الدرس الثامن – خروج ثمانية وتسعة
خروج
الدرس الثامن – الإصحاحان ثمانية وتسعة
شهِدنا الأسبوع الماضي بِدء الأوبئة، أو أفضل من ذلك "الضربات" ضدّ مصر. كانت الضربة الإفتتاحية أن نهر النيل تحوّل إلى دَم، وكما ناقشنا، فإن المصطلح العبري للدمّ "دام"، يشير أيضاً إلى اللون الأحمر، ويعني ما يشبه الدم؛ لذلك من شِبه المؤكد أن مياه النيل لم تكن دَماً حقيقياً، بل كان لونها أحمر دموي. كان يمكن أن يكون شيئاً مثل المدّ الأحمر الشديد والسبب الذي يجعلنا نستنتج أنه لم يَكن دماً حقيقياً هو أنه أثّر على بني اسرائيل تماماً كما أثّر على المصريين. بَقيت المياه "حمراء دامية" لمدة أسبوع كامل. حتى المياه المخزونة تحوّلت إلى اللون الأحمر والفاسد. كان جِزء كبير من المصريين وبني اسرائيل سيموتون لو لم يكن لديهم أبداً ماء يشربونه لمدة أسبوع. تم تصوير هذا الحَدث على أنه أعجوبة عظيمة وليس كحدث دمار وموت. لذا، يبدو أنه من خلال تصفِيَة مياه النيل، يمكن إزالة معظم الطّمي أو الطحالب الحمراء، مما يجعلها صالحة للشرب.
عندما ماتت الضفادع بأمر من موسى، نقرأ عن المصريين الذين جَمعوها في أكوام عظيمة، فتحلّلت الضفادع وبعثت بِرائحة كريهة في جميع أنحاء الأرض.
حسناً، ما الذي يحدث عادةً في الطبيعة عندما يكون لدينا تَعفّن؟ تأتي الحشرات لتتغذى منه، وهذا ما سنراه بعد ذلك.
والآن، فقط لنكون واضحين: لا أريد أن أرسم صورة أن ما لدينا هنا هو ظاهرة طبيعية تماماً وصدفة تعمَلا معاً، مع قصة لطيفة من الكتاب المقدس محيطة بها، بل أن الله استخدم ظاهرة طبيعية، مأخوذة إلى أقصى حدّ وحدثت بأمر من موسى. هذه هي عادةً الطريقة التي يبدو أن الرب يعمل بها. حتى في نهاية الأيام عندما نقرأ عن "الجبال" التي تتلألأ من السماء وعن الشمس التي تحترق عشر مرات أكثر سخونة، نحن نقرأ بلا شك عن نيازك ومذنبات هائلة تَضرب الأرض…… كما حدث من قبل…… وربما عن نشاط كبير للشمس (وهو في ازدياد حالياً)….. كل الأشياء الطبيعية ولكن بمستوى لم يُعرف من قبل بحيث يخلّ بالتوازن الدقيق للطبيعة ويسبّب دماراً كارثياً.
الآن نرى الله يتحدث إلى موسى مرة أخرى ويَطلب منه أن يأمر هارون، نبي موسى، أن يَستخدم عصا موسى الراعي ويَضرب بها تراب الأرض. هذه هي الضربة الثالثة، وهي أيضاً الضربة الأخيرة من مجموعة الضربات الأولى؛ أي أننا تحدثنا سابقاً عن شكل الضربات على أنها تتألف من ثلاث مجموعات، كل مجموعة تتألف من ثلاث ضربات (ثلاثة ضرب ثلاثة يساوي تسعة)، والضربة العاشرة هي في الواقع الدينونة لعدم الاستسلام لجميع المطالب الأخرى لتحرير بني إسرائيل. لاحظوا أنه كما هو الحال مع كل المجموعات الثلاث من الضربات، فإن الضربة الثالثة والأخيرة من كل مجموعة تأتي من دون أن يُعلن عنها لفرعون، أي أننا لا نرى هنا أن يهوه يأمر موسى بالذهاب إلى فرعون، بل إنه ببساطة يأمر موسى بإيقاع الضربة دون أي تحذير. يبدو الأمر كما لو أنه، في كل مجموعة من المجموعات الثلاث من الضربات، رفض فرعون الاستسلام للضربة الثانية من كل مجموعة، كان يجلب عقابين….. ضَربتين. هل ترى هذا؟ مع الوباء الأول، تم تحذير فرعون وحدَث العقاب. مع الضربة الثانية، يتم تحذير فرعون ويحدُث العقاب……ثم يتبعه عقاب آخر. تحذيران، ثلاث ضربات. لماذا؟ لا أعرف ولكن، إنه غذاء للتفكير.
على أيّ حال، عند ضَرب تراب الأرض، احْتشدت في الأرض أطنان من الناموس، وأحياناً يُقال لها "قمل". ويقول البعض أنها ربّما كانت بعوضاً. يبدو أن هذه الحشرات لم تكن مجهولة لدى المصريين، وعلى الرغم من أنني لا أستطيع التحقق من ذلك، إلا أنني أشكّ من وصفهم لها أنها كانت نوعاً من الحشرات فائقة الصّغر تشبه إلى حدّ كبير ما نسمّيه نحن في الجنوب "قرنيات اللحى". بعد أن زرت مصر يمكنني أن أخبركم أنها موجودة هناك بالتأكيد. يبدو أن هذه الحشرات الصغيرة الماصّة للدماء ليست أكبر بكثير من حبّة غُبار، ولكن لا بد أن تكون كلها ذات أسنان لأنها تستطيع أن تدخل في أي شيء وتلدَغك في أماكن لا أريد حتى أن أتحدث عنها.
هاجمَت الحشرات الحيوانات أيضاً، والآن، لا يوجد شيء هنا يقول إن هجوم قرنيات اللحى كان مميتاً…….لا بد أنه كان مُزعجاً بشكل يفوق أكثر كوابيسَهم وحشيّة وأذكّركم، لقد أثّرت على بني إسرائيل أيضاً. لذا، يمكننا أن نضع جانباً أي فكرة أن هذه الحشرات كانت مميتة. يلجأ فرعون مرة أخرى إلى سحَرته لتشويه سمعة موسى وإلهه ولكن هذه المرة لم يستطيعوا أن يعيدوا إنتاج ما فعله الله (لقد استنفذوا الآن مدى قُدراتهم الشيطانية)؛ ولله الحمد، لأنه، تذكّر، كل ما استطاع السحَرة أن يفعلوه هو محاكاة ما فعله الله… وهذا يعني أن يضيفوا إلى الضربة ويجعلوها أسوأ. إذاً، هم يعترفون لفرعون أن هذا من عمل الله……وهو اعتراف لا بأس به، لأنه يُخبر فرعون أن هذا إله لا يستطيع أن يأمره بشيء، وهو قوي جداً ويستطيع أن يفعل أشياء لا يستطيعون فِعلها. لكن، السحَرة يقولون أيضاً أن هذا ليس من عمل موسى وهارون…. وبعبارة أخرى، حسب طريقة تفكير المصريين، فإن موسى وهارون كانا ساحرين عبرانيين، وحتى الآن، بدا الأمر وكأنها معركة سحَرة مصر ضد سحَرة بني إسرائيل؛ فسحَرة فرعون قالوا أساساً: "ليس خطأنا"؛ "لم تكن معركة عادلة"؛….. أنهم لم يخسروا أمام موسى وهارون؛ لقد هزَمهم الله العبراني مباشرة. هذا هو معنى قولهم "هذه يد الله".
بالإضافة الى ذلك، فإن الكلمة العبرية التي تُترجم كلمة إله هنا هي إلوهيم؛ أي أن السحَرة قالوا: "إِنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ إِلوهيم". وإِيلوهيم كلمة عامة إلى حدّ ما تعني إله أو إلهة أو حاكم إلهي من نوع ما، إلخ. والآن، عندما يتحدّث العبراني عن "إلوهيم" عادةً ما يشير بالتحديد إلى الله سبحانه وتعالى، يهوه، ولكن، في هذه الحالة، عندما يُذكر كلام السحَرة المصريين، ليس وكأنهم كانوا يفهمون أو يعرفون الإله العبراني، يهوه، أو أنهم كانوا يكنّون له التكريم الذي يَستحقه… كانوا يعرفون فقط أن هذا "الإله" المجهول، "إلوهيم" العبراني هذا، هو الذي تسبّب في مجيء الحشرات واحتشادها ويبدو أنهم هم وإيلوهيمهم المصريين، آلهة المصريين، لم يكن لديهم القدرة على تقليد المُعجزة أو إيقافها، ومن المدهش أنه حتى هذا الاعتراف المخيف بِعجزهم عن مواجهة الإله العبراني فشِل في التأثير على فرعون. لم يهتم هذا القائد بشعبِه أو بخير أمّته، بل اهتم فقط بكبريائه الشخصي وسلطته؛ بل والأكثر من ذلك هو أن فرعون قد فهم الآن تماماً، لو كان هناك أي شك على الإطلاق، أنه كان يخوض معركة مع الله أكثر مما هو مع موسى. لو كان هناك أدنى جهل بهذه الحقيقة حتى هذه اللحظة، فقد زال الآن. كان فرعون مسؤولاً تماماً عن أفعاله.
يتحدّث يهوه مرة أخرى إلى موسى، حيث يرسل الطلب مرة أخرى إلى فرعون لتحرير بني إسرائيل؛ ومن المثير للإهتمام، يبدو أننا قد رأينا بعض الظروف المحيطة بالضربة الرابعة القادمة، من قبل. يقول الله لموسى أن يذهب لمواجهة فرعون حيث "يذهب إلى الماء" …..أي حيث يذهب إلى النيل. لا بدّ أن هذا بالتأكيد هو نفس المكان الذي انتظَر فيه موسى فرعون قبل الضربة الأولى، عندما تحوّل النيل إلى اللون الأحمر الدّموي وستكون عواقب عدم تحرير بني إسرائيل هجوماً آخر من الحشرات. ولكن، هناك فرق مهمّ للغاية الآن. هذه الضربة الرابعة، هي أيضاً الضربة الأولى من المجموعة الثانية من الضربات. ويبدأ هذا الوقت الذي سَيشعر فيه شعب مصر فقط بآثارها……. وليس بني إسرائيل. يقول الله "لكني سأميّز أرض يوشع حيث يَسكن شعبي" …….و…… "نعم، سأميّز بين شعبِي وشعبك".
والآن، كانت هذه الحشرات نوعاً معروفاً ومخيفاً من الذباب، يُسمّيه السكان المحلّيون "ذباب الكلب". كانت تمثل مشكلة حقيقية، خاصة فيما يتعلق بالماشية. فقد كانت تميل إلى الإلتصاق بالمناطق الرطبة من الحيوانات، في زوايا عيونها وعلى جفونها وحول فتْحات الأنف، وهناك تَضع بيوضها وتؤدي إلى التهاب شديد يَصل إلى العمى وحتى الموت. بالطبع، وكما نعلم جميعاً، فإن الذباب يَجلب معه الأمراض التي تصيب الإنسان. قيل لنا أن هذا الذباب استولى ببساطة على الأرض. لذا، كما هو الحال مع الأوبئة الأخرى، لم تكن هذه ظاهرة جديدة…… كان هذا الذباب يظهر من وقت لآخر. لكن ما كان مختلفاً هو شدّة هجومها وعددها وقد جاءت بأمر من موسى. لكن الأمر الأكثر إثارة للحيرة بالنسبة لفرعون وسحَرته والشعب المصري هو أن ذباب الكلب هذا لم يكن يصيب إلا بيوت المصريين وناسهم وماشيتهم وبقيَ بنو إسرائيل سالمين.
الآن، بينما أوضح الله بالتأكيد وجهة نظره بأنه يرى بني إسرائيل مُنفصلين ومُستقلين عن مصر، لم يكن من الممكن أن يجعل العلاقة بين الشعب العبراني والشعب المصري أسهل. من الطبيعة البشرية أن تكون المعاناة مشتركة بالتساوي، أليس كذلك؟ يمكن للمرء أن يتخيّل أن المواطنين المصريين قد غَضِبوا جداً لأن بني إسرائيل لم يتأثروا بكارثة الذباب الذي قتل الماشية، والذي يبدو أنه لم يستطع أي مصري…. حتى فرعون أن يَهرب منه.
يكره الناس أن تعتقد جماعة ما أنها مميّزة؛ خاصة إذا كان هؤلاء الناس ليسوا جزءاً من تلك الجماعة وهذا هو حال المؤمنين اليوم. مَن منا لم يُقال له من قبل أننا مغرورون جداً لاعتقادنا أن لنا مكانة خاصة عند الله بِسبب إيماننا بالمسيح، بينما الأمر ليس ذلك؟ كم مرّة سمعنا أن المسيحيين واليهود المسيانيين يعتقدون أن لدينا ما هو مُتاح لنا……الحكمة، المحبة، البركة، النعمة….. التي لا يَملكها الآخرون؟ ومن شبه المستحيل أن نوضح لغير المؤمنين أن الأمر ليس أننا أفضل منهم بطريقة ما (لأننا لسنا كذلك)، بل أن ذلك بسبب ثقتنا وإيماننا بيهوه لإن الله هو الذي ميّزنا عنهم. إنه يُميّز أولئك الذين يثقون به عن أي شخص آخر؛ هذا المبدأ والنمط هو جَوهر الخلاص وهو واضح هنا في سفر الخروج. إنه السبب في أن العالم كان دائماً يَكره بني إسرائيل والسبب في أن العالم يكره الكنيسة بشكل متزايد وسيظل يكرهها دائماً.
لقد أصبحت الكنيسة حساسة جداً لهذه الكراهية، خاصة في الآونة الأخيرة في وجود الحرب الأيديولوجية التي اندلعت مع الإسلام، لدرجة أن الكثيرين يَخرجون عن طريقهم ليقولوا إن الإيمان بأي كائن روحي تقريباً هو إيمان جيّد وصحيح، مُعلنين بشكل أساسي أن الله لا يميّز بين الشعوب أو الأمم. إن منطق العالم هو أنه لا يمكن أن يكون هناك تمييز مع التسامح في نفس الوقت؛ وفي النهاية، أليس من المفترض أن تكون الكنيسة تدور حول الوحدة؟
التمييز والتسامح متنافيان. لذلك، تقول مجموعة صاخبة ومتنامية من قادة الكنيسة، يجب أن يكون الأمر أننا جميعاً نَعبد نفس الإله….. سواء كنا نسمّيه الله أو بوذا أو هندي أو يهوه….. فقط أن كل هؤلاء المساكين المُضللين لا يعرفون أنهم في الواقع يَعبدون المخلص يسوع الناصري. والآن، إذا كنت تعتقد ذلك، فأفترض أنك تعتقد أيضاً أن فرعون المسكين كان يَعبد في الواقع إله العبرانيين، وليس آلهته المصرية….. لقد كان جاهلاً فقط.
دعني أحذركم بأقوى ما أستطيع: إن تمييز الله بيني وبينك هو كل ما يفصلنا أنا وأنت عن الخلود بعيداً عنه؛ وهذا التمييز يستند إلى شيء واحد فقط: الثقة في المخلّص الذي قدّمه، يسوع الناصري. على الرغم من أنه يبدو من اللطف والمُطمئن والودود والمسالم والمُحبّ أن تعتنق كل الآلهة على أنها الإله، فلا دعم لهذا التسامح في العصر الجديد الذي يتبنّاه بسرعة الكثيرون داخل الكنيسة.
إذن، ينادي فرعون على موسى وهارون ويقول لهما: "اذهبا واجمعا شعبكما وأقيما عيدكما وقدّما ذبائحكما لإلهكما. ولكن…… قوما بذلك في هذه الأرض…..أي لا تغادروا مصر. موسى الذي يدرك تماماً أن الشعب المصري، بِماشيتهم المريضة وأنفسهم المريضة والمغطاة بِلَدغات ذباب الكلاب، ليسوا سعداء جداً ببني إسرائيل في الوقت الحالي، يقول لفرعون أنهم إذا أقاموا عيدهم في مصر سَيَثور المصريون. بدلاً من ذلك، يقول موسى، دعونا نذهب في رحلة ثلاثة أيام في البرية، الصحراء، كما أمر الله، ونقيم العيد بعيداً عن أنظار الشعب المصري. يقول فرعون، حسناً حسناً، فقط لا تذهبوا بعيداً!!! ولكن اذهبوا من فضلكم وتضرّعوا إلى إلهكم أن يوقف هجوم ذباب الكلاب. الآن، على الرغم من صعوبة تمييز ذلك من ترجمتنا الإنجليزية، إلا أن فرعون قد اتّخذ خطوة مهمة هنا. في الآية الثامنة والعشرين من الكتاب المقدس الأكثر شيوعاً والآية الرابعة والعشرين من نسخة الكتاب المقدس العبري الأقدم (مثل الكتاب المقدس الأزرق، الكتاب المقدس اليهودي الكامل)، يقول فرعون لموسى أنه يُمكنه أن يأخذ بني إسرائيل ويُضحّوا لله أو للرب أو لأدوناي أو شيء من هذا القبيل. في الواقع، تقول العبرية الأصلية "يهوه"، وليس الرب وليس الله وليس أدوناي. فرعون يدعو الله العبراني بإسمه الشخصي. هذا تنازل كبير. هناك في الواقع بعض الاحترام المتزايد هنا، من قبل فرعون، تجاه يهوه.
بالإضافة الى ذلك، يجب أن نفهم أيضاً أن ما كان بنو إسرائيل سيقدّمونه من ذبائح…..الثعالب والبهائم، من بين حيوانات أخرى…. كانت مقدّسة بالنسبة للمصريين. لو أن بني إسرائيل كانوا سيَقتلون ويَحرقون ثوراً (وهو ما كانوا سيفعلونه بالتأكيد) على مرأى من المصريين (الثور هو أحد آلهتهم المقدسة)، لكان ذلك جريمة فادحة وكان المصريون سَيسعون بالفعل إلى الانتقام الرهيب. لاحظوا أن موسى لم يذكر لفرعون بالضبط ما هي تلك الذبائح، بل قال فقط أنه من المؤكد أن الشعب المصري سَيَرجمهما بالحجارة.
ولكن لسوء الحظ، ذلك لم يمنع فرعون من التصرّف كما فعل سابقاً؛ فَبِمجرد أن غادر ذباب الكلاب في اليوم التالي، تراجع فرعون عن وَعده.
لننتقل إلى الإصحاح التاسع.
سفر الخروج الفصل التاسع
اقرأ الفصل التاسع كله
ظل قلب فرعون قاسياً. دعونا نتذكر أن هذا التقسية كانت مزيجاً من فرعون الذي بدأ بِقلب متمرّد وقاسٍ وتدخّل الله ليزيد من قسوة فرعون من وقت لآخر. لأي غرض يفعل الله ذلك؟ إنه يُخبرنا مباشرة لماذا: لكي ترى مصر ويرى بنو إسرائيل……والناس و الشعب العادي……كل هذه الآيات والعجائب. كان من المُهم بالنسبة لله أن تتحقق كل واحدة من هذه الضربات التسع…..كان فرعون مجرّد أداة الله ليُظهر لشعب مصر قوة يهوه وعدم قيمة آلهتهم وديانتهم الزائفة. حسناً، إنهم لم يروا شيئاً بعد؛ نحن نقترب من منتصف الطريق في الآيات والعجائب التي تتجلى، وهي على وشك أن تزداد في شدتها.
يُرسل يهوه موسى مرة أخرى إلى فرعون بنفس الرسالة التي أرسلها من قبل: حرّر شعبي. شعبي……. تذكّر أننا تعلمنا أن كلمة عبرية معيّنة تُستخدم عندما يشير الله إلى أمّة العبرانيين وليس إلى أي مجموعة أخرى من الناس؟ هذه الكلمة هي "أمي" أو "أميم". عندما يُشير الكتاب المقدس إلى غير العبرانيين في نفس السياق، فإنه يَستخدم الكلمة العبرية "جوييم"، الأمميون. كلمة في الآية واحد، "حرّر شعبي"، هي "أميي". الرب يفصل الغوييم، أي الأمميين، عن بني إسرائيل.
الوباء التالي، الضربة التالية، لأن فرعون يرفض مرّة أخرى طَلب الله، هو مرض رهيب يصيب مواشي الحقل. هذه الضربة هي الخامسة؛ ولكنها أيضاً الضربة الثانية من المجموعة الثانية من الضربات. هذه المجموعة الثانية بأكملها من الضربات المحفوظة للمصريين فقط، على عكس المجموعة الأولى التي أصابت الجميع، بمن فيهم بني إسرائيل الذين عاشوا على الأرض المصرية. لذا، فإن الماشية التي ستُضرب ستكون فقط الحيوانات التي تنتمي إلى المصريين.
اعتماداً على نسختك، تقول الآية الثالثة أن الخَيل والحمير والجِمال ستكون من بين المتضرّرين؛ ثم ستقول أناجيلكم إما أن تُضرب القطعان والأسراب أو الثيران والأغنام أيضاً. في العبرية هنا هي "باقر" و"تسون". باقر يمكن أن تعني الثيران، ولكن هنا من الأفضل أن تؤخذ بمعنى الماشية، لأن البقر كانت بالنسبة للمصريين ما كانت الأغنام عليه بالنسبة لبني إسرائيل. لقد كانت مَصدر اللحوم المفضل لديهم والأكثر استِزراعاً. يمكن أن تعني "تسون" الخراف والماعز وأي نوع من الماشية الصغيرة؛ كما يمكن أن تعني حتى الماشية الصغيرة أو الصغيرة السنّ، ولكنها تُشير على وجه التحديد إلى الحيوانات التي تؤكل من أجل الغذاء (وهي تختلف عن دواب الحمل مثل الحمير أو الجمال). في الواقع، من المحتمل أن تعني في هذا السياق "كل ماشيتِكم الصغيرة"……كل نوع…….الغنم والماعز والخنازير وصغار الماشية. لذا، على الأرجح أن جوهر العبارة في الآية الثالثة يعني "كل نوع من الماشية المستخدمة للطعام التي يمتلكها المصريون، الكبيرة والصغيرة". ما لم يتضمّنه ذلك هو الحيوانات البرية. من الواضح أنها لم تتأثر لأنها لم يكن يَملكها أحد… إلا الله.
والآن، تخبرنا الآية السادسة أن جميع المواشي التي كان يملكها المصريون ماتت. ولكن، لم تَمُت أي من مواشي بني إسرائيل. عندما سَمع فرعون شائعات بأن حيوانات بني إسرائيل قد نجت، أرسل مسؤولين ليرى إن كان ذلك صحيحاً وتم التحقق من ذلك. إلا أن فرعون لم يلِن.
على سبيل المثال: هل يمكن أن تكون جميع مواشي المصريين قد ماتت كما تقول الكتب المقدسة؟
حسناً، لا يوجد في الصياغة ما يشير إلى خلاف ذلك. في بعض الأحيان نحصل على إشارات جيّدة في بعض الكتب المقدسة على أن كلمة "كل" هي مجرّد تعبير، وأن "كل" أو "إلى الأبد" أو "كل من" لا تعني حقاً مئة في المئة. إنها تشير فقط إلى معنى "الغالبية العظمى"، "كل شيء تقريباً". مع ذلك، في هذه الحالة، يبدو أن "كل" تشير إلى كل شيء؛ كما في حالة الهلاك الأخير من ماشية المصريين، كبيرها وصغيرها. والآن، ما كان سيَحدث هو أن المصريين ربما صادروا بعض مواشي الإسرائيليين، ثم اشتروا بعض المواشي الإضافية من الأمم المحيطة. كان العالم في ذلك الوقت أكثر ترابطاً بكثير مما يدركه معظم الناس اليوم والتجارة بين الأمم كانت شأناً يومياً. لكن، لا يهمّ، فقد كانت هذه ضربة مُهينة ومدمّرة للشعب المصري، وتأثرت إمداداتهم الغذائية بشكل كبير، كما تأثر اقتصادهم.
في ألآية الثامنة، نأتي إلى الضربة السادسة غير المُعلنة، وهي الضربة الثالثة من المجموعة الثانية من الضربات. أي أن فرعون لم يتلق أي تحذير بشأنها. فكأنّه في كلّ مرّة يرفض فيها فرعون الطلب الثاني في كلّ مجموعة، يكون هناك ضَربتان كردّ….. واحدة مُعلنة وواحدة غير مُعلنة. لا أريد أن أفرط في مفهوم الثلاث مجموعات من ثلاث ضربات، وكل ما يترتّب على ذلك، وأجعل منه تمريناً فكرياً. لكن ما أريدك أن تبدأ في استيعابه حقاً هو أنه بدءاً من سفر التكوين واحد، نرى الله يؤسّس أنماطاً وأنواعاً ومبادئ. الله إله النظام. إنه ليس إله الفوضى أو الصُدفة. يضع لنا الكتاب المقدس العديد من الأنماط والأنواع، بحيث يمكننا في حياتنا أن نعرف بشكل معقول الطبيعة العامة لكيْفية استجابة إلهنا لنا وللظروف المختلفة. لو لم يكن الأمر كذلك، لكان التاريخ، بما في ذلك التاريخ المُعطى لنا في الكتاب المقدس، عديم الفائدة تماماً إلا من باب الفضول…..شيء لإشباع حبّنا للمعرفة. لو لم يُظهر لنا التاريخ أنماط الله ومبادئه، ولو لم نرَها تتكرّر باستمرار، لكان لدينا سبباً وجيهاً للشك في رُكن مهم من أركان إيماننا: الله لا يتغيّر أبداً. لا يوجد حتى القليل من التحوّل والتغيّر فيه. هذه الأنماط هي برهان عظيم وطمأنة كبيرة على طبيعة يهوه التي لا تتغيّر، وهذا يعني أنه يمكننا أن نكون واثقين من أن الطريقة التي ستسير بها حتى الأيام الأخيرة من العالم، ستكون بنفس الأنماط التي وضعَها منذ الخلق. ولكن، هذا يعني أيضاً أنه بينما نتعلم في دراستنا للتوراة هذه المبادئ والديناميكيات الحاكمة، علينا أن نأخذ العهد الجديد في نفس السياق. في التوراة تأسّست هذه الأنماط والمبادئ الإلهية وفي العهد الجديد نجدها في معناها الكامل على يد يهوه، يسوع الناصري.
هذه الضربة السادسة التي حلّت على مصر دون سابق إنذار، هي دمامل مؤلمة، بُثور تصيب الإنسان والبهائم على حدّ سواء. أي نوع من البهائم؟ هذا غير واضح. الكلمة العبريّة هي "البهيمة"، ويمكن أن تعني الماشية، ويمكن أن تعني كل نوع من الحيوانات. الآيتان ثمانية وتسعة تقولان أن موسى وهارون كانا سيشاركان بفاعلية في إحداث هذا الوباء. كان عليهما أن يأخذا بأيديهما السُخام ويلقياه في الهواء، حيث سيتفرّق ويهبط على كل المخلوقات الحيّة، فيُحدث بُثور مؤلمة. لم يستطع سحَرة فرعون فقط أن يقلّدوا هذه المعجزة، بل إنهم هم أيضاً أصيبوا بالبثور، إلا أن بني إسرائيل كانوا مُستثنين.
كانت أوبئة الدمامل التي تصيب الإنسان والبهائم أمراً معروفاً، وكانت تَحدث لأسباب غير معروفة من وقت لآخر. هناك العديد من الأمراض المعروفة التي تسبّب حدوث البثور……العديد مثل "الجدري" التي نعرفه جميعاً والحَصبة، ولكن أيضاً أشياء مُميتة بشكل رهيب مثل الإيبولا. مع ذلك، لا يبدو أن هذا المرض كان مرضاً مميتاً؛ بل كان يُحدث إزعاجاً كبيراً. ولكن، وباء الدمامل الذي أصاب الشعب المصري والحيوانات المصرية فقط، وليس بني إسرائيل…..والذي كان واسع النطاق وكارثياً للغاية….. لم يُسمع به من قبل. لم يكن طبيعياً.
عندما أسمع عن هذا الوصف للغبار الناعم، السخام، الذي يُلقى في الهواء وتنشره الرياح، وتُسبّب ملامسته لجلد الإنسان والحيوان تقرّحات……لا يسعني إلا أن أفكّر في أشياء مثل غاز الخردل وقصف صدام حسين للشعب الكردي بالغاز وغيرها من الأسلحة الرهيبة التي طوّرها البشر. في حين أنني لا أعتقد أن هذا الوباء السادس هو نبوءة مُستتِرة للأسلحة الكيميائية في عصرِنا الحالي، إلا أنني أعتقد أن أحدهما هو نسخة شيطانية من الآخر. هذه الأسلحة الرهيبة في القرن الحادي والعشرين التي يمكن أن تسبب مثل هذا العذاب والدمار لم يَصنعها الله، بل صَنعَها الشرير من أجل القتل العشوائي للبشرية. لقد كان استخدام الله لهذا الغبار الناعم من أجل خلاص شعب الله ليسبّب الألم فقط لأولئك الذين كانوا يَحتجزون شعب الله كعبيد لهم، لكي يعرفوا الله ويتوبوا ويحرّروا شعبه.
من دون الخوض في التفاصيل، يخبرنا الكتاب المقدس في الآية إثني عشرة أن قَلب فرعون ظلّ قوي الإرادة وقاسيًاً رغم الألم الذي لم يُعفَ منه حتى هو، تماماً كما أخبر الله مُوشيه أنه سيكون.
لقد هاجم يهوه ثروات المصريين وأرزاقهم وحيواناتهم وكبرياءهم وأجسادهم وأذلّ آلهتهم وكهنة هذه الآلهة. وبقدر ما كانت الضربات الست الأولى سيّئة، إلا أنها كانت قليلة مقارنة بضراوة المجموعة التالية المكوّنة من ثلاث ضربات، ويعطي الله لفرعون، في الآية 14، تحذيراً خطيراً بأنني "هذه المرة سأضع ضرباتي على قلبك…..". الكلمة المستعملة هنا للقلب تختلف من نسخة إلى أخرى….. فالبعض يقول الشخص، والبعض يقول النفْس، الكتاب المقدس اليهودي الكامل يقول "أنت". الكلمة العبرية هنا هي "لبّ" (لب) وجوهرها هو النفس الداخلية…. أي روح الإنسان حيث يستقر ضميرنا وعواطفنا وإرادتنا وإحساسنا بالذات. وبعبارة أخرى، ما كان على وشك أن يأتي لن يؤثر فقط على غضب فرعون وعناده….. بل سيخترق أخيراً رأسه السميك وجلده……. سيُهاجم كيانه الداخلي……سيكون "ألماً" أعمق بكثير من أي شيء سابق.
هذه الضربة السابعة، الضربة الأولى من المجموعة الثالثة، سيكون بَرَداً بحجم وكثافة لم يسبق له مثيل في مصر. بَرَد، تقول، في الصحراء؟ بالتأكيد، لقد وُلدت ونشأت في صحراء موهافي في كاليفورنيا، وفي منتصف يوم بلغت درجة حرارته مئة وعشرين درجة، رأيت بَرَداً يسقط أثناء عاصفة رعدية. كان ذلك نادر الحدوث، وكان يحدث كل بضع سنوات فقط، لكن في العواصف الرعدية الشديدة، تتسبّب الرياح في حمل قطرات المطر إلى أعلى، إلى المناطق الأعلى والأكثر برودة في الغلاف الجوي حيث تتجمد وتلتحم بقطرات أخرى لتشكّل جليداً، وتنزل هذه القطرات بسرعة كبيرة لدرجة أنها تصطدم بالأرض ككتل من الجليد المتصلّب وبالطبع، تذوب على الفور تقريباً، لكنني رأيت محاصيل بأكملها تمّ القضاء عليها بسبب عاصفة بَرَد في منتصف الصيف، تحطُم الزجاج الأمامي للسيارات، وتضرّر الأسقف. لكن، الآية ثمانية عشرة تقول لم يحدث قط في تاريخ مصر أن سقط مثل هذا البَرَد، كما كان على وشك أن يسقط. كان سيحدث حتى مع حدوث البرق الشديد.
نعود إلى الوراء في الآية الخمسة عشرة يريد الله من موسى وهارون أن يوضحا لفرعون أن الله كان في الواقع يَمسك نفسه وأنه أرسل أوبئة وضربات فقط حتى الآن لم تجلب الدمار الشامل، لأنه لو كان قد فعل ذلك، لكانت مصر وشعب مصر قد اختفوا؛ وفي الآية السادسة عشرة، يقول الله أن السّبب الذي جعله يفعل ذلك ليس فقط لكي يعرفه بني إسرائيل، بل لكي يعرفه شعب مصر كله في أرض مصر ويتذكّره. لم تكن هذه عبارة تافهة لإضافة القليل من الدراما. قد يفاجئكم أن تعرفوا أنه حتى قبل خمسة وثلاثين عاماً فقط كانت مصر أمة ذات أغلبية مسيحية. وقبل ذلك، منذ عهد الإمبراطورية الرومانية (حتى قبل يسوع) وحتى العصور الوسطى، كانت مصر مركزاً للسلطة الدينية اليهودية ومركزاً للثقافة العبرية والتعلم العبري. في الواقع، كان في مدينة الإسكندرية ومصر وضواحيها مستعمرات يهودية بلغ عدد سكانها أكثر من مليون يهودي واليوم، لدينا بالفعل دعوى قضائية رفعها بعض المصريين يطالبون فيها إسرائيل بإعادة كل الذهب والأشياء الأخرى التي حَصلوا عليها من المصريين وقت الخروج، مع الفائدة. لقد تأثرت مصر بالفعل بتلك الأوبئة التي سبّبتها قسوة قلب فرعون. وقد تذكروا أن الملايين من المصريين دخلوا إلى الأبدية وخلّصهم يسوع المسيح وكل ذلك مذكور هنا في سفر الخروج.
في الواقع، انظروا في الآية عشرين. هنا نرى أنه نتيجة للضربات الست الأولى، علِم عدد من الشعب المصري أن إله بني إسرائيل هذا لا يمكن العبث معه. لقد عرفوا الآن قوة يهوه وجلب الكثيرون مواشيهم إلى الداخل وإلى الكهوف وغيرها من الملاجئ وجلبوا عمال الحقول من الحقول إلى داخل بيوتهم لحمايتهم من البَرَد والبرق القادمين؛ ومع ذلك، وكما هو الحال دائماً، اتبع الكثيرون عقلية فرعون وتجاهلوا الإنذار….. على الرغم من أن هذه المصائب الرهيبة كانت تحدث مرة كل شهر تقريباً على مدى الأشهر الستة الماضية، وقد جاءت أربعة منها بتحذير مُسبق.
ونذكر في الآية ستة وعشرين، أنه في أرض جوشن، تلك المنطقة من مصر المخصّصة لبني إسرائيل، لم يسقط البَرَد ولم يَضرب البرق. لم يَختبر بنو إسرائيل هذا الدمار….. فقط المصريّون. قُتل الناس وقُتلت الماشية دُمّرت الأشجار وسُحقت المحاصيل في الحقول وفُقد معظمها. هذه المرة، حتى فرعون تأثر. دعا موسى وهارون واعترف، "لقد أخطأت" وطلب من موسى أن يتضرّع إلى يهوه ليوقف هذه الكارثة الرهيبة، حتى أنه قال إنه كان يريد أن يذهب بنو إسرائيل….أن يرحلوا.
بالطبع، لم يكن الأمر أن فرعون قد تلقّى الله في قلبه. كل ما في الأمر أنه فهِم تماماً أن يهوه كان حقيقياً وقوياً وأنه كان يخشى عواقب العُصيان. هذا ما قاله موسى في الآيه ثلاثين. يا له من خطأ فادح أن نعتقد أن الإيمان بوجود الله والامتثال لمَطالبِه خوفاً من العواقب، هو أساس بلوغ البرّ والخلاص. علينا أن نثق بالله، يسوع المسيح، وأن نثق به في قلوبنا وأن نستجيب له بالطاعة بدافع المحبة والإمتنان. كما تقول الكلمة، حتى الشياطين يؤمنون بالله ويَرتعدون أمامه، حتى الشياطين يطيعون الله، تماماً كما فعلوا عندما أمرهم يسوع أن يخرجوا من الإنسان إلى قطيع الخنازير. نحن لا نختلف عن فرعون ولا عن الشياطين إذا كان كل ما نفعله هو أن نؤمن بالله ونطيع أوامره خوفاً من العواقب إذا لم نفعل.
في الآيتين واحد وثلاثين وإثنين وثلاثين، لدينا فكرة جيدة جداً عن الوقت من السنة الذي حدث فيه هذا البَرَد، لأنه قيل لنا أن الشعير كان في السنابل في مرحلة النضج والكتان كان في البراعم، أي خلف نمو الشعير مباشرة. ولكن، لم يتلف القمح والحنطة (يعتقد البعض أن الحنطة هي ما نسميه الحنطة السوداء، والبعض الآخر يعتقد أنها كانت أرز) لأنهما كانا في المراحل الأولى من النمو. لذا، فقد كان ذلك في نهاية شهر يناير/كانون الثاني أو أول فبراير/شباط.
على الرغم من الموت والضرر والكارثة الاقتصادية لهذه الضربة السابعة، تراجع فرعون عن كلمته بتحرير بني إسرائيل في اللحظة التي رأى فيها توقّف البرق والبرَد؛ وتخبرنا الآية أربعة وثلاثين أن خدام فرعون…… أي مسؤوليه الحكوميين والمواطنين عموماً في مصر…… قست قلوبهم أيضاً. ولكن، كيف تجلّى ذلك لبني إسرائيل؟ ماذا كانت تعني هذه القسوة العامة لمصر تجاه بني إسرائيل بالنسبة لبني إسرائيل؟ نفس الشيء الذي يعنيه الآن، بعد ثلاثة آلاف وثلاثمئة سنة؛ كراهية غير عقلانية تجاه بني إسرائيل، على الرغم من أنه يعني مشقّة ومصيبة رهيبة على أولئك الذين يمارسون الكراهية، أو، من خلال استخدام الكلمات التي يستخدمها الكتاب المقدس، أولئك الذين يَلعنون بني إسرائيل سيُلعنون هم أنفسهم.
انظروا إلى هذه الدول الشرق أوسطية، اليوم، التي تكره إسرائيل وتَلعن إسرائيل وتحاول مراراً وتكراراً القضاء على إسرائيل. العراق الآن أرض محتلة والفلسطينيون لديهم بطالة بنسبة سبعين بالمئة ويعيشون في بؤس فظيع وبلا أمل، مصر دولة فقيرة للغاية، إيران على حافة الحرب الأهلية والعالم يصطفّ ضدها، سوريا دولة بوليسية، كل ما تفكر فيه هذه الدول، يوماً بعد يوم، هو كيفية تدمير وطن اليهود. أخبرَني صديق عربي فلسطيني إسمه طاس (يعيش حالياً في غزة كمبشِّر مسيحي) أن قتل اليهود والقضاء على إسرائيل هو القوة الدافعة، الهدف، وراء كل قرار يتخذه الفلسطينيون…. إنه يسيطر على أفكارهم وحياتهم رغم أنه لا يجلب لهم سوى حياة الفقر والحرمان. ولماذا؟ هل لأن الإسرائيليين يجلسون على نوع من الثروة…… النفط والمعادن والمعادن الثمينة؟ ليس لدى إسرائيل شيء من ذلك. هل لديهم قطعة أرض هائلة يحتاجها مُسلمو الشرق الأوسط؟ لا، إنها كراهية مدفوعة من الشيطان لا تجلب سوى الدمار الذاتي ولكنها أيضاً نتيجة مقدرة من الله، لا مفرّ منها، لأولئك الذين يكرهون إسرائيل……. سواء كان فرعون ومصر في أيام موسى….. أو الفلسطينيين والعراقيين والعرب ومُعظم بقية العالم اليوم. نحن الأمريكيون والكنيسة لسنا مستثنين من ذلك أيضاً. أنا وأنت لدينا خيار، تماماً كما كان لفرعون خيار: إما أن نبارك إسرائيل أو نلعن إسرائيل. ليس هناك حياد. إن الأمر يرعبني كثيراً عندما أشاهد رئيسنا ينتقد إسرائيل لدفاعها عن نفسها. يثير غضبي عندما يجرِّد قادة اليهود اليهود بالقوة من الأرض ذاتها التي أعطاهم إياها يهوه ويغضبني بشدة عندما أسمع قادة الكنيسة يدينون إسرائيل ويقفون إلى جانب العرب. يساوون بين مطاردة إسرائيل للقادة الإرهابيين وبين الانتحاريين الفلسطينيين الذين يفجّرون عشوائياً الحافلات العامة المزدحمة ومطاعم البيتزا. صرخة دائمة تنطلق من أجل المساواة وإزالة كل الفوارِق. لا يوجد تكافؤ في الاختيار بين الخير والشر. من أجل مصلحتك ومصلحة عائلتك وهذه الأمة، أطلب منك أن تبارك إسرائيل ولا تكن لعنة عليهم. إذا لم تفعل ذلك، فأنت مثل فرعون: قد تكون مؤمناً بالله جيداً، لكنك لا تصدّق ما يقوله وسيؤدي ذلك إلى الهلاك.
سنتطرّق في الأسبوع القادم إلى الفصل العاشر.