9th of Kislev, 5785 | ט׳ בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التكوين » سِفْر التكوين الدرس السادس – الإصحاح السادس
سِفْر التكوين الدرس السادس – الإصحاح السادس

سِفْر التكوين الدرس السادس – الإصحاح السادس

Download Transcript


سِفْر التكوين

الدرس السادس – الإصحاح السادس

قيل شيءٌ في الأسبوع الماضي في سِفْر التكوين الإصحاح السادس الآية الثالثة عشرة سيَجعُلنا نأخذ مُنعطَف رائع (ومُثير للجَدَل بالتأكيد).

(ترجمة كينغ جايمس) تكوين ستة الآية ثلاثة عشرة قال الله:"قَدْ جَاءَتْ نِهَايَةُ جَمِيعِ الْمخلوقات الْحَيِةّ أَمَامِي، لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ بِسَبَبِهِمْ عُنْفًا. سأدمِّرهم وسأدمّر الأرض".

عندما وَاجهنا هذا المَقطع في الأسبوع الماضي رأينا بالضَبط ما الذي جعَل الله يُدمِّر الأرض بالطوفان، والمُدهش أنّه قال إنّ كلّ "المخلوقات الحيّة"(البسار)، التي كانت هي السبب. لقد ألقى الرَب باللوم على الجِنس البشري والحيواني في خَراب كوكب الأرض، لكنه لمْ يُلقِ باللوم على الشيطان.

يَقول الحُكماء العبريون شيئين مُهمّين عن الشَر لا نَجدهما بشكل عام في العقيدة المسيحية، وهما أنّ البَشر لديهم نَزعة خَير ونزعة شَر في داخلِهم.

ويقولون إنه بسِبب هذين المَيلَين المُتعارضين لدينا القدرة على اتّخاذ خيارات أخلاقية. ولكن، هناك مسألة أكثر صعوبة نَتعامل معها وهي أنّ الكتاب المقدس يَزعَم أنّ الله خَلَق الخَير والشر معًا، وإنْ لم يكُن بالضرورة بالمعنى الذي قد يَتبادَر إلى الذهن على الفور.

هل يُمكن أن يكون إله إسرائيل، خالِق كل ما يُرى وما لا يُرى، قد خَلَق الشر أيضًا؟ لقد قلتُ مرارًا وتكرارًا أن البشر لا يملِكون ولن يَملكوا أبدًا مفردات يمكِنها أن تصِف بدقّة وبشكل كامل أشياء عالم الأرواح. نحن أيضًا في حيرة من الكَلِمات التي يُمكن أن تُعبِّر بشكل كامل عن عَقْل الله. يبقى أصل الشرّ (كيف وَصَل إلى هنا، وما هو، وكيف يَعمَل) إحدى تلك المواقف الغامضة والمُحيّرَة.

ولكي نُناقش هذا الموضوع المحير والحاسم في الوقت نفسه نَحتاج إلى أن نُعالِج عدّة مبادئ لا يبدو أنّ لها علاقة كبيرة به ظاهريًا. ولكن مِن دون استكشاف هذه المبادئ بإيجاز كخارِطة طريق لرِحلتنا، لا يُمكننا الوصول إلى هدفِنا.

لذا أريد أولاً أن أتحدَّث عن كيفية عمَل كوننا لأننا خاضعون لقوانينه وحُدودِه وقيودِه. الله لم يَخلُق الكون، وَوَضَعنا داخله، ثم تَوقَّع منا أن نعمَل بطريقة ما ونفهمَ كما لو أننا لسنا جزءٌ لا يَتجزّأ من

هذا الكَون (على الأقل نحن جزء منه لفترة من الزَمن).

يَملِك كوننا سمات مُحدَّدة على الرغم من أننا في بعض الأحيان لا نَتوقّف للتفكير فيها. دعوني أخبركم باكتشاف عِلْمي حديث جدًا لدرجة أنكم ربما لم تَطّلِعوا عليه بَعْد. وهو أنّ مجموعة عُلماء الفيزياء في العالم قد توصَّلوا الآن إلى اتفاق عام حاولوا تَجنّبَه لعقود من الزمن، وهو أنّ الكون قد خُلِق بتصميم وليس بِسلسلة عشوائية من التفاعلات الكيميائية التي كانت نهايتها سعيدة نسبيًا. لمْ يكن الأمْر أنّ الفوضى حَقّقت النظام بالصُدفة. الآن هذا ليس خبرًا جديدًا بالنسبة لنا كمؤمنين بإله إسرائيل ولا بالنسبة للمليارات على هذا الكوكب الذين يَعتنِقون دينًا أو آخر يَعترفون بموجبه بخالِق (أسمى من البشر). ولكن عندما يكون المُجتمع العِلمي الذي كان على مدى القرنَين الماِضيَين مُعارِضًا تمامًا لمجرّد التفكير في أنه يجب أن تكون هناك قوة أو كائن كوني ذكي مُهيمِن موجود، أسمى بكثير من الإنسان، يُنظِّم الطريقة التي يَسير بها الكون، فإنّ أول ما يجب أن يتساءل المرء عنه هو السبب؟ بعد توصُّل علماء الفيزياء والرياضيات اللاأدريون تاريخيًّا إلى هذا الاستنتاج نفسه، علينا أن نَسأل "ما الذي تَغيَّر"؟ ولكن علينا أن نُدرك أيضًا أنهم في أذهانهم لا يَعترفون بالله بأي شكْل من الأشكال؛ على الأقل يَعتقدون أنّهم لا يَعترفون بذلك.

إنّ الاكتشاف الأخير (ضمن سِلسلة كاملة من الاكتشافات) الذي تُسبِّب في هذا التحوُّل الكبير في تفكيرهم (وهو اكتشاف يَفوق حتّى عَمَل أينشتاين الذي غَيّر العالم لتطوير نظريته الشهيرة عن النسبيّة)، هو اكتشاف دَليل لا يمكن إنكاره حول وجود عشرة أبعاد على الأقل، وربما إحدى عشر بُعْدًا. هذا الاكتشاف هو جزء من عالَم جديد بالكامل في الفيزياء وعلى رأسه نَظرية الأوتار.

ما يَجعَل فكرة الأبعاد العديدة هذه صعبة الفَهم بعض الشيء هو أنّ كوننا يَتكَّون من أربعة أبعاد فقط من تلك الأبعاد العشرة أو الأحد عشر وتلك الأبعاد الأربعة هي الطول، والعرْض،الارتفاع والزمن. الارتفاع والعرْض والطول هي مقاييس للفَضاء؛ لذا يَتحدّث العلماء عن كونِنا الزماني والمكاني. وبغضّ النظَر عن مدى بُعْد تلسكوباتنا الفضائية التي تدور في الفضاء والتي قامت بالتَحديق والفحْص والقِياس، فإنّ تلك الأبعاد الأربعة هي كل ما يُمكِن أن ترصُدَه. فإذا كان الأمر كذلك، فماذا عن تلك الأبعاد الستة أو السبعة الإضافية؟ أولاً هي غير موجودة، في حدّ ذاتها، في كونِنا. بل هي موجودة في "كَون" آخر (وهو ما يُسمّيه هؤلاء الفيزيائيون بالأكوان المتوازية). ليست أكوانًا متوازية بمعنى أنّ هذه الأكوان الأخرى المَوجودة في أبعاد أخرى تُشبِه وَضْع مرآة أمام جسمٍ ما والحصول على صورة مَعكوسة، ولكن مُتوازية: بل بمعنى أنّ هذه الأكوان المُتوازية مَوجودة في نفس الوقت مع كوننا؛ فقد تكون موجودة بالفِعل داخل كوننا (لكن لا نملِك وسيلة لرصْدها) أو قد تكون موجودة خارج كوننا تمامًا (أو ربما مزيج من الاثنين).

قد يبدو هذا الأمْر بعيدًا بعض الشيء بالنسبة لنا، لكن في الحقيقة لا يَنبغي أن يكون كذلك. إذا قرأتم كتابات الحُكماء العبرانيين القدماء ستَجدون أنّ بعضَهم وَصَف أبعادًا مُتعدِّدة. وصَدِّقوا أو لا تصدِّقوا، فإنّ هؤلاء الحُكماء (الذين عاش بعضهم قبل المسيح بفترة طويلة) أشاروا إلى أنّ الكتاب المقدس يَكشِف عن عشرة أبعاد، بالإضافة إلى بُعْد آخر، وهو البُعْد الحادي عشر، وهو الله. والآن يُخبرُنا الفيزيائيون المُعاصرون أنه من وجهة نظر رياضية، وبِسبب الطريقة التي لا يُمكن تفسيرها والتي تَتصَرَّف بها الطاقة والمادّة بطريقة أخرى، أنّ هناك بالضرورة أبعادًا أخرى موجودة أكثر من الأبعاد الأربعة التي يُمكننا مُلاحظتها في كوْننا. يقولون إنه يَجب أن يكون هناك عشرة أو حد عشر بُعْدًا.

لمُساعدتِنا في تكوين صورة ذهنية عن هذا المفهوم، كل ما علينا فِعْلُه هو التفكير في السماء كما وُصِفت في الكتاب المقدس؛ فمِن الواضح أنّ السماء لا تَخضَع لقوانين فيزياء كونِنا. لعلَّ أوْضَح دلالة على أنّ السِماء ليست مكانًا داخل كوننا هو أنّ السماء موجودة خارج الزَمن. تقول الكَلِمة أنّ سَماء الله أبدية. والأبدية تعني انعدام الزَمن؛ الأبدية هي حالة وجود لا زَمن لها. استمعوا إليّ جيدًا لأنّ هذا الموضوع مُفيد ومريح لعابدي إله إسرائيل. على عَكس ما يتمّ تصويره في كثير من الأحيان، الأبدية ليست تعبيرًا عن زمن طويل جدًا؛ بل الأبدية هي تعبير عن وجود عالم لا وجود فيه لبُعْد الزَمن (البُعْد الرابع في كونِنا).

لا يُشير الكتاب المقدس أو يَزعَم أنّ السماء جزءٌ من كونِنا. فكيف عاش الله في كوننا قبل أن يَخلُق كوننا؟ من البديهي أنه لمْ يَعِش في كوننا، بل عاش في مكان آخر. وهذا "المكان الآخر" هو في واحدة أو أكثر من تلك الأبعاد الأخرى التي تَتجاوز أبعادَنا الأربعة. خُلاصة القول: السماء لا تَسكُن في كوننا ذي الأبعاد الأربعة. أعتقد أنّ معظمَنا يَتوَافق على هذا الرأي؛ الغَرَض من قولي هذا الأمْر هو بناء سياق للخطوة التالية من مُناقشتنا حول خَلْق الشَرّ. والآن انتبهوا؛ صَدقّوني هذا عنصُر أساسي سيُفسّر الكثير عن موضوعنا الرئيسي عن الشرّ.

المعضِلة إذًا هي كيفية اكتشاف الأشياء أو فَحْص الأشياء أو حتى فَهمْ الأشياء التي تَقَع خارج الأبعاد الأربعة لكَوننا. والأمر الأكثر إلحاحًا هو كيف نَتَصوَّر الأشياء (كيف نَرسُم صورة ذهنية للأشياء) التي هي من خارج أبعادنا الأربعة؟ الحقيقة أننا لا نستطيع القيام بذلك بشكل جيّد. والسبب الرئيسي هو أنّ أجسادنا المادية مُقيَّدة باكتشاف الأشياء التي يُمكن لأعضائنا الحِسّية اكتشافها. فَعيوننا المادية تَكتشِف الضوء بأطوال مَوجية معيّنة، وآذاننا المادية تكتشِف حَركة موجات الهواء بِتردّدات معيَّنة، وحاسّة اللّمس المادية تكتشِف الحرارة والبرودة، والأسْطح الصَلبة، والناعمة، وغيرها. جميع أعضائنا الحِسّية البشرية تَستشعِر الأشياء المادية التي تُشكِّل كوننا. لذلك فإنّ الوسيلة الوحيدة التي نَملُكها لرَصْد تلك الأبعاد الإضافية هي من خلال البراهين الرياضية، أو من خلال اكتشاف السلوكيات الغريبة للأشياء المادية. ومن خلال هذه الوسائل نعرِف الآن أنّ هناك قوى أخرى تَلعَب دورًا غير تلك المُشترَكة في كوننا ذي الأبعاد الأربعة. على سبيل المثال، يمكننا أن نُلاحظ هذه الحالات الشاذة في الطريقة التي تَتصَرّف بها الجُسَيمات الذرية الفرعية وكيف يَتصرّف تَمَدُّد كونِنا. ولكن يمكننا أيضًا أن نُلاحظ هذه الأبعاد الإضافية من خلال تَجرُبة البحر الأحمر الذي يَنْشقّ للسماح لبني إسرائيل بالمرور إلى بَرّ الأمان، على سبيل المِثال.

قد يقول البعض منكم: "حسنًا أفهمُ أنّ من بين هذه الأبعاد الأربعة، هناك ثلاثة أبعاد فيزيائية بالفِعل: الطول والعَرْض والعَمق. ولكن، هل الزَمن، مادي حقًا؟ كيف يمكنني أن ألمِس الزَمن؟ هل لدينا أعضاء حِسيّة يمكنها اكتشاف الزمن؟"

الزَمن جزءٌ لا يَتجزّأ من الطبيعة الفيزيائية لكَوْننا. نحن أول من قاسَ الزَمن على الأرض بحَركة الأجسام السماوية ورَبَطْنا ذلك بتَغيُّر الفصول.

لقد فَرَض الله هذه الديناميكية عندما هيّأ كوكب الأرض للحياة؛ فنحن نُقيس سنة من الزَمن من خلال مُراقبة الشمس ومواقع النجوم والدورة المُنتظِمة للفصول على الأرض. نُقيس الشهر من خلال مراقبة مَراحل القمر. ونقيس اليوم و(حتى المائتي سنة الماضية) وحتى الساعات والدقائق من خلال حَركة الشمس عَبر الَسماء.

ولكن ما الذي نُقيسه بالفعل عندما نقول إننا نُقيس الزَمن؟ تكمُن الإجابة (جزئيًا على الأقل) في الطريقة المُستخدَمة لحِساب الوقت في أدقّ الساعات التي عَرَفها الإنسان: الساعات الذَرّية. تَستخدِم الساعات الذرّية الاضمحلال الثابت شِبه التام للمواد المشعة كمِعيار لها. الكَلِمة الأساسية هنا هي الاضمحلال. فكما أنّ الأمتار أو البوصات هي مَقاييس الفضاء (الأبعاد الثلاثة للارتفاع والعَرْض والعمْق)، فإنّ الزَمن هو قياس اضمحلال المواد الفيزيائية التي يَتكوَّن منها الكون (أنا وأنتم والصخور والمَعادن والخَرَسانة والغُبار الفضائي والغازات الخاملة وكلّ المواد). الزَمن هو الطريقة التي نَصِف ونقيس بها عمليّة اضمحلال كل ما يَتكوَّن منه كوننا وتَدهوُرُه وموته في النهاية. كل شيء في كوننا يَتْلَف. هل تعلمون ذلك؟ هذا ليس مُعتَقَدًا فلسفيًا أو دينيًا، إنها مجرد حقيقة عِلميّة وهي المبدأ الأساسي لكلّ فيزيائنا. والكِتاب المقدس صريحٌ حول هذا الأمر أيضًا.

لكن وراء الطبيعة الفيزيائية للأشياء هناك أيضًا "شيء" غامِض موجود في كوْننا ليس جزءًا من تلك الأبعاد الأربعة؛ شيء لا يُمكِن تفسيره أو قياسه بتلك الأبعاد الأربعة ولا يُمكن اكتشافه بأي طريقة ابتكرَها الإنسان أو سيَكتشفُها أبدًا. وهذا الشيء الغامض هو ما نُسمّيه الروح. كيف أعرِف أنّ الروح موجودة؟ لأنه بالإضافة إلى حقيقة أنّ الكتاب المقدس يقول إنها موجودة إذا اختبرتها في حياتي، لقد أثْبتَتْ لي تجارُب حياتي الخاصة مع الله ذلك. هذه الروح موجودة فينا (هي في الواقع تُحافِظ على حياتنا لأنه مع مغادرتها يَتوقَّف وجودنا). كيف دَخَلت هذه الروح فينا؟ وَضَعَها الله فينا. أين تُقيم فينا؟ حسنًا، يقول الكتاب المقدس إنها في قلوبنا، لكنه في الواقع لا مَكان مُحدَّد لها. في هذا السياق يَجب أن يؤخذ مصطلح القَلْب على أنه تعبير مَجازي.

والمذهل أننا إذا وثِقنا بالله، فإنه سيَضَع روحه الخاص (روحَه القدوس) فينا. إنّ الروح القدس هو نوع آخر من الجَوهر الروحي الذي يَختلِف نوعًا ما عن نوع الروح (أسمّيه روح الحياة) الذي هو قوّة الحياة الأساسية في جميع الكائنات الحَيّة (الإنسان والحيوان). كِلا هذين النوعين من الروح، النوع الذي يُحرِّك كل الحياة الحيوانية العضوية والنوع المقدس الذي يَسمَح بالتواصل بين الإنسان والله، لا يَرتبطان بأي شَكْل من الأشكال بكَوْننا رباعي الأبعاد، أو مخلوقان من كونِنا رباعي الأبعاد، أو خاضعان لقوانينه. ومع ذلك فهذه الأنواع موجودة. هناك طريقة جيدة للتَفكير في الروح كبُعْد خامس موجود في كوننا، لكنه ليس من كَوننا.

جزءٌ من السبب الذي يجعلُنا نواجه الكثير من المشاكل مع مفهوم الرّوح هو أنه لا يُمكن اكتشافُها أو معرفَتُها بحواسِنا العقلانية. لقد خَلَق الله الإنسان والحيوان من المادة المادية (المَلموسة) لكونِنا: في حالة الإنسان، كانت المادّة عبارة عن تُراب. لكنه بالإضافة إلى ذلك، أحَضَر شيئًا من خارج حدود كوننا، من خلال الكَون، وَوَضَعه في مخلوقاته الحيّة؛ هذا الشيء يُسمى الحياة، أو، روح الحياة. بل أكثر من ذلك وَضَع الرَب جانبًا آخر من ذاته في الإنسان (وليس الحيوان) وهو القدرة على مَعرفتِه والتواصل معه. هذا ما يُسمّيه الكتاب المقدس الروح البشرية.

عندما خَلَق الله كوننا كانت الحالة الطبيعية للكَون (على الأقل هكذا كانت على كوكب الأرض) هي الظُلمة.

ترجمة الكتاب المقدس النموذجية الجديدة تكوين الإصحاح واحد الآية واحد في البدء خلق الله السماوات والأرض .اثنان وَكَانَتِ الأَرْضُ من دون شكل وَخَالِيَةً، وَعَلَى سَطْحِ الْعُمْقِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ تتَحَرَّكُ عَلَى سَطْحِ الْمِيَاه ثلاثة ثُمَّ قَالَ اللهُ: "لِيَكُنْ نُورٌ"، فَكَانَ نُورٌ.

كان كل شيء مظلِمًا، ثمّ من المكان الذي خَرَج منه كوننا، جَلَب الله النّور إلى هذه الظُلمة. الآن هذا النور في تكوين الإصحاح ثلاثة الآية واحد لم يكُن "نورًا" بمعنى ما يأتي من مِصباح أو سِراج (مع أنه في النهاية أتى بذلك أيضًا بواسطة أجسام تَنبعِث منها النور في السماء) بل كان نورًا بمعنى الاستنارة الروحية (في العبرية "أور" التي تعني الحقّ والخَير…روح الحق والخير). يجب أن نَفهَم أهمية هذا الأمر لأنّ الكَلِمة العبرية المُستخدَمة للتعبير عن ظلُمة الحالة الأصلية للكَون هي" تشوشك" والتي تَعني الغموض، الباطل، العَمى. تشوشك هي روح الشرّ، أي انعدام الاستنارة الروحية. لا يَعني الظلمة كما في الليل.

إذًا، ما خَلقَه الله أوّلاً هو روح الحَقّ وروح الخير الذي يُسمّى في العبريّة أور.

حسنًا، لنُضِف قِطعة أخرى إلى الأحجية: من أين جاء الخير والشر؟ بِسبب الطريقة الصارمة التي يعمَل بها كَوننا (تنعكس بشكل عام في قوانين الفيزياء) كل شيء فيه يَجب أن يكون له نَقيضَه وهو كذلك بالفعل. في الكهرومغناطيسية الكهربائية، إذا كانت هناك شُحنة موجبة فلا بد من وجود شحنة سالبة أيضًا لأنهما مُرتبطان ببعضهما البعض. دعوني أصيغ ذلك بطريقة أخرى؛ في كوننا إذا كان هناك بعيد، فهناك بالضرورة قريب. إذا كان هناك أعلى فلا بدّ أن يكون هناك أسْفل. إذا كان هناك قصير، فهناك بالضرورة طويل. إذا كان هناك مقدِّمة، فهناك بالضرورة مُؤخِّرة. إذا كان للعُمْلة المعدنية وَجه، فلا بد أن يكون لها جِهة أخرى (أعني بذلك أنّ العُملة المعدنية يجب أن يكون لها وجهان) لأنه من المُستحيل في كوننا أن يوجد شيء ليس له وجهان مُتعاكسان. إذا كان هناك مُستقبل، فلا بد أن يكون هناك ماضٍ وحاضِر لأنّ تلك هي الطريقة التي يَعمَل بها الزمن، البُعْد الرابع. ولكي تَعمَل بالطريقة الحالية التي يَعمَل بها كَوننا، إذا كانت هناك حياة، فلا بد أن يكون هناك مَوت. بغضّ النظر عن الظاهرة التي يُمكنك التفكير فيها، هناك ظاهرة مُعاكسة في تركيبة الكون رباعي الأبعاد الذي نَعيش فيه. لمَ؟ هل يَجب أن يكون الأمر كذلك؟ نعم، لأنّ الله صَمَّمه بهذه الطريقة. استَعْمَل هذه الطريقة باعتبارها الآلية التي سيَستخدِمُها لإنجاز كل ما أراده. هل كان بإمكان الله أن يَفعَل ذلك بطريقةٍ مختلفة؟ ذلك واضحٌ، لأن وجود أبعاد أخرى هو دليلٌ على تواجد اختيارات أخرى.

وبِسبب مبدأ التَضاد (وهو قانون فَرَضَه الله على كوننا) ولكي يوجد الخَير بِشكْل ما في كوننا فلا بدّ أن يوجد نقيضه، أي الشرّ، أيضًا. دعوني أكرر ذلك مرّة أخرى: لأن كوننا يَتطّلب وجود نقيض له، إذًا إلى جانب الخير، يوجد الشر. لا يمكنك الحصول على أحدهما دون الآخر. إنهما مُتّصِلان. إنها ببساطة الطريقة التي يعمَل بها كوننا رباعي الأبعاد. لكن خارج كوننا (كما في السماء أو في بعد آخر) هذا ليس بالضرورة صحيحًا. وفي الكون الجديد الذي سيَخلُقه الله (السماوات والأرض الجديدة التي نقرأ عنها في نهاية سِفْر الرؤيا) في نهاية الفَترة المَعروفة بالملكوت الألفي، لن يكون هناك سوى الخَير، والشر لن يَكون موجودًا لأنّ القوانين التي تَحكُم كوننا الحالي (كما نَعرِفها) ستُلغى. إنّ الأشياء التي تَعمل في تلك الأبعاد الستة أو السبعة الأخرى التي تَقعَ خارج أبعادنا الأربعة لا تَخضَع بالضرورة لقواعد الأضداد؛ وعلى ما يبدو في السماء، لا يُطلَب أي نقيض، على الرغم من أنه يَجِب علينا أن نَحسُب حِساب الشيطان والملائكة الساقطين بطريقة ما.

والآن بالنسبة للسؤال الأهم والموجِع حقًا: من أو ما الذي يَتسبّب في حدوث الشرّ؟ أو حتى أفضل من ذلك، من أو ما هو خالِق الشر؟

دعونا نقرأ في إشعياء خمسة وأربعين الآية سبعة خالِق النور وخالِق الظلمة، خالِق الخير وخالِق البلاء، أنا الرَب الذي يَفعل كل هذا.

يبدو هذا جيدًا بالنسبة لمُعظمنا؛ لا يُزعجنا كثيرًا أنّ الرَب الذي خَلَق النور والظلمة يسبب الرفاهية ويَخلُق المُصيبة. وبقدر ما قد نَتمنّى لو لم يَقُل الكتاب المقدس أنّ الله يَخلُق المصائب (وهو أمْر قد يؤثّر علينا شخصيًا) فإننا نَقبَل ذلك بسهولة. يا لَيت الأمر بهذه البساطة والوضوح.

إنّ الآية التي قرأناها للتو مأخوذة من ترجمة الكتاب المقدس النموذجية الأمريكية الجديدة؛ وهو يَستخدِم طريقة ترجمة تُسمَّى "الترجمة الديناميكية". انظروا الآن إلى نَفْس الآية في ترجمة أكثر حرفية ومباشرة: ترجمة كينغ جيمس إشعياء خمسة وأربعين الآية سبعة أَنَا أَكُونُ النُّورَ وَأَخْلُقُ الظُّلْمَةَ، أَنَا أَصْنَعُ السَّلاَمَ وَأَخْلُقُ الشَّرَّ، أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يَفْعَلُ كُلَّ هَذَا. الآن هذا يجرح أحاسيسنا. تقول بصراحة أن الرب يخلق الشر. هل هذا ممكن؟ انظروا حتى إلى الكتاب المقدس: ترجمة الكتاب المقدس النموذجية الأمريكية الجديدة إشعياء خمسة وأربعين الآية سبعة أَنَا أَصْنَعُ النُّورَ وَأَخْلُقُ الظُّلْمَة:َ أَنَا أَصْنَعُ السَّلاَمَ وَأَخْلُقُ الشَّرَّ: أنا الرب أفعل كل هذه الأشياء.

هناك أربع كلمات عبرية رئيسية في هذه الآية: أور، تشوشك، شالوم و را. لذا، بِمَزْج الكَلِمات العبرية مع الكَلِمات العربية يُصبِح نصّ الآية "أصنَع أور" وأخلُق تشوشيك"؛ "أصنَع شالوم وأخلُق را". لقد دَرسنا كَلِمتَّي "أور و" تشوشك "، وهكذا نعرف أنهما كَلِمتان تدلاّن على فئتَين مُتقابلتَين من الطبيعة الروحية: الخير والشر. شالوم هي كَلِمة عبرية مثيرة للاهتمام ويمكننا أن نَستغرق الجلسة بأكملها في الحديث عنها، ولكن اليوم فقط اعلموا أنّ طبيعتها تَصِف الإحساس بالرفاهية والسلام والخير والتقوى والازدهار والنعمة التي تأتي عن يد الله؛ إنها مصدر إلهي (وبالتالي روحي) يَنتج عنه شالوم. الكَلِمة العبرية " را" لها معنى مُعاكس. را تعني الشر أو شرير. تذكّروا مبدأ الأضداد الذي تَحدّثنا عنه؛ مبدأ أنّ كل شيء موجود في كوننا له نَقيض (بدون استثناءات). إذًا كما ستُخبِرنا هذه الآية وغيرها الكثير، إذا كان الله يَخلُق النور فالظلمة أيضًا مخلوقة. إذا كان الرَب يَخلُق الظلمة فالشر أيضًا مخلوق. الله وراء كل ذلك، ويَتحكّم فيه كُلّه، ويَستخدِمُه كُلّه لأغراضه الإلهية.

فقط في ترجماتنا الحديثة للكتاب المقدس نَجِد كَلِمة "شر" مُستبدَلة بكَلِمات مِثل الكارثة والمُصيبة والويل. كَلِمة "را" العبرية تعني الشر. الآن المُصيبة والكارثة والويل، يمكن أن تَنتُج كُلَّها عن الشرّ، ولذلك يمكن استخدام هذه المصطلحات بطريقة ديناميكية لشَرْح الفعل الناتج، ولكن "را" تُشير مباشرةً إلى المعنى الروحي للشرّ وذلك لأن " را" هي عَكس "شالوم". لا تظنوا أنّ هذه آية مُنعزِلة تَتعلَّق بالشر، فهذه العبارة التي تُظهِر مباشرةً أنّ الرَب يتسبَّب في وجود الشر وحدوثه مُنتشِرة في جميع أنحاء سِفْر التكوين.

ترجمة جاي بي اس عاموس الإصحاح ستة الآية ثلاثة هَلْ يُنْفَخُ فِي الْبُوقِ فِي مَدِينَةٍ وَلاَ يَرْتَعِدُ الشَّعْبُ؟ هَلْ يُصِيبُ الشَّرُّ مَدِينَةً من دون أن يقوم به َالرَّبُّ؟

ترجمة جاي بي اس المراثي الإصحاح ثلاثة الآية ثمانية وثلاثين أليس من فَم العلي يخرُج الشر والخير؟

فلماذا يوجد الشرّ في كَوننا؟ لأن الله صَمَّم كوننا على أنه كَون من الأضداد، وبالتالي عندما خَلَق الله الخير جاء الشر إلى الوجود كنقيض طبيعي للخَير. وهنا يأتي مفهوم أساسي في درسِنا اليوم؛ فالله لمْ يَخلُق الشر بمعنى أنّ الله خَلَق الشر. فالله لمْ يَلتفِت إلى يمينه وخَلَق كومة من الخير ثم التَفَتَ إلى يَساره وخَلَقَ كومة من الشر. بل كان الشر نتيجةً لخَلْقِه الخير، ولِوَضْع روح الخير تلك في كوننا رباعي الأبعاد (كونٌ يجب أن يكون فيه لكل شيء نَقيض). إحدى الطرق الأسهل للتفكير في هذا الأمْر هي عندما نَتصوَّر أنّ الشر هو كل ما لا يأمُر به الله. الشر هو عكس ما يُسمّى "الخير" من قِبَل الله. اسمحوا لي أن أرسُم لكم تشبيهًا غير كامل باعتراف الجميع (ولكن مَعقول). الأمر يُشبِه الدخول إلى غرفة وإشعال مِصباح؛ نُشغِّل المفتاح، فتَتَدفَّق الكهرباء إلى أسلاك المصباح الكهربائي، فيَتوهّج، وبسرعة، نرى الضوء إلى الغُرفة. ولكن عندما نُدير المِفتاح في الاتجاه الآخر لإيقاف التَشغيل وتُصبح الغرفة مُظلمة، هل نكون قد أضَفْنا ظلامًا إلى الغرفة؟ هل عكس التيار الكهربائي نفسه في المصباح الكهربائي فامتصّ الضوء من الغرفة؟ أمْ أنّ الظلام صُنِع بنفس الطريقة التي صُنِع بها الضوء؟ لا؛ لأنّ الظلام ببساطة هو عَكس الضوء. إذا لم يتمّ إنتاج الضوء ووُجود هذا الأخير، فإنّ الحالة تبقى ظلمة. الظُلمة ليست شيئًا مَصنوعًا في حدّ ذاته؛ إنها ليست سوى غياب النور. وبَنفْس الطريقة فإنّ الشر ليس سوى غِياب الخير.

لذا دعونا نُلخِّص هذا بإيجاز الموضوع قبل أن نَتوجَّه إلى الخاتمة:

واحد- نحن نَعيش في كون يَتكوَّن من أربعة أبعاد: الطول، والعَرْض، والارتفاع، والزمن.

اثنان- ولكننا نعلَم الآن بشكل شِبه مؤكد أنّ هناك أكثر من أربعة أبعاد، ولكن يبدو أنّ هذه الأبعاد الأخرى ليست جزءًا من نسيج كَوننا. لذلك هناك أكوان أخرى تَستخدِم تلك الأبعاد الأخرى كسِمات لها.

ثلاثة- يُمكِن اعتبار الروح بُعْدًا ليس من كوننا… بُعْدًا خامسًا….. لكنها مع ذلك موجودة في الكائنات الحيّة. لا يمكننا أن نراها أو نُلاحظَها مُباشرةً لأنها خارج تلك الأبعاد الأربعة. يُخبِرنا الكتاب المقدس أنّ الروح أتَت من مكان آخر وَوَضَعها الله فينا.

أربعة- إنّ مبدأ الأضداد هو قانون تأسيسي رئيسي لكيفية عَمَل كوننا؛ يقول هذا المبدأ أنّ كل شيء يَجِب أن يَكون له نقيض (بدون استثناءات).

خمسة- نظرًا لمَبدأ الأضداد، فإنّ الشرّ موجود لأنّ الخير موجود.

ستة- الشرّ لم يَخلُقْه يَهوَه بمعنى الصِناعة؛ بل الشرّ هو نتيجة تعريف الله للخَير وخَلْقِهِ له. كل ما لا يُعرِّفُه الله على أنّه خَير هو شرّ.

عندما خَلَقَ الله الإنسان، أعطاه إرادة. منذ أول نفس للبشرية، مُنِحْنا الإرادة. لمْ يَكُن هناك وَقت لمْ تكُن لنا فيه إرادة. لو لمْ يكُن لِلبشر إرادة لكُنَّا ببساطة روبوتات من لَحم ودم مُبرمَجين مسبقًا على نمط سلوك مُعيَّن، عبيدًا حرفيًا لخالقنا.

إذًا ما هو الغَرَض من الإرادة وفائدتها؟ ماذا تَفعَل الإرادة؟ تُتيح الإرادة الخيارات الأخلاقية. إنّ إرادتنا هي ذلك الجزء من الإنسان الذي يَمنحُنا المعرفة بشأن الخيارات التي يَجب القيام بها، والقدرة على القيام بهذه الخيارات. كيف خُلِقت القُدرة على الاختيار في المقام الأول؟ بِخَلْق الله كونًا تَكون القاعدة الغالبة فيه هي أنّ لكل شيء نقيضه، هذه هي طبيعة الاختيار، أليس كذلك؟

دعونا لا نَستخِفّ بالهدف من الإرادة التي أعطانا الله إياها بالقول إنّ الأمر يتعلّق بـ "التفضيل". التفضيل ليس سوى فِعْل من أفعال عَقلِنا. الإرادة هي فِعْل تُوجِّهُه أرواحنا. بعبارة أخرى الإرادة ليست ذلك الجزء من الإنسان الذي يُفضِّل الفراولة على المَوز، أو الشوكولاته على الفانيليا، أو الأزرق على الأحمر. إرادتنا هي ذلك الجزء منا الذي يقوم بالاختيارات الأخلاقية؛ اختيارات الضَمير لا اختيارات الأنا. الأهم من ذلك هو أنّ الإرادة هي التي تُعطينا الخيار في أن نُحِبّ الله أو لا نُحِبّ الله، وهذا ما يُعبِّر عنه باختيارنا لطُرُق الله أو لا.

لذا، فبمجرّد أنّ الله أعطى الإنسان إرادة (أي أنّ الله أعطى الإنسان القُدرة على الاختيار الأخلاقي) فإنّ الإرادة أعطت الإنسان ما يُسمّى بـ " يتسر هارا " المَيل الشرير. إذا كان لدى الإنسان مَيل لفِعْل الخير (يتسر هاتوف)، لطاعة الله ومَحبّتِه، فلأننا نعيش في هذا الكَون الذي أعَدَّه الله من الأضداد، كان على الإنسان أيضًا أن يكون لديه مَيل وبالتالي قدرة على فِعْل الشر، قدرة على عدم طاعة الله ومَحبَّتِه. لماذا؟ إذا لم يكُن هناك اختيارات أخلاقية (إذا لم يكن هناك شيء مُتاح لنا سوى الخير)، عندئذٍ سيكون وجود الإرادة بلا مَعنى. سيكون الأمر أشبه بالانتخابات الكوبية؛ يُمكنكم التصويت لكاسترو أو يمكنكم التصويت لكاسترو. لا يمكنكم حتى أن تَختاروا عدم التصويت. ما معنى مفهوم "الانتخاب" إذا لم تكُن هناك خيارات؟ الأمْر نفسه يَنْطبِق على الإرادة الإنسانية؛ فبِدون الاختيار الأخلاقي تُصبح الإرادة باطلة ولاغية.

هذا المبدأ واضِح في الوقائع المحيطة بسقوط الإنسان، تلك اللحظة المشؤومة عندما عصى آدم وحوّاء الرَب وأكَلا من شجرة معرِفة الخير والشر. يُكشَف سيناريو مثير للاهتمام: خَلَق الله آدم ومن بعدِه حوّاء، بإرادة كامِلة (تذكّروا أنّ الله خَلَق الجِنس البشري على صورته ومن الواضح أنّ الله له إرادة). من كلّ المعلومات المُعطاة لنا، لا يَضَع الله أي شيء خارج الحدود للزوجَين الأولين؛ كل شيء مُتاح لهما.

الترجمة: لا توجد طريقة لمُخالَفة الله. لا شيء غير أخلاقي يمكنهما فِعْله. لا يمكنهما كَسْر القواعد لأنه لا توجد قواعد ليُخالفاها. لا يمكنها اتخاذ خيار سيء عندما لا توجد خيارات (مرة أخرى نحن لا نتحدّث عن التفضيلات). آه، ولكن كان هناك شيء واحد يُمكنهما أن يتّخذوا بشأنه خيارًا أخلاقيًا؛ قاعدة واحدة يمكنهم كَسْرها وتَدور حول شجرة معرفة الخير والشر. كانت القاعدة عَدم الأكل منها. وبعبارة أخرى، بدون وجود شَجرة معرفة الخير والشر والتقييد الإلهي ضد الأكل من ثمارها، لم يكُن هناك خيارات أخلاقية لآدم وحواء ليقوما بها.

من دون وجود شجرة مَعرفة الخير والشرّ، ومن دون أن يُخبِرَهما الله أنه لا يُمكنهما أن يأكلا منها، لما كان هناك سبب لوجود إرادة لآدم وحوّاء.

سؤال: هل كان لآدم وحوّاء أي مفهوم للخير والشرّ قبل السقوط؟ الجواب الواضح: كلا. هل كان لديهما أي مفهوم للأخلاق؟ كلا. كانت الأمور كما هي؛ لم يكن مَطلوبًا منهما التفكير في الطاعة مُقابل العِصيان لأنه لم تكُن هناك قوانين أو قواعد. ومع ذلك، عندما وَضَع الله شجرة مَعرفة الخير والشر أمامهم، وقال لهما ألا يأكلا منها وأُتيحَت لها فرصة لممارسة إرادتهم (على حدّ عِلْمِنا كانت الفرصة الأولى للقيام بذلك). الآن، أخيرًا، كان بإمكانهما أن يُصدِرا حكمًا أخلاقيًا. بل أكثر من ذلك، باختيارهما أن يَعصِيا الله قد اكتسبا بالفعل مَعرفة الخير والشر التي لم يَسبِق لهما أن واجهاها من قبل.

أعتقد أنه من الإنصاف أن نقول إنهما لم يُفكّرا أبدًا في إمكانية عِصيان الله أو لم يكن لديهما أي فكرة عن أنّ الشر سيَنتُج عن ذلك. لماذا؟ لأنه لم يكن لديهما أي معرفة عن الفَرْق بين الخير والشرّ….. لم يكن هذا المفهوم موجودًا بالنسبة لهما. ولكن عن طريق خداع الشيطان وإغوائه وبِقرار مُمارسة إرادتهما، اختارا أن يُعارِضا قاعدة الله الأخلاقية الوحيدة: ألاّ يأكلا من تلك الشجرة. وهكذا حَدَثت المَعصية الأولى ضدّ الله ومن هنا تَعلَّم آدم وحواء أنّ هناك أمْرًا اسمه الشر. نحن نُسمّي التَعدّي على الله خطيئة. دَخَلت الخطيئة الآن إلى العالم وما الخطيئة إلا فِعْل الشر.

هل تَرَون ما في الأمر؟ بدون اختيار لا يُمكن أن تكون هناك خطيئة. هذا له علاقة مباشرة بوقت متأخِّر جدًا في الكتاب المقدس عندما أُعطي موسى التوراة على جَبَل سيناء. استمعوا إلى ما يقوله بولس، وبينما تفعلون ذلك، فَكِّروا في شجرة معرفة الخير والشر.

ترجمة الكتاب المقدس النموذجية الأمريكية الجديدة رومية أربعة الآية ستة عشرة الناموس يجلِب الغَضب، ولكن حيث لا ناموس ولا مُخالَفة.

تَذكَّروا أنّ كَلِمة ناموس في العهد الجديد تعني عادةً التوراة. حيث لا توجد توراة (تَعليمات من الله) لا يُمكن أن تكون هناك مُخالَفة لله. والآن أرجو أن تفهموا ما يلي: كانت شريعة التوراة بالنسبة لإسرائيل ما كانت شجرة مَعرفة الخير والشر بالنسبة لآدم وحواء. والفَرق الأساسي هو أنّه في التوراة لم يكُن هناك سوى شريعة واحدة لآدم وحوّاء: لا تأكلا تلك الثمرة! كانت شريعة التوراة التي أُعطيت لإسرائيل على جَبَل سيناء تَحتوي على العديد من القواعد والأوامر، ولكن بنفس التأثير بالضبط. من خلال تلك القواعد والأوامر اكتَسَب إسرائيل مَعرفة أكثر عُمقاً للخير والشر.

استمعوا الآن إلى بولس وهو يَشرَح هذه الظاهرة حول الاختيار الأخلاقي في الإصحاح التالي من رومية: ترجمة الكتاب المقدس النموذجية الأمريكية الجديدة رومية خمسة الآية الثالثة عشرة لأنّه قبل الناموس كانت الخطيّة في العالم؛ ولكن الخطيّة لا تُنسب عندما لا يكون هناك ناموس.

وبِعبارة أخرى يقول بولس أنّه من المؤكد أنّ الخَطيّة والشَر كانا موجودين قبل الناموس، التوراة، التي أُعطيت لموسى على جَبَل سيناء. ولكن إلى أن أعلَنَ الله شرائعه لإسرائيل لم تَكُن هناك شرائع لتُخرَق. وبعبارة أخرى، عاش شعوب إسرائيل لفترة من الزَمن كما عاشَ آدم وحوّاء؛ لقد خُلِقوا بإرادة، لذا احتاجوا إلى خيارات وُضِعت أمامهم لكي يَستخدِموا إرادتهم. وعندما وَضَع الله قواعده، شريعته، توراته، أعطاهم مجموعة مَلموسة من الخيارات الأخلاقية التي تَحكُم جميع مراحل الحياة من العلاقات بين البشر، إلى العلاقات بين البَشر والله. وكان بإمكانهم أن يَختاروا إما أن يُحبّوه عن طريق طاعة توراته، أو أن يختاروا ألا يُحبّوه عن طريق عِصيان توراته.

لذا يَستنتِج بولس ما يلي: غلاطية ثلاثة الآية تسعة عشرة لماذا الناموس إذَن؟ لقد أُضيفَت بسبب المعاصي، بعد أن كُتب بواسطة الملائكة بوكالة وسيط، إلى أن يأتي النَسل الذي كان قد تمّ الوعد له.

غالبًا ما يُقال إنّ هذه الآية تعني "لماذا الناموس إذن؟ لقد أُضيفت "لخلْق المعاصي"…. وهذا صحيح بشكلٍ من الأشكال؛ إذا كان للإنسان إرادة فلا بد أن تكون له اختيارات أخلاقية. الناموس هو ما يُوفِّر تلك الاختيارات، وإذا كانت لدينا اختيارات، بسبب مُيولنا الشريرة وطبيعتنا الساقطة، فستكون هناك تَجاوزات.

دعونا نَعود الآن إلى سِفْر التكوين الإصحاح ستة الآية ثلاثة عشرة ونوح ونُطبِّق ما تَعلَّمناه. لمْ يَلُمْ الله الشيطان على إفساد الأرض بالشر، بل ألقى باللوم على البشر وجميع المخلوقات الحيّة.

هل كان هؤلاء البشر الذين لامهم أشرار بنسبة مئة بالمئة كما نوح وبَنيه لم يكونوا صالحين مئة بالمئة. هذه طريقة جيدة للنَظَر في حالتنا. إنّها قراءة خاطئة تمامًا لنصوص الكتاب المقدّس أن نقول إنّ البشر أشرار مئة بالمئة. الخير فينا (الخير بمعنى يتسر هاتوف المَيل الصالح)، ولكن من دون أن تَسكُن الروح القدس فينا لتوجيه استخدام هذا الخير، فحتّى دوافعنا تكون غير نقّية وخاطئة، وسيَكون تطبيقنا خاطئ، ومهما كانت نسبة الخَير فينا، يمكن أن تَتحوَّل بسهولة إلى شرّ. كيف يَحدُث ذلك؟ باستخدام نوايانا الصالحة بطريقة مُغايرة لمشيئة الله. وما ليس هو مشيئة الله، هو شرّ بطبيعته.

دعونا نَتحدَّث عن الشيطان لبضع دقائق، ونَكتشِف ما هو دوره في كل هذا الموضوع. لقد سَمعتُ الكثير من القساوسة والقادة المسيحيين ذوي النوايا الحَسنة يقولون شيئًا من قبيل: "لماذا نُمجِّد الشيطان بالحديث عنه". حسنًا، هذا يُشبِه قَول جنرال: "لا أريد تَمجيد عدوّي بمناقشة تكتيكاته واستراتيجيته". إنه فِكرٌ نبيل ربما، لكنه أحمق.

أولاً، لا يوجد حقًا الكثير من الشَرْح في الكتاب المقدس عن الشيطان كما قد يَعتقِد البعض. الكثير مما نعتقد أننا نَعرِفه عن الشيطان هو أسطورة وتقاليد مَسيحية ويهودية وعقيدة طائفية. باختصار هذا مُلخَّص لما نَعرِفه عن الشيطان مُباشرةً من الكتاب المقدس:

واحد-بدأ ككائن سماوي. الآن المُصطلح الشائع هو أنّ الشيطان مَلاك ساقط. اعتراضي الوحيد على ذلك هو أنه ليست كل الكائنات السماوية ملائكة. المَلاك كَلِمة عبرية مُحدَّدة للغاية: ملاش، والكتاب المقدس يَتحدَّث عن عدّة أنواع من الكائنات السماوية غير المَلائكة مثل السيرافيم والشيروبيم. نحن لا نَعرِف الكثير عن أيٍ من هذه المخلوقات، ولكنها خُلِقت وَوُضِعَت في تسلسل هَرَمي من القوة والسُلطة والوصول إلى الله، ويبدو أنّ هناك الشيروبيم الذين هم تحت الله مباشرةً وهم ليسوا ملاشيم، أي مِن الملائكة. استمعوا إلى حزقيال الإصحاح ثمانية وعشرين والآية اثنا عشرة، الذي يَفهَمُه جيدًا العُلماء العبرانيون والمسيحيون على حدّ سواء كواحد من أكثر الإحالات المباشرة إلى الشيطان في الكتاب المقدس كُلِّه: ترجمة الكتاب المقدس النموذجية الأمريكية الجديدة حزقيال الإصحاح ثمانية وعشرين الآية الثانية عشرة يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ نَوْحًا فوق مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ:"هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الإِلهُ"، كَانَ لَكَ خَاتَمُ الْكَمَالِ، مُمْتَلِئٌ حِكْمَةً، كَامِلٌ فِي الْحِكْمَةِ وَمُكَمَّلٌ فِي الْجَمَالِ. ثلاثة عشرة كُنْتَ فِي عَدْنٍ، جَنَّةِ اللهِ، وَكُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ كَانَ غِطَاءَكَ: الياقوت والتوباز والماس؛ البريل والعقيق والجزع واليشب؛ اللازورد والفيروز والزمرد؛ والذهب التي صنعت ترصيعك وزينتك، كانت فيك. فِي الْيَوْمِ الَّذِي خُلِقْت تمّ إعدادها". أربعة عشرة كُنْتَ أَنْتَ الْشاروب الْمَمْسُوحَ الَّذِي يُغَطِّي وَأَنَا وَضَعْتُكَ هُنَاك.َ كنتَ على جَبل الله المقدَّس، وسِرتَ في وسط حجارة النار.

لمْ يَكُن الشيطان ملاكًا بل ربما كان أحد الشاروبيم. لقد كان الشاروب المَمسوح؛ وهو مَنصِب رفيع وموثوق به للغاية. كان رفيعًا لدرجة أنه سُمِح له بالوصول الأقرب إلى الله نفسه. كان جميلًا، وكان قويًا، وكان من أعلى رِتبة ومَرتَبة.

اثنان) حارَب الشيطان ضدّ الله وطُرِح إلى الأرض مع بعض الملائكة الذين كان مسؤولاً عنهم، ويبدو أنهم وَقَفوا في صفِّه ضدّ الله. رؤيا الإصحاح الثاني عشر الآية السابعة وكانت هناك حرب في السماء، ميخائيل وملائكته يحاربون التنين. وَشَنَّ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَرْبًا، ثمانية وَلَمْ يَكُونُوا أَقْوِيَاءَ بِمَا فِيهِ الكِفَايَةُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمْ مَكَانٌ فِي السَّمَاءِ. تسعة وَأُلْقِيَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي تُدْعَى الشَّيْطَانَ وإِبْلِيسَ الَّذِي ضِلُلّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ

إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ إِلَى أَسْفَلَ.

هنا نرى الشيطان والملائكة الذين انحَازوا معه في تَمرُّد عَلني ضدّ الله يُطرَدون من السماء ويُرسَلون إلى كوكب الأرض. لم يَكُن ذلك الشاروب الخرافي وأتباعه من الملائكة أقوياء بما يكفي للتغلّب على ميخائيل والملائكة الذين كانوا تحت إمرته، لذلك خَسِروا الحَرب وحقّ الإقامة في السماء. الشيطان ليس بقوّة الله وليس حتى بقوّة شاروب آخر اسمه ميخائيل، لذا دعونا لا نُبالغ في تقدير قوة الشيطان.

ثلاثة) كما نرى في سِفْر الرؤيا تِسعة كان الشيطان مخادعًا. ومع ذلك كان ولا يَزال تحت سَيطرة الله. الله له غَرَض للشيطان، وهو أنْ يَخدعَ الناس ويُغْريهم على فِعْل الشّر (مما يعني أنّ الله له غَرَض من الشرّ). ما هو هذا الغَرَض؟ أن يُمنَح الناس خيارًا أخلاقيًا. بدون الفُرصة الفعلية والحقيقية لاختيار الشرّ ليس لدينا خَيار أخلاقي.

أربعة) الشيطان روح غير مُقدَّسة. الآن تأمَّلوا ما يلي من كل ما قُلتُه لكم: في كونِنا، كل شيء يجب أن يكون له نقيض. إذا كان هناك روح قُدُس موجودة في كَوننا، فلا بد أن يكون هناك روح غير مُقدَّسة تَعمَل إلى جانبها. الشيطان هو الروح غير المُقدَّسة. تمامًا كما أنّ الروح القدس هو تَجسيد لأطهر خَير (والخير فقط) وهو في الواقع الله، فإنّ الشيطان هو تَجسيد للشرّ البَحْت (والشرّ فقط) وهو في الواقع عَكس لله. وكما أنّ الله حقيقي، فإنذ الشيطان حقيقي.

دعونا نَتذكَّر أيضًا أنه على الرغم من أننا أصبحنا نَستخدِم الشيطان كاسم لأمير كل الشرور إلا أنّ الشيطان في الواقع هو في الحقيقة لَقَب. الشيطان هي الكَلِمة العبرية التي تعني "الخصم".

كذلك علينا أن نَخرُج من عادة إلقاء اللوم على الشيطان على كلّ فِكرة شريرة تُراودُنا أو عَمَل خاطئ نقوم به. الشيطان لا يَتحكَّم في أفكارنا. لدينا إرادة ولدينا الوسائل التي تُمكِّننا من الحصول على فَهْم شامل لما هو صالح. عن طريق إرادتنا، ومن خلال تَجاهُلنا أو رَفضِنا المُتعمَّد لتَعلُّم ما يقوله الله عن الخير والشر، فإننا غالبًا ما نَختار الشر، ولكننا نُعلِن أنه خير. هذا الأمر مُنتشِر في الكنيسة كما هو سائد في المُجتمع العِلماني.

تَعليق إضافي: أعتقد أنّ أحَد الأغراض على الأقل من حَبْس الشيطان طوال فترة حُكْم المسيح القادمة التي تَمتدّ لألف سنة هو أن يُعلِّمَنا عن طريق نبوة الكتاب المقدس، وأن يُبرهِن لأولئك الذين سيَعيشون خلال فترة الألف سنة تلك، أنه طالما أنّ الكَون رباعي الأبعاد موجود، وطالما أننا نَعيش في هذا الكون رُباعي الأبعاد، سَيكون لدينا مَيل بداخلنا لاختيار الشر والخير؛ وليس الشيطان هو الذي يُسبِّب هذا المَيل الشرير. فَكِّروا في الأمر: يأتي المسيح مرّة ثانية كمَلِك مُحارِب، ويَهزُم كلّ من يُحارِب الله ويَمنَع الشيطان بعد ذلك من الاتصال بالإنسان؛ فهو مَحبوس في الهاوية حيث لا يَستطيع أن يَخدَع أو يُغري أو يَتفاعل مع الإنسان بأي شَكل من الأشكال. كلّ إنسان على كوكب الأرض هو الآن مؤمن والمسيح جالِس على العرش بِشكل مَرئي. العالَم يَعيش في سَلام. لا شيء يحدُث سوى الخير.

ولكن في نِهاية عَهد الألف سنة تِلك، بعد أجيال عديدة من البَشر، تَبدأ تلك النَزعة الشرّيرة التي بَقيت في البشرية في التحرُّك مرة أخرى. يُطلَق سَراح الشيطان من المَكان الذي كان مَسجونًا فيه ويُسمَح له الآن بإغواء البشر ليَتبَعوه ويَندَلِع التَمرُّد. لا يزال لدى الإنسان بقايا ذلك المَيل الشرير في داخله، ويَعرُض عليه الشيطان خَيارًا أخلاقيًا فيَأخُذه. هنا البُرهان على أنّه بينما الشيطان هو بالتأكيد روح الشرّ، لكن ليس كلّ ما يَفعلُه الإنسان آتٍ منه، فالإنسان يَحمِل الشرّ في داخله ويَتّخِذ خيارات شريرة. الشيطان هو بالفعل مُخادِع ومُغرٍ، ولكن الإنسان ليس آلة تُنفِّذ طلباته. الإنسان هو الذي يَختار.

أُدرِك أنّ هذا الموضوع يُزعِج بعض العقائد الدينيّة المسيحية فيما يَتعلَّق بالشر، وقد تَعمَّقنا كثيرًا في موضوع الشر، ربما أكثر مما تَوقَّعتُم، لذا سأكتفي بهذا القَدْر لهذا اليوم. في الأسبوع القادم سنَنتهي من نوح وسِفْر التكوين ستة.