لمصر، وكان بنو إسرائيل ضيوفاً مُكرّمين لدى فرعون. لذا، من المُحتمَل أن يكون ذلك في حوالي عام ألف وسبعمئة إلى ألف وسبعمئة وخمسين قَبل الميلاد عندما وَقَعت أحداث تكوين ثمانية وأربعين وتسعة أربعين.

في تكوين تسعة أربعين، سنُلقي نظرة على الأقدار، كما وُصِفت في شَكلِ بَرَكات تمّ التكلُّم عنها نبوياً لكل سبط من أسباط إسرائيل الإثني عشر. لقد قَطعنا شوطاً طويلاً، أليس كذلك؟ في الأجزاء السابقة من سِفْر التكوين رأينا بني إسرائيل الذين خَلَقهم الله عن طريق تبديل إسم يعقوب (إلى إسرائيل)، والآن سنرى نبوءات تَتَعلَّق بمُستقبَل أسباط بني إسرائيل كل على حِدَة تم التكلُّم عنها قبل مئات السنين من تحقيقها. الكثير مما سنَتعلَّمُه عنهم هو نبوءات تحقَّقت بالفعل. ما يمكننا أن نستخلِصَه من ذلك هو العِصمة المُطلقة والطبيعة الحَرفية لنبوءة الكتاب المقدس وهذا أمرٌ مهمّ بالنسبة لنا في عصرِنا، لأنه لا يزال هناك العديد من النبوءات عن أسباط بني إسرائيل هي في طَوْر التحقُّق وأخرى ستَتحقَّق قريباً. صحيحٌ أنّ بعض هذه النبوءات غامضة بعض الشيء، ومَعناها ضبابي بعض الشيء، لكن الحِجاب بدأ ينقشِع. أعتقد أنك إذا انتبهتَ جيداً لما سندرُسه عن هذه القبائل، فإنّ سِفْر الرؤيا على وَجه الخصوص سيكون له معنى جديد بالنسبة لك. تَذكَّر أننا اكتشَفنا في الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، أنّ تركيبة أسباط بني إسرائيل الإثني عشر تبدو مُختلفة في سِفْر الرؤيا سبعة، عمّا هي عليه في التوراة؛ حيث تمّ حَذْف أفرايم ودان وأُضيف يوسف ولاوي.

الآن، بينما نَقرأ في سِفْر التكوين تسعة وأربعين، علينا أن نَضَع الأمْر في مَنظوره الصحيح؛ فما كان يَنطُق به يعقوب كان صوراً عامة لكل من هذه الأسباط. لم تكُن هذه نبوءات حول الأشياء التي سيَفعلونها بالضرورة، بل كانت نبوءات عما ستُصبِح عليه كل قبيلة من هذه القبائل. سيَنطُق يعقوب بما ستكون عليه خصائص وَسِمات كل قبيلة من هذه القبائل على المدى الطويل. ليس بالضبط كيف سيَتصرَّفون في لحظة مُعيَّنة من الزمن، على الرغم من أنّنا نَستطيع أن نرى لحظات عَكَست فيها قبيلة مُعيّنة بشكل مُخيف البَرَكة التي أعطاها يعقوب لها. علينا أن نَضَع في اعتبارنا أنه منذ أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمئة سنة مَضَت على هذه التصريحات التي أدلى بها يعقوب بشأن ما ستبدو عليه صِفات الأبناء الذين اجتمعوا حول فِراش موتِه، إذا ما نظرْنا إلى تاريخ كل سبط من البداية إلى النهاية ودعونا نَتذَّكر: من هنا فصاعداً، عندما يتحدَّث الكتاب المقدس عن أحد أسباط بني إسرائيل الإثني عشر، مِثل راوبين أو يهوذا أو إفرايم، فإنّه لا يتحدَّث عن مصير أي رَجُل بشكْل خاص….. لأن هؤلاء الرجال، أبناء يعقوب الإثني عشر، قد ماتوا منذ زمن طويل قبل أن تَنمو القبائل الفردية التي كانت تَحمِل أسماءهم بشكل كبير بما يكفي لتشكيل خصائص مُحدّدة. بدلاً من ذلك، يتحدَّث الكتاب المقدس عن الآلاف والملايين من نَسْل كل واحد من هؤلاء الرجال الذين بَقوا معاً في مجموعات عائلية تُسمّى أسباط؛ كان هذا هو الهَيكل الإجتماعي النموذجي آنذاك، وقد يُفاجئك أن تعرِف أنّ الجزء الأكبر من سكّان العالم اليوم لا يزالون قبليِّين. لذا، وبعيداً عن كون القَبَلية شيئاً من الماضي، فهي لا تزال حَيّة وجيدة وطريقة عَملِها لها علاقة بالمشاكل المُستعصية التي نواجِهها في الشرق الأوسط، وكذلك عمليات الإبادة الجماعية المُروّعة في أفريقيا المعاصرة.

اقرأ سِفْر التكوين تسعة وأربعين بأكملِه

مِثل عائلة في العَصر الحديث تجلِس حول مائدة بينما يقرأ الوَصي وصيّة الراحل الذي كان يُسيطر على كلّ ثروة العائلة وسُلطتِها، كان هناك جَوّ من الترقُّب بين الإخوة الإثني عشر. كان أبناء يعقوب الإثنا عشر يَنتظرون بفارغ الصبر أن يَسمعوا ما قد يكون نَصيبهم الخاص من البَرَكة؛ ومِثل العائلة عند قراءة الوصية، كان البعض سيُفاجأ بسُرور بنصيبه، بينما سيُستنزَف البعض الآخر بخيبة أمل وآخرون سيَخرجون راضين مهما كان نصيبهم مُتواضعاً.

في وقتٍ لاحق، بعد أن يَستغرق كل شيء وقتاً ليأخُذ مَجراه، من المُحتمَل أيضاً أن تنشأ مشاعر قاسية لأن بعض أبناء يعقوب الذين حصلوا على البَرَكة الصغرى كانوا سيَحترقون حَسداً من أولئك الذين حَصلوا على الجزء الأكبر. بالطبع، كان أولئك الذين حَصلوا على البَرَكات الكبرى يَنظرون بتعجرُف إلى أولئك الذين لم يَستحقّوا أبداً ما حصلوا عليه بحقّ على أي حال، والوقت لا يَحلّ بالضرورة هذا الأذى والرَفض، بل إنه في بعض الأحيان يمكن أن يَزيد من العداوة. سيكون هذا هو الحال ونحن نُتابِع تاريخ بني إسرائيل من هذه النقطة فصاعداً، لأننا سنَجِد أنّ بعض أسباط بني إسرائيل سيكون لديهم كراهية طويلة الأمد ضدّ أسباط بني إسرائيل الآخرين، وفي بعض الأحيان سيُحارِبون بعضهم البعض بالفِعل.

يَجتمِع أبناء الأب الأخير، يعقوب، المَدعو إسرائيل، الإثنا عشر، حول أبيهم الذي لمْ يَتبقَّ له من القوة في جسده المُسِنّ إلا ما يكفي ليؤدي واجبِه الأخير على الأرض؛ ويُصغون باهتمام بينما تبدأ البَرَكات المهمّة جداً، كما هو مُتوقَّع، براوبين البِكر وتَتقدّم بشكل تقريبي ولكن ليس دقيق وفقاً لترتيب وِلادتهم.

في الآية واحد، يبدأ يعقوب بقَول شيء له معنى غير واضح للعلَماء حتى يَومنا هذا: يقول: "……لأخبرَكم بما سيُصيبكم في الأيام الآتية" وبعض النسخ تقول "في الأيام الأخيرة".

الآن، العبرية المُستخدَمة هنا هي "أشاريت هايامين" (في الأيام الأخيرة). في أكثر مَعانيها الحَرفية تعني "في الأيام الأخيرة". يقول بعض الحاخامات والعلَماء أنّ ذلك يتحدَّث عن الوقت الذي ستَنتهي فيه أيام بني إسرائيل في مصر، ويُخرِجهم موسى. يقول آخرون إنّ هذا يتحدَّث عن الأيام الأخيرة ونهاية العالم، كما نميل نحن إلى تَسميتها. لقد كانت هناك حُجَج معقولة جداً لكلا الجانبَين. من المُحتمل أنّ أبناء يعقوب لم يكونوا يُفكِّرون بآلاف السنين في المُستقبَل، ولكن كما هو الحال مع كل إعلان في الكتاب المقدس الذي هو من الله، كما كانت هذه البَرَكات، يجب أن نبقى مُدركين أنّ هناك مظهراً مادياً وروحياً في آن واحد. من المؤكد أنّ أبناء يعقوب لم يستطيعوا أن يرَوا إلا الجانب المادي الجسدي فقط ولكننا نَستطيع، بعد التفكير بالأمر، أن نَرى الجانب الروحي أيضاً.

بعد حوالي ألف سنة من هذه البَرَكة، سيَختفي عشرة من الأسباط الإثني عشر، جميع الأسباط ما عدا يهوذا وبنيامين (والقبيلة ذات الفئة الخاصة، اللاويين)؛ لذلك يجب أن نَعتقد أنّ معنى كَلمات يعقوب، " الأيام الأخيرة"، أنه كان يتحدَّث عن زمن قَبل أن يَختفوا؛ زمن يُمثِّل حالة كل سبط في السنوات التي ستؤدي إلى خروجهم من مصر. هذا على عكس كَلِمات يعقوب التي تُشير إلى نهاية العالم. لكن، بما أننا نُدرِك الآن فجأة أنّ أفرايم الذي يُمثِّل كل تلك القبائل المفقودة حالياً، من المُفترَض أن يظهَر مرة أخرى بشكل غامض في شكل ما في نهاية الأزمنة، فإنّ هذا يترُك الباب مفتوحاً أمام احتمال أنّ يعقوب كان يعني بالفِعل نهاية زمن العالم، وليس فقط نهاية زَمَن بني إسرائيل في مصر. بالطبع، يمكن أن يَعني كلا الأمرين. الوقت سيُخبِرُنا بذلك. من المُحتمَل أن يكون لها بعض عناصر الماضي والمستقبل على حد سواء؛ لأننا نرى العديد من نبوءات الكتاب المقدّس تُكرِّر نفسها. تَميل نبوءات الكتاب المقدس إلى خَلْق أنماط بقدر ما تتنبأ بأحداث مُستقبلية. بالنسبة للوقت الحاضر، أفضِّل أن أترُك ذلك كمجهول، بدلاً من أن أقول بشكل جازم أنه يعني شيئاً دون الآخر. ربما خلال الأشهر والسنوات القليلة المقبلة، سيوضح لنا الله هذا الأمْر بشكل أكبر.

مع ذلك، دعونا نتفحَّص البَرَكة المُعطاة لكل إبن.

أعِد قراءة سِفْر التكوين الإصحاح تسعة وأربعين الآية ثلاثة وأربعة

على الرغم من أنّنا لا نعلَم رَدّ فِعل أي من الأبناء، إلا أنه ليس من الصعب أن نتخيَّل الضربة الساحقة التي وُجِّهت لراوبين؛ لأنه في هذه اللحظة، وقد أُهين أمام إخوته ونُصِل من منصبه كبِكر طبيعي لإسرائيل. يمكن للمرء أن يَتصوّر أنه كان يجب أن يَشكّ في مثل هذه النتيجة، خاصةً وأنّ يعقوب كان يَعتمِد على أخيه الأصغر أكثر فأكثر في القيادة خلال السنوات القليلة الماضية. لقد كان راوبين يعرِف الأخطاء التي ارتكَبها في حقّ أبيه، ولكن بعد أن صَدَمَته النهاية التي لا يمكِن تَغييرها في كل شيء، كان لا بد أن تكون النتيجة أن يكون راوبين مُكتئباً بقسوة.

يقول يعقوب عن راوبين، أنت……."غير مستقرّ كالماء…..لن يكون لك فَضْل…….لأنّك دَنَّست فِراشي". بعبارة أخرى، ليس لديك الصِفات اللازمة لقيادة بني إسرائيل، لذلك لن تنال بَرَكة البِكر.

إنّ حادثة "تدنيس الفراش" هذه مَذكورة لنا في سِفْر أخبار الأيام. يُرجى الرجوع إلى هذه الكَلِمات في الكتاب المقدس. علينا أن نأخُذ ما يقوله بعناية شديدة، لأنه مِفتاح لفَهمِنا للبَرَكات التي سيُعطيها يعقوب لأبنائه وأكثر من ذلك.

أخبار خمسة الآية واحد واثنان "وبنو راوبين بِكر إسرائيل. لأنه هو البِكر، ولأجل تدنيسه فراش أبيه، أعطيتُ بكوريته لبني يوسف بن إسرائيل، فلَمْ ينسب بِكرا، اثنان، لأن يهوذا اعتزَّ على إخوته ومِنه الرئيس، وأما البكورية فليوسف".

الآن، بطريقة غير مُباشرة تُخبرنا هذه الآية بأمرَين: أولاً، إنّ سبب تَخطّي يعقوب لراوبين هو أنه كان قد نام مع حليلة يعقوب، بيلا، وهذا واضِح جداً. ولكن، ما حدَث أيضاً هو أنّ الشَّرف والبَرَكات التي كانت تَذهب تقليدياً إلى البكِر انقسَمت بين ابنين آخرين: يوسف ويهوذا. أو، كما رأينا في سِفْر التكوين ثمانية وأربعين، في الواقع انقَسَمت حقوق البِكر بين إفرايم، ابن يوسف ويهوذا. إذن، يُخبرنا المؤرخ أنّ السبب الأرضي وراء مُبارَكة يعقوب لأبناء يوسف هو حِرمان راوبين من الميراث بسبب ما فَعَله. بالطبع، كان لدى الله أسباب أخرى للسَماح بحدوث هذا السيناريو.

هناك عُنصران رئيسيان يُكوِّنان البَرَكة التقليدية للبكِر: أولاً، كان النصيب مُضاعف، وكان يعني ذلك أنّ البِكر كان سيَحصل على نصيبَين (أو أكثر) من ثروة القبيلة بدلاً من نصيب واحد. ثانياً، كان البِكر يُعطى حق السُلطة في قيادة القبيلة بأكملِها وحكمِها. لو سارت الأمور كما هو مُعتاد، لما كان راوبين فقط قائداً للقبيلة التي أنشأها بمولِدِه (قبيلة راوبين)، بل كان سيُصبِح قائداً على كل بني إسرائيل…. كان سيَحكُم مكان أبيه يعقوب….. على كل الأسباط الإثني عشر وكان سيحصُل على حصّة مُضاعفة، ضُعْف ما حصل عليه أي من إخوته من ثروة القبيلة. لم يحصُل راوبين على شيء من هذا. بدلاً من ذلك، نرى أنّ يوسف سيَحصل على النصيب المُضاعف (عن طريق إبنيه، إفرايم ومنسى) وسيَحصل يهوذا على حقّ الحُكم والقيادة؛ والآن، دعوني أقول لكم: هذا هو التصرُّف الغريب الذي قام به يعقوب في تقسيم بَرَكة البِكر ولكن، ضَعْ في اعتبارك أيضاً عنصراً مهماً للغاية يشرحُه كاتب أخبار الأيام: من ناحية سلسلة النَسَب، كانت عائلة يهوذا هي التي تتولى السُّلطة. لذا، في أمور بني إسرائيل حيث كان عِلم الأنساب هو العامل الحاسم…. مِثل من سيكون أول مَلِك شرعي لإسرائيل (داود) ومن سيكون المَلِك إلى الأبد (يسوع) …. سيتمّ استِخدام سلالات يهوذا … وليس يوسف ولا راوبين. مع ذلك، بطريقة غريبة، تلقَّى يوسف أيضاً بَرَكة البِكر. دعني أوضح لك كيف حَدَث ذلك.

إليكم الأمر: في كثير من الأحيان سنَرى الكتاب المقدس يَستخدِم مصطلحات "البَرَكة المُضاعفة" و"حقّ البِكر" و"بَرَكة البِكر" بالتناوُب. لكن…… علينا أن نفهَم، أنه على الرغم من أنّ مُصطلح "النصيب المُضاعف" في اللغة العامية الشائعة في تلك الأيام كان يُستخدَم مُرادفاً لمصطلح "بَرَكة البِكر"، إلا أنه من الناحية التقنيّة، كان النصيب المُضاعف جزءاً فقط من بَرَكة البِكر. كان من المُفترض، وفقاً للتقاليد، أن كل من حصل على بَرَكة البِكر حصل على كل عنصر من العناصر التي كانت تصاحبها تقليدياً، أي أن كل من حصل على الحصة المضاعفة من ثروة العائلة حصل أيضاً تلقائياً على الحق في حكم القبيلة، لكن يعقوب فعل شيئاً جديداً جداً عندما قسم بَرَكة البِكر بين وريثين، ابنين، سبطين من بني إسرائيل.

في رأيي أن السبب في أن كاتب سِفْر أخبار الأيام صاغ هذه الآيات بالطريقة التي صاغها بها، هو أنه لم يفهم تماماً ما يعنيه وما سيؤدي إليه كل ذلك. لماذا قُسِّمت بَرَكة البِكر بين إبنين، من الواضح أن الكاتب لا يعرف، لأن الأمر لم يكن يتم عادةً بهذه الطريقة. في الواقع، لا أعلم في أي مكان آخر في الكتاب المقدس أن تقسيم بَرَكة البِكر، كما فعل يعقوب، قد حَدث مرة أخرى. يبدو أنّ هذا الحدَث فريد من نوعه تماماً. إذن، كل ما يفعلُه كاتب سِفْر أخبار الأيام هو تأكيد الحقائق كما يفهمُها هو، دون مزيد من الشَرْح.

الآن، دعونا نرى كيف نَجَحت مُباركة يعقوب لراوبين……. النبوءة القائلة بأنّ نَسْل راوبين سيكون غير مُستقرّ كالماء، وأنهم لن يكونوا قادة.

عندما نبحَث في الكتب المقدسة سنَجِد أنّ قبيلة راوبين لم تُنجِب قائداً عسكرياً واحداً ولا مَلِكاً ولا نبياً ولا قاضياً……. لم يُذكَر أي واحد من نَسْل راوبين في الكتاب المقدس على أنه حَصَل على منصب ذي قيمة أو شرَف خاص، أو حقَّق أي أمْر ذو أهمية. نَجِد أيضاً أنّه بعد اقتراب الأسباط الإثني عشر، بقيادة موسى، من أرض كنعان الموعودة، قرّرَت قبيلة راوبين عدم دخول أرض الميعاد، بل الاكتفاء بـ "ما يَكفي". أخذوا بعض الأراضي كميراث لهم على الجانب الشرقي من نَهر الأردن، خارج أرض كنعان.

حتّى أننا نَجِد أنّ قبيلة راوبين بدأت بتناقُص مُستمرّ في عدَد سكانها ويبدو أنّ موسى كان قلقاً جداً على حالة سبط راوبين لدرجة أنه صلّى (تثنية الإصحاح ثلاثة وثلاثون الآية ستة) "ليحيَ رأوبين ولا يمُت ولا يكُن رجاله قليلين".

كان مُقدّراً لقبيلة راوبين أن تُصبح علامة في تاريخ بني إسرائيل بسبب طرُق راوبين غير المستقرَّة وخطيئته. إنه مَبدأ توراتي بسيط وعميق في نفْس الوقت، وهو أنه بينما تُغفَر خطايانا بالتأكيد وتُدفَع عنا، فإنّ عواقب خطايانا يمكن أن تدوم طوال حياتنا وفي حياة أولادنا وأولاد أولادنا وما بعد ذلك. قد لا نُحبّ ذلك، لكنه كذلك. يُمكِن لأساليبنا الخاطئة أن تُدخِل في عائلاتنا خَصائص ضارّة وطويلة الأمد في آثارِها وكل ما علينا فِعْله هو أن نعيش طويلاً بما فيه الكفاية لنعرِف حقيقة هذا القول.

نقرأ بعد ذلك عن البَرَكات النَبوية التي أُعلِنت على قبيلتَي سمعان ولاوي.

اقرأ سِفْر التكوين الإصحاح التاسع والأربعين من الآية خمسة إلى سبعة

حُكمٌ آخر قاسٍ؛ لا شك أنّ هناك وارثان آخران مَذهولان. يرى يعقوب ابنيه الثاني والثالث في نفْس المَنظور، بِسِمات وخصائص شخصية مُتشابهة، لذلك على ما يبدو….. وأؤكد على كَلِمة "على ما يبدو"… يَتشاركان في مصير مشترَك. فهُما أخوان في العنف وهكذا سيكونان أخوَين في تجاوزاتِهما.

على عَكس إثم راوبين الأساسي الذي تمّ في الخفاء، فإنّ سمعان ولاوي ارتكبا إثمَيهما الأكبر على مرأى من الجميع، وكانا، علاوةً على ذلك، متكبّرَين وغير نادمَين على ما فعلاه!

دعونا نُعيد النَظر في ماهية إثم سمعان ولاوي العظيم، كما وَرَد في سِفْر التكوين أربعة وثلاثين.

اقرَأ سِفْر التكوين أربعين وثلاثين الآيات واحد واثنان وخمسة إلى سبعة وثلاثة عشرة إلى خمسة عشرة وخمسة وعشرون إلى سبعة وعشرين 34.

كان المغزى الأساسي لهذه البَرَكة هو أن لا يشترِك سمعان ولاوي في أرض الميعاد بنفس النِّسبة التي اشترضك فيها إخوتُهما؛ وذلك نتيجة لتَعطُّشهم للدماء وقسوَتهم، كما ظَهَر، على مواطني شكيم. بدلاً من ذلك، سيتمّ تقسيمُهم وتشتيتُهم وهذا ما حدَثَ بالضبط. لكن، دعوني أعطيكم تلميحاً قَبل أن نُلقي نظرة على ما حَدَث لسمعان ولاوي: تذكروا أنّ إحدى ديناميكيات الله الحاكِمة هي التقسيم…. التقسيم والفَصْل والإختيار. إنّ البشرية المخدوعة هي التي تنظُر إلى الانقسام على أنه أمْر سلبي تلقائي.

دعونا نَنظُر أولاً إلى سمعان، الذي سيُصبح أصغر قبيلة بحلول وقت إحصاء العدد السادس والعشرين؛ ومِثلُه مِثل راوبين، كافَح ببساطة للبقاء في الوجود والحِفاظ على هوّية قَبَلية مُنفصِلة. في إحصاء سكّاني وَرَد في الجزء الأول من سِفْر العَدد، قيل إنّ عدد سكّان سمعان كان تسعة وخمسون وثلاث مئة نسمة. لكن في غضون أربعين عاماً فقط، يُظهِر إحصاء سِفْر العدد ستّة وعشرون أنّ عدد سكانها قد تقلَّص بنِسبة تزيد عن خمسين بالمئة إلى اثنان وعشرين ألفًا ومئتا نسمة. الآن، فقط من أجل التوضيح، كان الإحصاء سيَكون للرجال فقط….وفقط للرِجال الذين هم في مُقتبَل العُمر وفي مُنتصَف العمر، وغالباً ما يُعبَّر عن ذلك في التعبير العبريّ بـ "الرجال القادرين على حَمْل السلاح". لذا، من المُحتمل أن يكون هذا في حدود عُمر العشرين إلى الخمسين سنة. لمْ يتمّ احتساب الذكور الأصغر والأكبر من ذلك والأطفال وكبار السِنّ والمُعاقين، وكذلك الإناث من أي عُمر أو مكانة.

بالإضافة الى ذلك، عندما وَجَدنا موسى يُشرِف على توزيع ميراث الأراضي على القبائل، أُعطي سمعان أرضاً داخل أراضي يهوذا….. تقنياً، وبشكل أكثر دقّة، مُدن مُعيَّنة داخل أراضي يهوذا. كانت أراضي شمعون مِثل شيء يُحقِّق الغاية المرجوّة بدقّة. كانوا مُحاطين تماماً بقبيلة يهوذا، والأسوأ من ذلك أنّ المنطقة التي كانوا يَحتلّونها داخل يهوذا كانت في المقام الأول النقب….. صحراء قاحلة.

ربما كانت شمعون أوّل قبيلة تم استيعابها بالكامل من قِبل القبائل الأخرى، حيث انضمّ بعضُهم إلى يهوذا وانضمّ آخرون إلى ما سيُعرَف في النهاية بإسم أسباط أفرايم العشرة الشمالية. حتّى أنّ هناك إشارة في أخبار الأيام الأول إلى أنّ بعضَ أفراد سبط سمعان تَركوا الأرض المقدسة تماماً وانضموا إلى أدوم……. تَذكَّر أنّ أدوم هم نسل عيسو، الأخ التوأم ليعقوب. قال يعقوب أنهم سيَتشتّتوا…… كم كان ذلك صحيحاً.

لقد عانى لاوي من مصير مُماثل، وإن لم يُكن مدمِّراً، فيما يتعلَّق بالأرض والمنطقة. لاوي، كما هو الحال مع سمعان، لم يُعطَ أرضاً خاصة به…. بل أُعطي هو أيضاً مدناً…. ثمانية وأربعين مدينة….. ولكن ضُمْن الحدود القَبَلية لكل قبيلة. مع ذلك، فقد تم تقسيم لاوي وفَصلُه ليُصبح الكهنة الخاصين بالله….بالعبرية، "كوهانيم" (كهنة الله). كان اللاويون هم الذين سيتولّون كل الأمور في خَيمة البريّة ثم في الهيكل. لذلك، بينما كان مصير سمعان إلى ضياع هويته القَبَلية وقُرْب انقراضِه، أصبح انفصال لاوي عن إسرائيل أمراً مقدَّساً.

يا له من أمْر مدهش أنّ نبوءة يعقوب تُصوِّر بدقة المصير المُتشابه بشكل ساخر، ولكن المُتناقِض في الوقت نفسه، لمصير سمعان ولاوي. انظروا مرة أخرى إلى الآية سبعة، نهايتها، حيث تقول: "…..أنا أفرِّقهم في يعقوب وأشتِّتهم في إسرائيل". كلا الأمرَين حدَث، ولكن كل منهما بطريقته الخاصة. انقسَم لاوي وانفصَل واختير بعيداً عن القبائل الأخرى ليُصبحوا كهنة لله، وتَشتَّت سمعان تماماً في كل قبائل بني إسرائيل الأخرى. حافظ لاوي على هويّتِه وفقد سمعان هويته.

في كثير من الأحيان سنرى في الكتاب المقدس عبارتَين أو جملتَين متعاقبتَين تبدوان مجرّد تكرار….. كما في الآية سبعة، "….سأفرِّق…..سأشتِّت". عادةً ما يكون هذا مجرد أداة أدبية عِبرية قياسية تُسمَّى مزدوجة أو ثنائية. لكن في أحيان أخرى، هناك رسالة خَفية ومهمّة يتم تقديمها وهي ليست نفس الشيء الذي يُقال، ولكن بطريقتَين مختلفتَين.

إسمحوا لي أن أذْكُر أيضاً، بالإضافة الى ذلك، أنه في حين يبدو، لدى الأنبياء على وَجه الخصوص، أنّ لا جدال في وجود الكثير من التكرار، إلا أنّ السَبب في الواقع هو شِبه استحالة ترجمة صيغة الكَلِمات العبرية إلى اللغة الإنجليزية، وأحد الأسباب التي تَجعل الأمر كذلك هو أنّ الكتاب المقدس قد وُضِع في الأصل في صيغة تهدُف إلى التعلُّم من خلال الكَلِمة المنطوقة ومن خلال السَمَع. هذا على عكس ترجماتنا الإنجليزية واللاتينية والفرنسية والألمانية التي كُتِبت بأسلوبٍ يُقصَد به أن يُستوعب من خلال القراءة. في حين أنّ الفَرْق بين إنشاء خطاب مُصمَّم ليتمّ استيعابه عن طريق الأذن، مُقابِل إنشاء مَخطوطة مُصمّمة ليتمّ استيعابها عن طريق النَظَر، قد لا يبدو واضحاً بالنسبة لنا،….. إلا أنّ الإختلافات كبيرة.

من المثير للإهتمام أن نُلاحظ، حتى في عصرِنا هذا، أنه يُنظَر إلى اللاويين على أنهم مُنفصِلون عن بقية بني إسرائيل. اليهود لا يُعتبرون اللاويين يهوداً……فهُم منفصِلون ومُتميّزون. حتى لو كان بقية العالم، من خلال الجَهْل، لا يقومون بهذا التمييز، فإنّ الله يفَعل، وبالنَظر إلى المكان الذي نحن فيه في الزمن النبوي، قد يكون من الحكمة بالنسبة لنا أن نفهَمه ونعترِف به، لأن الوقت الذي سيَلعب اللاويون مرة أخرى دوراً بارزاً في اليهودية قريب.

إذن، النتيجة النهائية لأقوال يعقوب هي أنّ الإخوة الثلاثة الأوائل، وهم الأكبر، قد حُرِموا من بَرَكاتهم وبَدَت برَكاتهم أشبه بلَعْنات بالنسبة لهم والآن، نأتي إلى الرابع في السلالة، يهوذا.

اقرأ سِفْر التكوين الإصحاح تسعة وأربعين الآية الثامنة إلى الثانية عشرة

أوَّل ما نلاحِظُه هو أنّ يعقوب لديه الكثير ليَقوله ليهوذا أكثر من إخوة يهوذا الأكبر سناً. تُخبِرنا العديد من الشروحات المُمتازة الآن أنّ يهوذا هنا يَنال بَرَكة البِكر. حسناً، هذا جزئياً فقط. كما ذكرتُ سابقاً، ما يناله يهوذا في الواقع هو جزء فقط من البَرَكة التي تذهب إلى البِكر. بما أنّ هناك عنصرَين أساسيَين في بَرَكة البِكر: واحد) الحصول على ضُعف ما يحصُل عليه أي وارث آخر من ثروة القبيلة، واثنان) توليّ القيادة والسُلطة الرّسمية على القبيلة، نرى أنّ ما وَرِثه يهوذا هو الجزء الثاني فقط: السُلطة والزعامة على القبيلة؛ وبالعودة إلى تكوين ثمانية وأربعين، فَقَد أُعطي يوسف الجزء الآخر من بَرَكة البِكر، وهو الجزء المُضاعف، وكان ذلك بشكل جُعِل إبني يوسف متساويَيْن مع جميع أبناء يعقوب. لذلك، حَصَل يوسف على اثنتان من اثنا عشرة حصّة من كلّ ما كان لإسرائيل من خلال ابنيه.

يهوذا هو الأسد…..الرَمز القديم للمَكانة المَلَكية… هو القائد الجديد لبني إسرائيل؛ ويهوذا، الذي يَعني التسبيح، سيَحظى بمديح إخوته وفي النهاية بمَديح العالَم كلِّه، لأنّ منه سَيخرُج ملوك إسرائيل المُكرَّسون من الله، والمسيح. ستأتي السلالة المَلَكية لداود من يهوذا وسيبقى الحَقّ في حُكم إسرائيل مع سبط يهوذا حتى يأتي شيلوه في النهاية.

الآن، ألقِ نظرة على الآية عشرة. هذه آية أخرى مُثيرة للجَدل في هذا الإصحاح. تَستخدِم بعض الأناجيل، كما في انجيلي، عبارة "لمَنْ تَحقّ له الطاعة" بدلاً من كَلِمة شيلوه.

دعونا نلقي نظرة على ذلك، لأنه أمر مثير للإهتمام، إن لم يكُن مُهماً.

أولاً، تَظهَر كَلِمة شيلوه في أقدم المَخطوطات التي لدينا، وفي الترجمة السبعينية التي كانت ترجمة يونانية لأسفار العهد القديم التي وُضِعت قَبل المسيح بـمئتين وخمسين سنة. إذاً، كَلِمة شيلوه، بكل ما هو واضح بشكل مَعقول، هي جزء من النص الأصلي. سنرى لاحقاً في أسفار العهد القديم أنّ هناك مدينة في كنعان تُدعى شيلوه، وهناك ستَستقِرّ خيمة البرّية لسنوات عديدة. من المثير للإهتمام أنّ شيلوه ستكون في إقليم أفرايم. هذه هي في الواقع أوّل مَدينة مقدَّسة في الأرض المقدَّسة. بينما نُفكِّر جميعاً في أورشليم في هذا الصدد، في الواقع كانت شيلوه أولاً، وبعد ذلك انتَقَل شَرَف كونِها أقدس مدينة إلى أورشليم. لكن، حتّى في ذلك الحين، ظلَّت شيلوه مدينة مقدَّسة في إسرائيل لقرون قادمة، في المَرتبة الثانية بَعْد القُدس. يعتقد بعض العُلَماء أنّ مدينة شيلوه هذه هي المدينة المُشار إليها في هذه الآية، رغم أنها بالطبع لم تكُن موجودة بعد وقت مُباركة يعقوب، ولكن، إذا جَعَلنا معنى شيلوه في بَرَكة يعقوب هو إسم مدينة مُستقبلية، فإنّ الآية لا يكون لها الكثير من المعنى، لأنه من المؤكد أنّ عصا المَلِك… أي سُلطة الحُكم…. لم يخرُج من يهوذا عندما تأسّست مدينة شيلوه، ولم تنخفِض قيادة يهوذا كما تنبأنا هنا، لذلك لا ينبغي أن نَعتبِر أنّ هذا يعني مدينة.

التفسير الشائع التالي هو أنّ شيلوه ما هي إلا كَلِمة تحمِل معنى "لمَن تَحقّ له الطاعة"، وهذا ما نَجِده في معظم نسخ الكتاب المقدس؛ وفي حين أنّ هذا بالتأكيد له دلالة على الإشارة إلى المسيح، إلا أنّ تحقيق هذا المعنى يَتطَّلب في الواقع افتراض أنّ أحد الحروف في كَلِمة "شيلوه" قد وَصَل إلينا بشكل غير صحيح…. أي أنّ العبرية كانت خاطئة في التهجئة (أنّ حرف "شين" العبري كان يجب أن يكون "سين"). لا يوجد دليل على أنّ الأمْر كان كذلك، وحتى لو بدا لنا أن هذا التفسير يُوفِّر لنا إجابة لطيفة عن ماهية "شيلوه"، فلا ينبغي أن نَقبَل مِثل هذا الأمْر الذي لا يَثِق في الكتاب المقدس كما هو، من دون أن نعدِّلَه بما يُساعد على تحقيق إجابة تُناسِبُنا.

التفسير الأخير والأكثر ملاءمة، هو أنّ شيلوه هو إسم آخر للمسيح، وبعبارة أخرى، شيلوه إسم علم، وفي هذه الحالة هو إسم. ما يثير السخرية نوعاً ما هو أنّ التفسير السابق هو محاولة لإثبات الطبيعة المسيانية لهذه الآية من قِبل مسيحيي العصر الحديث الذين اعتبروا أنّ الكَلِمة العبرية الأصلية شيلوه ليس لها معنى حَرفي يمكنهُم اكتشافُه…. لذا، اختلقوا واحداً.

مع ذلك، بدءاً من أقدَم تفسير عبري موجود (المسمّى بريشيت رابا)، يَتّفِق غالبية حكماء وعلَماء العبرية منذ زَمن بعيد، على أنّ شيلوه هي مسيانية مَحضَة في طبيعتها. إنه يتحدَّث عن المسيح، شيلوه. إذاً، في النهاية، لو لم يكُن لدى المسيحيين، على مدى ألف وتسعمئة سنة مَضَت، مِثل هذا العداء لليهود، لكان بإمكانهم أن يَجدوا مصادر مُبكِرة جداً لاعتقادهم بأنّ "شيلوه" هذا يَتحدَّث عن يسوع الناصري القادم؛ ولكن بدلاً من ذلك، كان عليهم أن يُحرِّفوا بعض المعاني حولها، وهذا ما يُخجِلنا، والتي انتهَت في الأخير إلى نفس النتيجة، على أي حال!

إذاً، بدءاً من هنا في سِفْر التكوين تسعة وأربعين، لدينا نبوءة بأنّ المسيح سيأتي من العِبرانيين، أمّة إسرائيل، سبط يهوذا، عائلة داود. بالاستفادة من الإدراك المُتأخِّر الذي لدينا الآن، بمعرِفة من هو المسيح، لن يكون من الخطأ بأي حال من الأحوال قراءة تكوين تسعة وأربعين الآية عشرة على أنه نبوءة مُحقَّقة، أليس كذلك؟ ….. " لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ (يسوع المسيح) وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ". وبالطبع، لقد انتقَل بالفِعل إلى يسوع.

أمْرٌ آخر عن يهوذا وسوف نَمضي قدماً. لدى اليهود المُتديّنين مُشكلة كبيرة اليوم. ما زالوا يؤكِّدون، وهم على حق، أنّ المسيح المُنتظَر…. أو، على الأقل أحدهما (لأنّ الكثير من اليهود يَعتقدون أنه سيكون هناك اثنان) …. سيكون من سبط يهوذا، وبشكل أدقّ، من عائلة داود المَلَكية اليهودية. لكنهم بالطبع لا يَعترفون بأنّ يسوع الذي أعلَنَ عن نفسِه حوالي عام ثلاثين ميلادي هو ذلك المسيح. لذا، فإنّ المُشكلة هي أنه عندما يأتي ذلك اليوم المُنتظَر ويكشِف "المسيح" عن نفسِه على هذا النحو، كيف سيَتمكَّن اليهود من أن يُثبِتوا أنه هو بالفِعل، بالطريقة التي يُفضِّلونها لإثبات مِثل هذه الأمور…….بالأنساب؟ لأن مكان السجلاّت في أورشليم في عام سبعين بَعد الميلاد، وكل وثيقة تُثبِت نَسَب كل عائلة يهودية قد دُمِّر، بالإضافة إلى ما يقارب ألف وتسعمئة عام من النفي والتشتُّت الذي عانوا منه بعد ذلك، قَبْل أن يعودوا إلى إسرائيل التي وُلِدت من جديد في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين. لا توجد أي طريقة لأي شخص حَيّ اليوم يَدَّعي أنه يهودي، لإثبات ذلك من ناحية الأنساب. لقد كان يسوع قادِراً على إثبات ذلك، ولم يكُن نَسَبه أبداً، حتى يومنا هذا، مَحلّ نزاع بين اليهود؛ حتى اليهود المتشددّين اليوم يَعترفون بسهولة أنّ يسوع الناصري كان موجوداً وأنه كان من سبط يهوذا وأنه كان من سلالة داود. مع ذلك، وبسبب العمى الذي تَغلَّب على الكثير من بني إسرائيل، لا يُمكِنهم أن يرَوا حقيقة أنّ يسوع هو المسيح، أو من الميؤوس منه أن يَتمكّنوا أبداً من إثبات أنّ من يَعتقدون أنه سيكون المسيح هو بالفِعل المسيح.

في الأسبوع القادم، سنُلقي نظرة على بَرَكات الأسباط المُتبقّية، بدءاً من الطِفلَين الأخيرَين اللذين أنجبتْهما له ليا، زوجة يعقوب الأولى.