Home | Lessons | العربية | Old Testament | التثنية | سِفْر التثنية الدرس السادس – تكملة الإصحاح الرابع

Duration:

46:03

ar Flag
سِفْر التثنية الدرس السادس – تكملة الإصحاح الرابع
Overview
Transcript

About this lesson

Download Download Transcript

سِفْر التثنية

الدرس السادس – تكملة الإصحاح الرابع

دَعونا نُواصل دراستنا للإصْحاح الرابع من سِفْر التثنية؛ وهو اخْتِياري الشَخْصي الذي رُبَّما يكون أحد أكثرَ عشر إصْحاحات أهَمِّية ومَرْكَزيَّة في الكِتاب المُقَدَّس كلّه لِفَهم إلهِ بني إسرائيل وصِفاتِه وشَخْصيَّتِه، والمبادئ التي تَحْكُم كل شرائعه، وما يَحْدُث لمن يطيعونه وما يَحْدُث لمن يتَمَرَّدون، وما يَجِب أن تكون عليه الاسْتِجابة المُناسِبة للمُتَعَبِّد للخلاص والنَّجاة التي أعْطانا إيّاهما.

لقد أَمْضَيْتُ عِدَّة دقائق في الأسبوع الماضي لأُذَكِّرَكُم لماذا يَجِب علينا في يَومِنا هذا وعَصْرِنا هذا تَحْديدًا أن نَسْتَعيد كَلِمَة الله وأن نَكُفَّ عن الاعْتِماد على عَقائد وتقاليد البَشَر البالِية والمُضَلِّلة التي (رُبَّما كانت تَخْدُم غَرَضًا مُفيدًا لِفَتْرةٍ من تاريخ الخلاص) نَبَذَت التَّوراة وبني إسرائيل لصالِح الفَلْسفات الفِكْريّة وتفوق الأُمَميّين. إحدى أكثر الأمور المُزْعِجة التي علّمها المَسيحيّون منذ زَمَن قُسْطَنْطين (القَرن الرابع الميلادي) هو أن صِفَة الله التي يَعْتَمِد عليها المَسيحيّون أكثر من غَيرها (نِعْمَته) لم تَظْهر إلّا في وقتِ مَجيء يسوع المسيح ولم تَكُن مَوْجودة قبل ذلك الوقت؛ وبالتالي فإن النِّعْمة هي ظاهِرة أو تَدْبير العهد الجديد فقط.

ويَظهر هذا الاعتقاد في المقام الأول في بديهيَّة الكنيسة الرّاسِخة التي تقول إن الخِيار الأعْظَم المَطْروح أمام كل إنسان فيما يَتَعَلَّق بِعِلاقَتِنا مع الرَّب هو الإخْتِيار بين "ناموسه ونِعْمته". أن اخْتِيار أحَد الطَّريقَيْن صواب والآخر خطأ؛ وأن النّاموس والنِّعْمة مُتَنافِيان ولا علاقة بينهما. وأن اخْتِيار النّاموس هو إنكار للمسيح واختيار النِّعْمة هو قُبوله. بِطَبيعة الحال، بما أن الوثَنِيّين أو المُلْحِدين ليس لديهم أي مَفْهوم لأي من هَذَين المُصْطَلحَيْن (النّاموس والنِّعْمة) فإن هذا التَّحَدّي مُتَجَذِّر في المقام الأول كإنْكار لدِيانة الشَّعب اليهودي. أو بالأحرى، على المؤمِنين الأُمَميّين أن يَخْتاروا بين طريق اليهود (النّاموس) وطريق المسيح (النِّعْمة).

ولكن هل هذا حقًا هو الإخْتِيار الذي وُضِعَ أمامَنا؟ هل النّاموس هو عَدو النِّعْمة، والنِّعْمة خَصْم النّاموس؟ لقد صادَفْتُ بيانًا واضِحًا رائعًا يَضَع ثُنائيَّة النّاموس مقابل النِّعْمة في مَنْظورِها الصَّحيح. وما يَجْعَلُها أكثر إثارة للإهْتِمام هو مَصْدرها: لقد أخَذْت هذه العِبارة من أَحَد أكْثَر تَفاسير الكِتاب المُقَدَّس تَقَدُّمِيَّة وحَداثة وعِلْماً وإعْجاباً، وهو التَّفْسير العالَمي للكِتاب المُقَدَّس. هذا العَمَل مُتَعَدِّد المُجَلَّدات موصى به من قِبَل مُعظَم المعاهِد اللّاهوتيَّة الإنْجيليّة وكُلِّيّات الكِتاب المُقَدَّس المُعاصِرة باعْتِباره رُبَّما أفْضَل وأحْدَث تَفْسيرٍ للكِتاب المُقَدَّس مَوجود اليوم، حيث تمَّ نَشْرُه لأوّل مَرّة منذ حوالي عشر سنوات فقط.

إن دوين كريستِنْسِن، مُحَرِّر مُجَلَّد تَفْسير الكِتاب المُقَدَّس العالَمي عن سِفْر التثنية، ليس شَخْصا مُحافِظًا أو مُدافِعًا عن بني إسرائيل والشَّعب اليهودي، فهو ليس من ذَوي المُيول المُحافِظة؛ فقد تَلَقّى تَدْريبه من مَعْهَد ماساتشوسِتْس للتِكُنولوجيا وهارفارد، لِذا لا أَعْتَقِد أنه يَجِب أن أقول أكثر من ذلك. يَتَحَدَّث البروفِسور كريستِنْسِن عن حقيقة لا يُمْكِن إنْكارها أظْهَرَها لهُ الرَّب عن العهد القديم ويُريد أن يَسْتَفيد منها المَسيحيّون الآخرون وطُلّاب الكِتاب المُقَدَّس الجادُّون؛ ذَكَرَ:

" إن الرّأي الشّائع الذي يَرْبُط النّاموس بالعهد القديم والإنجيل بالعهد الجديد لن يَصْمُد بالتّأكيد أمام قِراءة مُتَأَنِّية لسِفْر التثنية كما بَيَّن ج. برُوْليك. لِفَهْم سِفْر التثنية، يَجِب على المَرْء أن يَعْتَرف بِنِعْمة الله السّابقة على الخُطاة؛ أي أسْبَقِيّة الإنجيل (النِّعْمة) على النّاموس في العهد القديم وكذلك في العهد الجديد. أي على الرّغم من أن سِفْر التثنية يؤكِّد على أن طاعة تَوراة الله ضَروريّة، إلا أنه يؤكِّد بِقُوّةٍ أكبر على أن هذه الطّاعة تَعْتَمِد على نِعْمة الله……"

دَعْني أقولُها بِطَريقة أُخْرى: نِعْمَة الله مُتَضَمِّنة في شريعَته، والنّاموس يَدُلّ على نِعْمَته. ناموسُه ونِعْمَته مُتَلازِمان، وروح الطّاعة الصَّحيحة للنّاموس وتَنْفيذ النّاموس مُتَوَقِّفان على النِّعْمة. إن الحديث عن أحَدِهِما دون الآخر يُشْبِه الحديث عن يسوع والرّوح القُدُس على أنهما مُتَلازِمان. أن يسوع أو الرّوح القُدُس يُمْكِن أن يكونا مَوجودَين ويَعْملان واحد بِدون الآخر، أو أن عَمَليَّة الفِداء هي عَمَل حَصْري لأحَدهما دون الآخر، هو أمْر لا يُمْكِن تَصَوُّره ويَتَحَدّى كلّْ عَقيدة الكِتاب المُقَدَّس حول ماهِيّة الله. أَزِل عَمَل الرّوح القُدُس ولا يُمْكِن أن يكون لنا خَلاص. أزِل عَمَل يسوع ولا يُمْكِن أن يكون لنا خَلاص. يُمْكِننا بالتّأكيد أن نَتَحَدَّث عن يسوع والرّوح القُدُس بِشَكْل مُنْفَصِل؛ ويُمْكِننا بالتّأكيد أن نَدْرُسَهُما ونُناقِشْهُما بِشَكْل مُنْفَصِل وحتى أن نُطَبِّق مُصْطَلَحات وخَصائص مُخْتَلفة، ولكن من النّاحية العَمَليّة لا يُمْكِن فَصْلهما في الواقع. يَقول الله، مِرارًا وتِكْرارًا، إنه "إيشاد"، واحد، وِحْدة إلَهيَّة لا يُمْكِن فَصْلُها. نحن نَخْطو على أرض خَطِرة عندما تَسْعى عَقائدنا إلى التّأكيد على أحَدهما دون الآخر أو حتى تَفْضيل أحَدهما على الآخر، بل ونَذْهب إلى حدّ القول بأن أحَدهما يُمْكِن أن يكون مَوجودًا ويَعْمل والآخر يَتَوَقَّف عن الوجود أو لم يَعُد له وظيفة ذات معنى.

هكذا هو الحال مع النّاموس والنِّعْمة. يُمْكِننا بالتّأكيد، إلى دَرَجة ما، أن نُحَدِّد الأغْراض والسِّمات الفَريدة الى حَدٍّ ما المُتَأصِّلة في كلٍّ مِنهما، ولكن لا يُمْكِننا الإخْتِيار بين النّاموس والنِّعْمة (أو النّاموس والإنْجيل) كما تُطالِبنا الكَنيسة بِشَكْلٍ شِبْه عام، أكثر مِمّا يُمْكِننا الإخْتِيار بين الرّوح القُدُس ويَسوع المسيح. كنت أنا والحاخام باروخ نُناقِش هذا المَوضوع بإسْهاب منذ بعض الوقت، وقُلْت له أنه خَطَر لي أن الكنيسة السّائدة أصْبَحَت راغِبةً في القيام بذلك بالضَّبط، لِدَرَجة أن قرار المؤمِن أو المؤمِنة بِبَساطة أنه سيكون مُطيعًا لأوامِر الله أو حتى أن يأخُذَها على مَحْمَل الجَدّ، يُطلق عليه الآن "النّاموسِيّة" أو الرَّغْبة في تَبَنّي اليَهودِيّة.

لذلك نَرْجو أن نأخُذ مُلاحظات اليوم الافْتِتاحيّة كتَذْكير بِسِياق سِفْر التثنية (وكل التَّوراة في هذا الشّأن) بأن النِّعْمة هي مِحْوَره، وأن النِّعْمة لا غِنى عنها في كل مَراحل تفاعُل الله مع البَشَر في أي عَصْر، وأن الشّرائع الوارِدة فيه مُرْتَبِطة عُضْوِيّاً بِنِعْمة الله ومَبْنِيّة عليها وتَعْتَمِد عليها. في اقْتِصاد الله، بِدون النِّعْمة لا يُمْكِن أن يكون هناك ناموس.

دَعونا نُعيد قِراءة بعض من هذا الإصْحاح الرائع الذي هو ضَروري جدًا لِفَهْمنا للكَلِمَة بِشَكْل عام.

أَعِد قراءة سِفْر التثنية أربعة على واحد وعشرين حتى النِّهاية

نَنْتَقِل إلى سِفْر التثنية أربعة على واحد وعشرين: بعد خِطابه اللّاذِع ضدّ عِبادة الأَوْثان يَسْتَطْرِد موسى قليلاً ومرّة أخرى يَحْزَن على حقيقة أنه حتى كَوَسيط الرَّب (أحد الوُسَطاء الوحيدين اللّذين سيُوجدان على الإطلاق)، لن يَتَمَتَّع بثِمار أرض الميعاد (كما سيَتَمَتَّع جُمْهوره الشّاب، الجيل الثاني من الخُروج) بِسَبَب تَصَرُّفات بني إسرائيل التي دَفَعَتْهم إلى سُلوكِه المُتَهَوِّر. لذلك، يقول موسى، انْتَبِهوا لما يَحْدُث لي (أي مَنِع موسى من الدُّخول إلى أرض الميعاد) واحْرِصوا على أن تَطيعوا بِدِقَّة كل عُنْصُرٍ من عناصِر العهد الذي قَطَعَه الرَّب مع بني إسرائيل حتى لا يَحْدُث لكم ذلك. وهذا لأنه بما أن الرَّب الإلَه نار آكِلة فلا يُمْكِن لأي شيء أو أي شَخْص أن يَصْمُد أمام دَيْنونَته على المَعاصي، والرَّب لا يَحْتَرِم الأشخاص، لذا فإن وَضْعَك الاجْتِماعي والاقْتِصادي أو السِّياسي لن يُساعِدك (حتى موسى ليس مَعْفِيًّا عندما يَتَعَلَّق الأمر بالتَّعَدّي على يَهْوَهْ).

بما أن عِبادة الأَوْثان لا تزال هي الأساس والأهَمّ كسَبَب لكَلِمات موسى التَّحْذيريّة للشَّعْب في هذا الإصْحاح، فهو يقول أن نَحْذر من مُخالفة هذه الوَصِيَّة ضدّ كل أشكال عِبادة الأَوْثان وبالتالي نَهلَك نتيجةً لذلك. لاحِظوا أن الهلاك لا يعني، "الهلاك التام" في الإسْتِخدام الحالي؛ بل يعني في الواقع أكثر "التَّدمير" أو "الهلاك الشَّديد والمؤلِم والإضْمِحْلال". لاحِظوا الآن شيئًا مُثيرًا للإهْتِمام ويَنْطَوي على مَبْدأ لم نَرَه مُستَخْدَما بهذه الطَّريقة حتى الآن: في سِفْر اللّاويّين كان شَرطًا إلَهيًا أن أي مُحاكمة قَضائية تَنْطَوي على أمْر قد يؤدّي إلى عُقوبة الإعدام يَجِب أن تَسْتَنِد إلى شهادة شاهِدَيْن على الأقل. وبِطبيعة الحال، كانت مِثل هذه الجَّرائم تُعتبر دائمًا أولًا وقبل كل شيء أعمال عُصْيان لله، وكانت تَشْمُل أسْوَأ الجَرائم مثل القَتل والزِّنا وعِبادة الأَوْثان.

أَعْلَم أن الكثير مِنكم من هواة النُبوءات، لِذا إليكُم خَبَرًا قد يُثير اهْتِمامكم. على الرّغم من أننا لن نخوض اليوم في مبدأ "الشّاهِدَين" عبر الكِتاب المُقَدَّس ونُناقِشه بالتفصيل َغْم أنه مُثير للإهْتِمام)، إلا أنَّني أُريدُكم أن تُدْرِكوا أن الشّاهِدَين الغامِضَيْن اللّذين سيَظْهَران خلال زَمَن الضِّيقة في أورَشَليم (شاهِدَي الرَّب اللّذَين سَيَقْتِلْهُما المسيح الدَّجال ويَتْرُك جِثَّتَيْهما مَطْروحَتَين في شوارع أورَشليم ليَراهُما كل العالَم) ما هُما إلا امْتِداد للشَّرْط الذي وَضَعَه الرَّب بأنه يَجِب أن يكون هناك شاهِدان على الأقَلّ للحُكْم على الإنسان بالهَلاك (عقوبة المَوت). هنا في سِفْر التثنية يدعو موسى الشّاهِدَين على بني إسرائيل لِيَكونا السَّماوات والأرض. يقول موسى أنه يَدْعو السَّماوات والأرض باعْتِبارهما الشّاهِدَين المَطْلوبَين ضُدّ بني إسرائيل إذا ارْتَكَبوا عِبادة الأَوْثان. كانت شريعة الشّاهِدَين هذه ضَرورة قانونية مُطْلَقة في نِظام العدالة الرُّبّانيّة، بل إن الله فَرَضَها على نَفْسِه (ولهذا السَّبَب في آخر الزّمان لا بدّ من شاهِدَين لأنه يُحْكَم على جميع الكُفّار بالمَوت الجَسَدي والأبَدي). بما أن عِقاب عِبادة الأَوْثان هو المَوت، إذا كان على بني إسرائيل أن يَهْلكوا (كانوا سيُعاقَبوا بِشَكْلٍ كارِثي) كأُمَّة نتيجةً لعِبادة الأَوْثان التي قاموا بها، فمَن الذي يُمْكِن أن يَبقى ليكون الشّاهِدَين المؤهَّلين للشَّهادة ضِدَّهم؟ يقول موسى إنها ستكون السَّماوات والأرض لأنَّهما خاضِعتان لله كما يَخْضع البَشَر.

إذَن، يقول موسى، ليس الأمْر "إذا" بل "متى" تَبْدأون (بني إسرائيل) مَرَّة أخرى في عِبادة الأَوْثان فإن كل الوعود الرائعة بالأرض والأمن والسّلام سوف تَنْقَلِب. في الآية سبعة وعشرين يقول موسى أنَّ يَهْوَهْ سيُخْرِج بني إسرائيل من أرضِه ويُشَتِّتهم في أُمَم أخرى (جميع الأُمَم الوَثَنيَّة بالطَّبع) وفي حين أن بني إسرائيل لن يُقتَلوا جميعًا في تلك الأُمَم، إلّا أن الكثيرين سيُقْتَلون، والكثيرين سيَذوبون ويَفْقِدون هَوِيَّتهم العِبْرِيَّة. في الواقع يقول موسى أن القليل منهم فقط سيَنْجو من السَّبي. ثم يقول شيئًا أَعْتَقِد أنه قد أُسيءَ فَهْمه الى حَدٍّ ما؛ يقول موسى أن بني إسرائيل في تلك الأُمَم الوَثَنيَّة سيَعْبدون آلِهة من صُنْع البَشَر، آلِهة زائفة.

بِشَكْل عام يُفترَض أن هذه الآية تعني أن العِبرانيّين سيُضْطَهَدون ويُجْبَرون على السُّجود لآلِهة تلك الأُمَم. من الناحية التاريخيّة، حَدَثَ ذلك بالفعل في حالات مَعْزولة (كما هو مُوَضَّح في قِصَّة شدرخ وميشح وعبدَنَغو والأتون النّاري عندما تم نَفي اليهود إلى بابل)؛ ولكن في الغالِبِيَّة العُظْمى من الحالات لم يُجْبَر العبرانيّون على عِبادة آلِهة أخرى لأن ذلك بِبَساطة لم يَكُن تَفْكير أو أساليب الغُزاة الشَّرْقيِّين القُدَماء في العَصْر التَّوْراتي.

بل إن النَّتيجة هي أن بني إسرائيل سيَفْعَلون ما يَفْعَله كل الناس: سوف يَنْدَمِجون بِدَرَجة أو بأُخرى في أي ثقافة يتمّ نَفْيُهم إليها؛ أو، وبِنَفس القَدَر من الشّؤم، لن تَسْمح لهم حكومة تلك الثقافة بالاسْتِمْرار عَلانيَّة في مُمارساتهم الخاصة بالعبادة الراسخة ليَهْوَهْ (كما هو مُوَضَّح في التَّوراة) لذلك سوف يَتنازلون حتى لا يُلاحظهم أحد. أو رُبَّما أسْوَأ من ذلك، لأنهم بِحِكْم التَّعْريف لن يَعودوا مُقيمين على أرض الله المُقَدَّسة (إسرائيل)، ولأن الهَيْكل كان المكان الوحيد الذي يُمْكِنهم الذَّهاب إليه للتَضْحِية والتَّكْفير عن خَطاياهم ضدّ الله، فإن حالتهم الرّوحية خارج الأرض كانت كما لو كانوا قد تَدَنَّسوا ولم يَكُن بإمكانِهم التَّطْهير أبدًا. والأسْوَأ من ذلك، بما أنَّهم كانوا مُدَنَّسين ونَجِسين، فهذا يَعْني تِلْقائيًا أنَّهم لم يكونوا قادِرين على التّواصُل مع يَهْوَهْ.

إسْمَحوا لي أن أضَع الرُّعْب من ذلك في مَنْظوره الصَّحيح: سيكون الأمْر كما لو أنَّك كَمَسيحي انْتُزِع خلاصَك منك. لم تَكُن تريد انْتِزاعه، لكنّه انْتُزِع منك على أي حال. لقد احْتَفَظتَ بِذاكرة كاملة له، وسَبَب أهَمِّيّته البالِغة بالنِّسْبة لك، والرَغْبة في الحِفاظ عليه، ولم تَكُن تَنْوي أن تَفْقِده، لكن عواقِب أفْعالك كانت وَخيمة جدًا على الله لِدَرَجة أنه سَلَّمَك لقِوى الشَّر وفَصَل نَفْسَه عنك. هل يُمْكِنك تَخَيُّل شيء كهذا؟ لن نَتَطَرَّق إلى ما إذا كان ذلك مُمْكِنًا على الإطلاق بالنِّسْبة للمؤمِن (وعُمومًا هذا غير مُمْكن، لذا اسْتَرْخِ)، لكن تَخَيَّل فقط لو كان ذلك مُمْكنًا! هذا بِمَثابة ما يَقوله موسى أنه سَيَحْدُث لبني إسرائيل (وقد حَدَثَ بالفِعل) إذا تَمَرَّدوا على الله (وبالمُناسَبَة فإن التَّعَدّي الرَّئيسي لهذا التَّمَرُّد هو ارْتِكاب عِبادة الأصْنام).

في نَدْوَتِي "الجُذور العِبْرِيَّة للمسيحيّة" أُحاوِل أن أَرْبُط الحالة الذِّهْنيّة لليهود في بابل؛ كم كانوا مُدْرِكين لِنَفْيِهم ليس فقط من وَطَنهم يهُوَّذا، بل أيضًا من الله نَفْسه. لقد شَعَروا أن الهواء الذي كانوا يَتَنَفَّسونه كان نَجِسًا؛ والطّعام الذي كانوا يأكُلونه كان نَجِسًا وليس حلالًا؛ وأنهم كانوا يَعيشون في حالة دائمة من النَّجاسة التي لا مَفَرّ منها. لم تَسْتَطِع النِّساء أن تَتَطَهَّرْن بِشَكْل صَحيح وقانوني من الدَّوْرة الشَّهْرية، ولم يَسْتَطِع الرِّجال أن يَتَطَهَّروا بعد العِلاقة الحَميمة مع زَوجاتهم كما كان النّاموس يَتَطَلَّب. لم يَسْتطيعوا أن يُطيعوا الوَصِيَّة بأن يَحِجّوا ثلاث مرات كل عام إلى أورَشليم في الأعياد التي فَرضها الله؛ لم يَسْتطيعوا أن يُنَفِّذوا العِشْر، ولم يَسْتَطِعْ الكَهَنَة أن يُعلّموا أو يؤدّوا طُقوسهم القُرْبانية، لذلك لم يَسْتَطِع اليهود أن يُقَدِّموا ذبيحة تَكْفير عندما أخْطأوا. كانوا في الجَّحيم.

ومع ذلك يقول موسى إن الإنقاذ والاسْتِعادة مُمْكِنان لشعب الله! إنه يقول أنه إذا (على الرّغم من صُعوبة ذلك في ظُروفهم في المَنْفى)، إذا كانوا سيَتوبوا ويَطْلُبوا الله من كل قَلْبهم وروحهمَذَكَّر أن كَلِمَة "قلب" في الكِتاب المُقَدَّس مُرادفة لكَلِمَة "عَقِل" في عَصْرنا الحديث)، فإنه سيَسْمَح لبني إسرائيل بإحياء علاقتهم به. وهذا لأنه (كما يقول في الآية الواحدة والثلاثين) هناك صِفة أخرى لله تَعمل في الطرف الآخر من الميزان من غَضَبِه وهي رأفَته ورَحْمته. إنه يقول أنه على المستوى الجَماعي أو الوطني لن يَدَع بني إسرائيل يُمحون كشعب مُحَدَّد الهَويّة وأنه لن يَنسى وَعْده بالعهد الذي قَطَعَه مع آباء بني إسرائيل. هذا أمْرٌ أساسي جدًا لِفَهمنا الشّامل للكِتاب المُقَدَّس.

أوّلاً، إن قوله "آبائك" ما هو إلّا طريقة أخرى لقول "البَطارِكة"، أي إبراهيم وإسحاق ويعقوب. إذًا هذا يعني أن موسى يقول أن يَهْوَهْ لن يَخْذُل بني إسرائيل ولن يَتْركهم (كشعب) يُبادون بالكامل، وأنه لن يَنسى العهد الإبْراهيمي (العهد الذي قَطَعَه مع إبراهيم، ثم انْتَقل إلى إسحاق، ثم انتقل إلى يعقوب).

ثانيًا، دَعونا نَفْهم معنى مَفْهوم أن الرَّب لن يَنسى العهد الإبْراهيمي: أنْ "ينسى" العهد يعني إلغاءه، إبْطاله. دَعوا هذا يَسْتَغْرِق دقيقة. يقول الرَّب هذا الشيء نفسه مِرارًا وتِكرارًا في العهد القديم: لن يَنْسى أبدًا (لن يُبْطِل أبدًا) عَهده مع إبراهيم. يسوع، بالطبع، يؤيِّد ذلك في إنجيل متّى خمسة على سبعة عشر عندما يقول أنه لم يأتِ ليُبْطِل أو يُلْغي أو "يَنْسى" التَّوراة ومُحتوياتها (حيث تم تأسيس العهود). إسْمَحوا لي أن أقول ذلك مرَّة أخرى: في التَّفكير العِبري أن تَنْسى وَعدًا أو عَهْدًا يعني إلغاءه أو إبْطاله، وأن تَذْكُر وعدًا أو عهدًا يعني أن تُثبِت صِحَّتَه وتؤيِّدَه وتَلْتَزم بِشُروطه.

أما فيما يَتَعَلَّق بالله على وجه الخُصوص، فإن النِّسَيان والتَّذَكُّر لا عِلاقة لهما بِذاكرته أو قُدْرته على التَّذَكُّر.

لقد قُلْت لكَ الآن أن سِفْر التثنية أربعة مُكْتَظّ بالأمور المُهِمَّة، لذا إليك مَفْهوما آخر مُهِمًّا يَمُرّ علينا سريعًا. بينما أنا وأنت نقرأ هذا المَقطع ونقول: "حسنًا، إذًا يقول الله بما أنه رَحيم، فحَيثما كانوا مُشَتَّتين سيَسْمَح لبني إسرائيل أن يَطُوقوا إليه". هذا رائع، لكنّه واضِح ومُباشر جدًا. حَسنًا، إنه مُباشر فقط بالنِّسْبة لنا لأننا نَفهم أنه لا يوجد سوى إلَه واحد فقط. لم يَكُن العبرانيّون في ذلك العصر يؤمِنون بذلك. فكما أننا أنا وأنت لم نَكُن لِنُجادِل أبدًا في أن العالَم يتكَّون من مجموعات مُتَعَدِّدة من البَشَر: السود والسُّمْر والبيض والآسْيَوِيّين وما الى ذلك، كذلك كان العبرانيّون بِبَساطة يَعتبرون أن العالَم الرّوحي يتكوَّن من عدد كبير من الآلِهة، كل منها مُخَصَّص لواحدة أو أُخرى من مُخْتَلف المجموعات والأُمَم الشَّعبية. وبالتالي فإن يَهْوَهْ فقط هو إلَه بني إسرائيل بالذات. إذن في سِفْر التثنية، يبدأ موسى (لأوّل مَرَّة يُمْكِنني أن أكْتَشِفها في التَّوراة) في تَوضيح أن يَهْوَهْ هو الإلَه الوحيد في الوجود، وليس فقط إله بني إسرائيل الوحيد. لذا يُخبِر موسى بني إسرائيل أنه عندما يَتَشَتَّتوا في جميع أنحاء الأرض بِسَبَب عِبادتهم للأصْنام التي سيَرْتَكِبونها، يُمْكِنهم أن يَشْعُروا بالرّاحة في مَعْرفة أن إلَهَهم سيكون أيْنَما كانوا. أنه (على عكس الفِكر العالَمي في ذلك العصر) لن يَضْطَرَّ العبرانيّون إلى تبديل ولائهم لإلَه أو آلِهة أي أمة من الأُمَم التي سيَنْتَهي بهم المَطاف فيها لكي يكون لهم إلَه أو آخر يُساعدهم. إن قوة يَهْوَهْ وحُضوره موجود في كل مكان على هذه الأرض، وهو ليس مُقَيَّدًا بِحُدود إقليميّة، كما هي الآلِهة غير الموجودة لدى الأُمَم الوَثَنيَّة.

انْظُروا: رُبَّما كان هذا أمْرًا صَعبًا على الأرْجح على بني إسرائيل أن يَتَقَبَّلوه على الفَور على أنه حقيقة (لأنه يَتعارض مع ما كان يُعتبَر في ذلك الوقت مَنْطِقًا سليمًا) كما هو صَعْب في البداية على المسيحيّين الجُدُد أن يَقْبَلوا أن صِفة إلَهية لله تُدعى "الرّوح القُدُس" قد سَكَنت فينا بِشَكْل خَفي وغير قابِل للكَشْف. فمن ناحية تُخبرنا السُّلطات الكنَسيّة المَوثوقة أن هذا هو الحال؛ ونحن نأمل أن يكون الأمْر كذلك، ولكن من ناحية أخرى كيف يُمْكِن إثبات مثل هذا الأمْر والتَّحَقُّق منه بِشَكْل مَلْموس؟ الطَّريقة الوحيدة هي من خلال الوقت والخِبْرة مع الرَّب التي تَبْدأ بالإيمان البسيط. لذلك دَعونا نُحاول أن نُدرك المَفْهوم الثَّوري الذي كان موسى يَتَحَدَّث عنه هنا. ولكن دَعونا أيضًا نُحاول أن نَفهم أن جِزءًا آخر ممّا كان يقوله موسى كان نَبَوِيًّا بِشَكْلٍ يُنْذِر بالسّوء: أن بني إسرائيل في المُستقبل سوف يَتمرَّدون على الله عن طريق عِبادة الأَوْثان، وسوف يُطرَدون من الأرض ويَتَشتَّتون، وسوف يُقْتَلون ويتم إخْضاعهم في الأُمَم الوَثَنيَّة ويتم إخْضاعهم للإسْتِعباد، وسوف يتعرَّضون لضُغوط مُجْتمعية لعِبادة آلِهة أُخرى، وسوف يَسْتسْلِم الكثير من بني إسرائيل (إن لم يَكُن مُعْظَمهم) لعُنْصُر أو آخر من هذه العناصِر.

في الحقيقة، يَضع موسى هذا بعِباراتٍ عامة بحيث أن الإدْراك المتأخِّر فقط هو الذي يُمَكِّننا من التَّحَقُّق من صِحَّة الحقيقة فيه: ليس الأمْر أن بني إسرائيل سيَفْعَلون ذلك في مُناسبة واحدة ثم يُجيب الله بالنَّفي، ولكن ما يتم تقديمه لبني إسرائيل هو مبدأ سَيَتكرَّر في دَورات مُنْتَظِمة؛ سوف يَتَمرَّد بنو إسرائيل من خلال عِبادة الأَوْثان والله سوف يَرُدّ في كل مرَّة بنفس الطَّريقة بِنَفْيِهم من وطنهم.

لكن كما هو الحال دائمًا، يَجْلب موسى توازُنًا للمَوقف. فالاسْتِرداد سيَحْدُث كما سيَحْدُث بالتّأكيد تَمرُّد بني إسرائيل. وبِدءًا من الآية الواحدة والثلاثين يقول موسى أن أسباب هذا الأمَل في الاسْتِعادة وإعادة الاتِّصال مع الله الذي يَجِب أن يأمَله بنو إسرائيل دائمًا هو أمْران: الأول) لأن الرَّب أحَبَّ البَطارِكة؛ والثاني) لأن الله رَحيم بِطبيعته. ومن هنا يُلْقي موسى عِظة حول هذا المَفْهوم الجَذْري بأن الرَّب هو الإلَه الوحيد المَوجود.

هذه العِظة التي تُعرِّف بني إسرائيل على التَّوحيد تقول إن الدَّليل على أن هناك إلَهًا واحدًا فقط وأن إسْمه يَهْوَهْ مَوجود في التاريخ نَفْسه. أنّه منذ أن تَشَكَّلَت الأرض وحتى اليَوم، أيُّ مُجْتَمعٍ أو ثقافةٍ حَدَث لها مِثل ما حَدَث لبني إسرائيل؟ أيُّ مُجْتَمَعٍ سَمِع صَوْت الله بالفِعْل؟ ليس فقط بعض الكَهَنَة الذين يَزْعَمون أنهم سَمِعوا إلَه ما، بل بالأحْرى عامّة الناس الذين كانوا شُهود عيان على حُدوث ذلك. متى حَدَث في أي وقت مَضى أن كان هناك إلَه ميَّزَ مَجْموعةً مُخْتارةً من الناس عن العالَم بِشَكْل عام، وأعْطاهُم ناموسًا وعَهْدًا، وأنْزَلَ دَمارًا خارِقًا للطَّبيعة على مُضْطَهِديه (كما حَدَث في مصر)، ثم قادَهم بِواسطة سَحابة مَرْئية وعَمود من نار لم يَكُن مُتاحًا لبني إسرائيل فقط ليَراه الإسْرائيليّون بل لِيَشْهَدُهُ أي شَخْص على مَقْرِبة مِنْهم؟

أيُّها الحُضور، دَعوني أشْرَح لكم شَيْئًا رُبَّما لم تُفَكِّروا فيه: هل تَعْرِفون لماذا يُنظَر إلى بني إسرائيل على أنّهم عَجيبين وغَريبين جِدًا ويمثِّلون تهديدًا منذ لَحْظَة تَقْديسِهم وانْفِصالِهم حتى اليَوْم؟ يُخْبِركم موسى في سِفْر التثنية. هذا لأنَّهم في الواقع مُخْتَلِفون بالفِعْل، وقد رَسَموا طَريقَهم على تاريخٍ فريد تمامًا ومَجموعة من الأخلاق والمبادئ التي تَتعارض مع أي مُجتمع آخر على الإطلاق. فالبَشَر لا يُطيقون التَّنَوُّع والاخْتِلاف على الرّغم من التَّقْديس الأكاديمي السَّخيف والمُخادِع لهم اليوم. في نَفْس الوقت الذي يُنادي فيها العالَم بِقُبول التَّنَوُّع والتَّسامُح والتَّعَدُّدية الثَّقافية تُبْذَل كل الجُهود للضَّغْط على الجميع ليَكونوا مُتَشابِهين. يا إلَهي، كما لم يَحْدُث في أي وقت آخر في التّاريخ هناك جِهِد كبير لِمَحو التَّمْييز بين الذَّكَر والأُنْثى. لِسَحْق الجميع في نفس القالِب، وأن يَتَقَبَّل الجميع نفس الفَلْسَفات والأخْلاق، وأن يكون هناك هَيْئَةً واحِدةً مُهَيْمِنةً على العالَم لتَحْكُم جميع الأُمَم تحت نفس القواعِد والقوانين. وكل من يَرْفُض الخُضوع لهذا يُعْتَبَر مُرْتَدًّا وغير ذَكي وكارِهًا ومُبْغِضًا، وشيئًا يَجِب أن يُداس عليه ويُستأصَل مثل الصَّرْصور غير المَرْغوب فيه.

يَدَّعي موسى أنه لم يَكُن أحد من قَبْل في مَوْقف بني إسرائيل، ولم يَكُن لدى أحَد مثل هذه القوانين والأوامِر المثالِيّة التي يَعيش بها أكثر ممّا قدَّمَه لهم يَهْوَهْ. ما لم يَقُلْهُ حتى الآن هو أن العالَم سَيَكْرَه بني إسرائيل بِسَبَب ذلك، وأن العالَم كما تَقوده مُيوله الشِّرّيرة، بِتَوْجيهٍ من الشَّيْطان، لن يَتَوَقَّف أبَدًا عن مُحاوَلة التَّخَلُّص من هذا الشَّعب الغَريب، بِبَساطة لأنَّهم مُخْتَلفون.

حَسَنًا، اسْتَيْقِظوا أيها المَسيحيّون؛ اليهود ليسوا وَحْدَهُم بعد الآن. لقد أصْبَحْتُم هَدَفًا لإعادة التَّعْليم أو الإبادة. أنتم مُخْتَلِفون لِلْغاية بِحَيث لا يُمْكِنكم العَيْش الى جانِب الآخرين. وكيف اسْتَجابَت الكنيسة لهذا التَّحَدّي؟ بِشَكْلٍ عام بالطَّريقة نَفْسها التي فَعَلَها اليهود في نِهاية المَطاف، أن تَنْدَمِجوا مع العالَم؛ أن تُشْبِهوا العالَم أكثر من العالَم نَفْسه. عَمَلَ اليهود على إلْغاء الفَصْل بَيْنَهم وبين سُكّان هذا الكَوْكَب الآخَرين. فاليهود الذين هاجَروا من أوروبا في وقت مُبْكِر من القرن التاسع عشر لم يَتَخَلّوا عن هَوِيَّتهم اليهوديّة فَحَسْب، بل عن أسْماء عائلاتهم أيضًا حتى يَتَسَنّى لهم التَّلاشي في بَحْر من الأُمَميّين. في عَصْرِنا هذا يَتَخلّى المَسيحيّون في الألْفِيّة الثالِثة، وطوائف بأكْمَلِها بِشَكْل جَماعي، عن عقيدة الولادة العذراوية، وألوهية يسوع، وأي مظهر من مظاهر التميز والاختلاف عن العالم. المَسيحيّون بالملايين يَقْبَلون ويَحْتَفِلون بالمِثْليّة الجِنْسيَّة وزواج المِثْليِّين وحُرِّيَّتنا في اخْتِيار الإجْهاض. المَسيحيّون لا يُريدون تاريخَنا الإيماني الحَقيقي: نَحن نُريد فقط تأمينَنا ضدّ الحريق ومَجْموعَتنا الاجْتِماعيّة من الأصْدِقاء والأنْشِطة التي تَتَمَحْوَر حول مَبْنى كَنيسة. بالطَّبْع أنا أتَحَدَّث بِشَكْل عام وهذه ليْسَت كل الحالات، لكنَّها على الأقل أصْبَحَت القاعِدَة الجديدة.

إن الانْدِفاع إلى التَّخَلّي عن مُخَلِّصنا في أوروبا في ذِرْوَته ولا بدّ أن يَنْتَشِر. وتَقود إنْجلترا الطَّريق حيث تُقَدِّم الآن مَجْموعة شهادات ضدّ المَعْموديّة بِحَيث يُمْكِن للمسيحي أن يَتَخَلّى رَسْميًّاً عن كل ولاء لإلهه، وأن يُزال إسْمه رَسْمِيًّاً من كل نوع من القَوائم التي تُعَرِّف عنه على أنه مَسيحي، ثم يَحْصَل على شهادة كدَليل قانوني على تَخَلّيه عن المسيحيّة. خلال العام الماضي وَحْدَه قام بذلك أكثر من مئة ألف شَخْص.

في الآية تِسعة وثلاثين يُدْلي موسى بالبَيان الحاسِم. "فَاعْلمُوا إِذًا اليَوم وضَعوا في اعْتِباركم أَنَّ يَهْوَهْ هو اللَّهُ الَّذي في السَّماء مِنْ فَوق وَفي الأرْض من تحت، لَا إِلَه غَيْرُه". يُمَثِّل هذا البيان نِقْطة تَحَوُّل في تاريخ البَشَريّة. وبعد ذلك يَقول موسى إن السَّبَب الذي يَجْعلكم تُريدون أن تُؤمِنوا بهذا الأمْر وتَلْتَزِموا به هو أن تَسير الأُمور مَعكم ومع أولادِكم على خَيْر وأن تَبْقوا في رِعاية الله على أرْض الله. إذا لم يَكُن هناك سَبَب آخر يا بَني إسرائيل، أَطيعوا الله من أجْل أسْباب أنانيّة خاصّة بكم لكي تَنْجوا وتَزْدَهِروا. يقول موسى، لا تَفْعَلوا هذا لأن الله يَحْتاج إليه؛ بل لأنَّكم أنتم تَحْتاجون إليه. لا تَفْعَلوا هذا لأن الله يَنْتَفِع؛ بل لأنكم أنتم المُنْتَفِعون.

لم يَتَغَيَّر شيء. الخَلاص ليس الآن ولم يَكُن أبدًا من أجل مَنْفَعَة الله؛ بل من أجْل مَنْفَعَتنا. إن الله لا "يَخْسَر" لأن الكثيرين لا يَسْتَفيدون من عَطِيَّته المَجّانيّة؛ أولئك الذين لا يَرون الحَقّ، هم الذين يَخْسَرون.

يُنهي موسى هذا الجِزء من خِطابه إلى الشَّعب بِتَسْمِيةِ مُدُن المَلجأ (المُدُن المُقَدَّسة) التي ستُقام على الجانِب الشَّرقي من نهر الأردن، في الأراضي التي سَيَسْكُنُها رأوبين وجاد ونِصْف سِبْط من سِبْط مَنَسّى. هذه هي المُدُن التي سيَمْتَلِكها ويُديرها اللّاويّون من أجل الأسْباط الذين اخْتاروا العَيْش والعَمَل في شرق الأردن. تذكّر أن مدينة الملجأ هي المكان الذي يُمْكِن أن يُقيم فيه رَجُل قَتَل رَجُلاً آخر ويكون آمِنًا، ولا يجوز أن يَتَعَرَّض للأذى إذا هَرَب إلى إحدى هذه المُدُن الثلاث. تَذكَّر أيضًا أن هذا القانون لا يَشْمُل جَريمة القَتِل ولا يَجوز للقاتِل أن يُقيم فيها. فالجَريمة الأساسِيّة التي خُصِّصَت لها هذه المدن هي القَتِل الخَطأ، أي قَتِل إنسان عن غير قَصْد أو عن طريق الخَطأ.

لا يَعني هذا أن أولَئك الذين يأتون إلى مَدينة مَلْجأ أنهم مَوجودون هناك لتَجَنُّب المُلاحقة القَضائية، في الواقع سَيَتِمّ إحْضارهم إلى مكان مُعَيَّن للمُحاكمة، وإذا ثَبُتَ أنَّهم غير مُذْنِبين بِجَريمة القَتْل، فيُمْكِنهم العَودة إلى مدينة المَلْجأ والبقاء هناك في أمان. إن سُكّان مدينة الملجأ لَيْسوا في السِّجن، بل هم في الواقع يَتَمَتَّعون بالحِماية. في الواقع هم أحْرار في مُغادرة تلك المُدُن في أي وقت يَخْتارونه. المُشْكِلة هي أنّهم كانوا مَحْمِيّين من الفادي القريب (غوئيل هيدام) الذي كان من واجِبه التَّقْليدي أن يَنْتَقِم من مَوت قَريبِه الذي قَتَلَه ذلك الشَخْص حتى لو كان عن طريق الخَطَأ. ولكن إذا اخْتار القاتِل أن يَعيش خارج حِماية المدينة المُقَدَّسة، فقد يُصبح هدفًا مشروعًا ويُمْكِن للفادي القريب أن يأخُذ ثأرَه من دون عواقِب.

في خِتام الإصْحاح الرّابع سأكْتَفي بِتَعْليق سريع على الآيات من أربعة وأربعين حتى تسعة وأربعين. هناك بعض الخِلاف حول ما إذا كان يَجِب ألّا تكون هذه الآيات بالذّات نِهاية الإصْحاح الرابع، بل يَجِب أن تُدرَج كأول كَلِمات الإصْحاح الخامِس. وإلّا فإنّها تَبْدو زائدة عن الحاجة بِشَكْل فَظيع.

أوَدّ أن أُقَدِّم احْتِمالاً مُخْتَلفاً: كانت الآيات من واحد الى ثلاثة وأربعين بِمَثابة مُقَدَّمة، تمهيد لمّا كان موسى على وَشَك أن يَقولَه بِدْءاً من سِفر التثنية ثم تَسْتَمِّر بِشَكْل أساسي في الإصْحاحات العديدة التالية.

وبِعِبارة أخرى رُبَّما في المُصْطَلَحات الحديثة يُمْكِن أن يكون موسى يقول "والآن، بعد كل ما قَدَّمته لكم للتَّوْ كَخَلْفِيّة، إليكم أخيرًا التَّعْليم الذي أُريدُكم أن تَفْهَموه……" لذا، في الواقع، أنا أتَّفِق مع أولئك الّذين يقولون أنه على الرّغم من أن التَّرْجَمة جَيِّدة تَمامًا، إلّا أنه كان يَنْبَغي أن يَبْدأ الإصْحاح الخامِس في وَقْتٍ سابِق ممّا هو مُحَدَّد حاليًّا بإسْم سِفْر التثنية أربعة على أربعة وأربعين. قبل أن تبدأ بإتِّهامي بِمُحاولة "تغيير الكِتاب المُقَدَّس"، أرْجوك تَذَكَّر فقط أن الكِتاب المُقَدَّس لم يَكُن به علامات إصْحاحات، لا في العهد القديم ولا في العهد الجديد. لقد أضافَها العُلَماء بعد عِدَّة قرون، فقط كوَسيلةٍ للمُساعَدة في دِراسة وتَوصيل المقاطِع المُخْتَلفة. ويَنْطَبِق الشَّيء نَفْسه على ترقيم الآيات، فقد كان نِظامًا اعْتِباطيًّا ولا عَيْب في ذلك لأنه لا يُغَيِّر شيئًا.

ولكن بما أن الفَقَرات والفُصول في الأدَب الحديث لها مَعْنى مُهِمّ (عادةً ما تُشير إلى انْتِهاء مَشْهَدٍ وبِداية مَشْهدٍ جديد أو انْتِهاء نَمَط فِكْري وبِداية آخر جديد) يُمْكِن أن يكون لها تأثير إذا طَبَّقْنا نفس النَّوْع من المعايير الأدَبيّة على الكِتاب المُقَدَّس. ما أقولُه لكم هو: حاوِلوا ألا تَقْرأوا الكِتاب المُقَدَّس وِفقًا للفَقَرات والفُصول كما نقرأ كِتابًا حَديثًا. في كثير من الأحيان، تسْتَمِرّ سِلسِلة مُعَيًّنة من الأفكار بِبَساطة من الآية الأخيرة من أحَد الإصْحاحات إلى الآية الأولى من الإصْحاح التالي؛ ولكن لأنه يَبدو أنه انْقَطَع بِسَبَب فَقَرة جديدة أو رَقم إصْحاح جديد، فإن أذْهاننا تَميل إلى إنهاء سِياق ما قيل حتى تلك النُّقطة ونُحاول خَلْق سياق جديد بالكامِل من الصِّفر. هذا خَطأ كبير وللأسَف هذه هي على الأرْجَح الطّريقة التي يَقْرأ بها الغالِبِيَّة العُظْمى من المؤمِنين وطُلّاب الكِتاب المُقَدَّس ومُعَلِّمو مَدارس الأحَد، وحتى أساتِذة كُلِّية الكِتاب المُقَدَّس في الواقع ويُعَلّمون الكِتاب المُقَدَّس.

سَنَتَناول في الأسبوع القادم الإصْحاح الخامِس من سِفْر التثنية.

This Series Includes

  • Video Lessons

    0 Video Lessons

  • Audio Lessons

    41 Audio Lessons

  • Devices

    Available on multiple devices

  • Full Free Access

    Full FREE access anytime

Latest lesson

Help Us Keep Our Teachings Free For All

Your support allows us to provide in-depth biblical teachings at no cost. Every donation helps us continue making these lessons accessible to everyone, everywhere.

Support Support Torah Class

    سِفْر التَثْنِيَة الدرس الأوَّل – المقدِّمة نبدأ اليوم دراسة السِفْر الأخير، السِفْر الخامِس من أسْفار التَّوراة، سِفْر التَثْنِيَة . لقد قَطعنا شَوطًا طويلًا، أليس كذلك؟ لقد رأينا حتى هذه النّقطة في التَّوراة خَلْق العالَم والبَشَرِيّة ودمار العالَم (وجميع البَشَر ما عدا ثمانية أشخاص) بطوفان عظيم، ثم إعادة التَّوْطين في الأرض…

    سِفْر التثنية الدرس الثاني – الإصْحاح الأول لقد تناولنا في الأسبوع الماضي مُقدِّمة لسِفْر التثنية لكي تُعطينا بعض من السياق لدِراسته. ولكن، لا تُخطئوا: إن الأساس لتفسير هذا السِفْر الخامس من التَّوراة تفسيرًا صحيحًا هو الأسفار الأربعة السّابقة؛ فكل واحد منها يؤسِّس على الآخر. ولكن، بشكل عام، علينا أن نَنظر…

    سِفر التثنية الدرس الثالث – الإصحاحان واحد واثنين في آخر مَرَّة التَقَينا فيها وَضَعتُ مبدأً للسِّياق العام لسِفر التثنية سأُذكِّركم به من وقت لآخر، وهو أنه ينبغي النَّظَر إلى سِفر التثنية على أنه عِظة من موسى أكثر من كَونه خطبة من فَم الرَّب مباشرة. إن عِظة موسى تُشبه إلى حدّ…

    سِفْر التثنية الدرس الرابع – الإصْحاحات الثاني والثالث والرابع نُواصِل هذا الأسبوع في سِفْر التثنية الإصْحاح الثاني. وسنَبدأ بالتّعليمات الواردة في الآية الرابعة والعشرين ليَبْدأ بني إسرائيل احْتِلال أرض كنعان؛ أو بِعِبارة أُخرى لِنُطلِق أوَّل طَلْقة في حَرْب يَهْوَهْ المُقَدَّسَة. دَعونا نُعيد القِراءة من الآية الرابِعة والعشرين إلى نهاية الإصحاح…

    سِفْر التثنية الدرس الخامس – الإصْحاح الرابع انْتَهينا في الأسبوع الماضي بدِراسة ”الشيما“، والتي ربّما تكونُ العقيدة المَرْكزية في العقيدة العِبْريَّة. إن الشيما (التي هي مَزيج من الصلاة وبيان الحقيقة والإيمان) تأتي في الواقِع قبل إصْحاحَين من المكان الذي نحن فيه الآن (تبدأ الشيما في سِفْر التثنية سِتَّة)، ولكن السّبب…

    سِفْر التثنية الدرس السادس – تكملة الإصحاح الرابع دَعونا نُواصل دراستنا للإصْحاح الرابع من سِفْر التثنية؛ وهو اخْتِياري الشَخْصي الذي رُبَّما يكون أحد أكثرَ عشر إصْحاحات أهَمِّية ومَرْكَزيَّة في الكِتاب المُقَدَّس كلّه لِفَهم إلهِ بني إسرائيل وصِفاتِه وشَخْصيَّتِه، والمبادئ التي تَحْكُم كل شرائعه، وما يَحْدُث لمن يطيعونه وما يَحْدُث لمن…

    سِفْر التثنية الدرس سبعة – الإصحاح خمسَة لقد قَطعْنا الآن حوالى ثمانين بالمئة من دراستِنا للتوْراة، وقد استوعَبنا كمًّا هائلاً من التَفاصيل. قَبْلَ أن نبدأ اليَوم دراستَنا للإصحاح الخامس من سِفْر التثنية دعونا نتوقَّف لبِضع دقائق فقط لنستجمِع أفكارَنا. اسمحوا لي أنْ آخذ بِضع دقائق لأرسُم صورة عن بَعض المُقدِّمات…

    سِفْر التثنية الدرس الثامن – الإصحاح السادس على الرُّغم من أننا تحدَّثنا عنه قليلاً، إلا أنّ التَركيز في سِفْر التثنية الإصحاح السادِس هو على الآيات أربعَة إلى تسعة وخاصةً الآيتين الرابعة والخامِسة. تُعتبَر الآيتان أربعة وخمسة ذات أهمية بالنِّسبة إلى عقيدة عِبادة يَهوَه، لدرَجة أنَّها أُعْطيت عنوانًا مُنفصلاً هو الشماع.…

    سِفْر التثنية الدرس تِسعة – تَكملة الإصحاح ستّة أوَدُّ أن أطلُب منكُم الانتباه والصَبر اليوم لأن النِصف الأول من هذا الدَرس يَختلِف اختلافًا كبيرًا عن النِصف الأخير، الذي يَتناول إحدى أصعب الرسائل التي تَشرَّفتُ بتقديمها. قال أحَد أكثر حُكماء اليهود تَبجيلًا، الرمبام، المَعروف أيضًا باسم موسى بن ميمون الذي عاشَ…

    سِفْر التثنية الدرس العاشِر – الإصحاحان ستّة وسبعة سنُنهي اليوم الإصحاح السادس ونَنتقِل إلى الإصحاح السابع في دراستِنا لسِفْر التثنية. لقد ألقَينا في الأسبوع الماضي نَظرَة أخرى على” شماع يا إسرائيل“، الّتي هي العقيدة الروحية والوَطنية للشَعب العِبراني…….. وهي بالتأكيد العَقيدة المَركزية للمَسيحية أيضًا. كلّ ما في الأمْر أنه تَمّ…

    سِفْر التثنية الدَرس الحادي عشر – الإصحاحان ثمانية وتِسعة في تَفسير التوراة الصادِر عن جَمعية النَشر اليَهودية، يُبدي عالِم الكتاب المقدَّس البارِز جيفري تيغاي هذه المُلاحظة الرائعة فيما يتعَلَّق بالكَلِمات الافتتاحية للإصحاح الثامِن من سِفْر التثنية. يَقولْ: "بما أنّ رسالَتَه هي أنّ على إسرائيل أن تَتذكَّر دائمًا اعتمادَها على الله،…

    سِفْر التثنية الدَرس الثاني عشر – الإصحاحان تِسعة وعشرة سنُتابِع اليوم في سِفْر التثنية الإصحاح تِسعة. اسمَحوا لي أن أذكِّركُم أن سِفْر التثنية هو في الأساس عِظَة لموسى، ولذلك كنتُ (وسأستمِرّ) في تقديم سِفْر التثنية لكمُ على هذا الأساس. من حقائق الحالة البَشرية أنه مَع مُرور الوقت يُعاد كِتابة التاريخ…

    سِفْر التثنية الدرْس الثالث عشر – الإصحاحان عشرة والحادي عشر أنهَينا الأسبوع الماضي دراسَتنا لسِفْر التثنية عشرة بمناقشَة هذا السؤال الخِطابي ولكن القوي الذي طرَحَه موسى وهو واقِفٌ على قِمَّة تَلّ في موآب مُخاطبًا الشعب المُختار: ”والآن، يا إسرائيل، ماذا يطلب منك الرَب إلهك"؟ ويجيبُ موسى على سؤاله بهذه التَعليمات:…

    سِفْر التثنية الدَرس الرابع عشر – الإصحاح الثاني عشر سنَمضي هذا الأسبوع بحَذَر وتأنٍّ لأنّ هُناك بَعض المبادئ الروحية الحَيَوية التي يجِب استخلاصُها حتّى من أوَّل آيات من سِفْر التَثنية الثاني عَشر. كانت الإصحاحات واحِد إلى أحَد عشَر من سِفْر التثنية في جوهَرِها مُقدِّمة لما يَبدأ في هذا الإصحاح الذي…

    سِفْر التثنية الدَرس الخامس عشر – تكملة الإصحاح الثاني عشر لكي نَضع قاعدة لفَهْم الإصحاح الثاني عشر من سِفْر التثنية والإصحاحات العديدة التالية أيضًا، أمضَينا بعضَ الوَقت في دراسة بعض المَبادئ الإلهية الأساسية الوارِدة في الإصحاح الثاني عشر. المَبدأ الأول هو المَبدأ الخاص بنَمَط العَهد الثابِت؛ والمَبدأ هو أنه عندما…

    سِفْر التثنية الدرس السادس عشر – خاتمة الإصحاح الثاني عَشَر ختَمْنا الأسبوع الماضي بقُسْم من سِفْر التثنية الثاني عشَر الذي اتَّخذ فيه الرَب قرارًا شعبيًا جدًا: يَستطيع بنو إسرائيل الآن أن يَأكلوا كل ما يُريدونه من لحوم ولا ضَرورة أن تَكون جزءًا محدودًا من بقايا الذبائح التي يُقدِّمونَها في خيمة…

    سِفْر التثنية الدَرس السابع عشر – الإصحاحان الثالث عشر والرابع عشر نتناوَل اليوم الإصحاح الثالث عَشر من سِفْر التثنية. تناوَل الإصحاح الثاني عشر أمْرَ الرَب لإسرائيل باقتِلاع وتَدمير كلّ بقايا الديانات الكنعانية السِريَّة التي كانت مَوجودة في أرْض الميعاد. لم يكُن على إسرائيل أن تُقدِّم أيّة تَنازلات أو تَقبَل أي…

    سِفر التثنية الدرس الثامن عشر – الإصْحاح الرابع عشر لقد أنْهَينا الأسبوع الماضي جِزءًا من الإصْحاح الرابع عشر من سِفر التثنية؛ وقَضَينا مُعظَم وَقْتِنا في مُناقشة المَبْدأ الإلَهي لغَرَض الإرادة الإنسانية. خلال تلك المُناقشة أخْبَرتُكم أن الغَرَض من الإرادة البَشَريّة هو الاخْتِيار الأخْلاقي؛ وأن الاخْتِيار الأخْلاقي ما هو إلا الاخْتِيار…

    سِفْر التثنية الدرس التاسع عشر – الإصْحاح الخامس عشر يَستكمل سِفْر التثنية الخامس عشر شَرائع الرَّب المُتَعَلِّقة بِمُساعَدَةِ الفُقَراء والمَحْرومين. إن شَخْصيّة الله هي أنه يَضَع احْتِياجات الفُقَراء كأوْلَوِيّة قُصْوى؛ ولكنه يَضَع أيضًا مَسؤوليّة رِعاية الفُقَراء على عاتِق كل فَرْد في مُجْتَمَع أولئك الّذين خَصَّصهم الله (مع توقُّع أن يُعطي…

    سِفْر التثنية الدرس عشرين – الإصْحاح السادس عشر الإصْحاح السادس عشر من سِفْر التثنية هو جِزء مُوسّع الى حدٍّ ما من السِفْر الخامس من التَّوراة، يبدأ بِوَصف أعياد الحَج الثلاثة الكبرى، ثم يَنْتَقِل إلى مُناقَشَة مُتَطلِّبات وتَوقّعات القادة المَدنيَين والحُكوميين، وأخيرًا يُجَدِّد التَّعليمات المُتَعلِّقة بِمُمارسات العبادة السليمة ويُكرِّر المَحْظورات. كما…

    سِفْر التثنية الدرس واحد وعشرون – تكْمِلة الإصحاح السادس عشَر لقد انتهَينا الأسبوعَ الماضي بمناقَشَة بعضِ التَفاصيل الرائعة عن عيد الفِصح وعيد الفَطير واسمُهما بالعِبرية باساخ وماتزا. سنُكمل ذلك اليوم ولن ننتَهي من سِفْر التثنية السادس عشَر بالكامِل حتّى المرَّة القادِمة. هناك سَبَبان يَجعلانِنا نستعرِض بعِناية القوانين المُتعلِّقة بهذه الأعياد…

    سِفْر التثنية الدرس الثاني والعشرون – الإصحاحان السادس عشَر والسابع عشَر لقد أمضَينا الدرسَين الأخيرَين في سِفْر التثنية السادس عشَر في النظَر في بعض الجوانِب الباطنيّة والمُهمَّة جداً من أعياد الرَب، وخاصةً تلك التي تتضمَّن شَرْط الحَج إلى خيمة الاجتماع/المَعبَد. وبما أنّ هذا الموضوع طويل ومُعقَّد فلن نستعرِضَه اليوم؛ سأنصَحُكم…

    سِفْر التثنية الدَرس ثلاثة وعشرون – الإصحاحان السابع عشَر والثامن عشَر كنا نُناقِش القِسم من سِفْر التثنية السابع عشَر الذي يَتناول حدود الله وقيودَه على السُلطات المَدَنية والدينية في إسرائيل. تَقتضي إحدى المبادئ الرئيسية في اقتِصاد الله غياب الفَصْل بين الكنيسة والدولة (إذا جاز التَعبير). لن أُناقِش قرار الولايات المتحدة…

    سِفْر التثنية الدرس الرابع والعشرون – الإصحاحان التاسع عشَر والعشرين لقد انتهَينا الأسبوع الماضي من الإصْحاح الثامن عشر الذي أكمَلْنا فيه قِسْم سِفْر التثنية الذي يَصِف الأنواع الأربعة الرئيسية للسُلطات الحكومية البَشرية التي أَمَرَ الله أن تَحكُم إسرائيل: الملوك والأنبياء والقُضاة والكهنة. وبينما نَبدأ اليوم الإصحاح التاسع عشَر ندخُل في…

    سِفْر التثنية الدرس خمسة وعشرون – الإصحاح عُشرون بدأنا الإصحاح عشرون من سِفْر التثنية في نِهاية الأسبوع الماضي ولَكِنَّنا انتَهينا عِند الآية تِسعة. درْسُ الليلة من أصعَب الدروس لأنّ المَوضوع الأبرَز هو الحَرْب المقدَّسة، وأرجو أن تَفهموا أنّ الحَرْب المقدَّسة هي حربٌ بدأها الله بأمْرِه المباشَر ويُشرِف عليها ويُنهيها الله…

    سِفْر التثنية الدَرْس سِتّة وعشرون – الإصحاح واحد وعشرون نَبدأ اليوم الإصحاح واحد وعشرون من سِفْر التثنية، مع طَقْس غَريب جداً يَصعُب على حاخامات اليَهود وحُكماء العبرانيين القدماء تَفسيرُه. حتّى أنّ العُلَماء المَسيحيين لا يُكلِّفون أنفسَهُم عَناء المُحاوَلة. سنَستكشِف هذه الطُقوس ونُحاوِل أن نَفهمَها. يَنقسِم هذا الإصحاح في الحَقيقة إلى…

    سِفْر التثنية الدرس السابع والعشرون – تَكْمِلة الإصْحاح واحد وعشرين سنُواصِل هذا الأُسْبوع مع سِفْر التثنية واحد وعشرين. ناقَشْنا في المَرَّة السّابِقة الإصْحاح واحد وعشرين، الآيات من واحد الى تِسعة، وكان المَوضوع هو القَتْل غير المَحْلول أمْره. ولكن، كما رأينا، كان هذا في سياقٍ أوْسع بكثيرٍ من الإثْم الدَّموي. يَحْدُث…

    سِفْر التثنية الدرس الثامن والعشرون – الإصْحاح الثاني والعشرون بَيْنما نَفْتَح كِتابَنا المُقَدَّس اليوم على سِفْر التثنية إثنين وعشرين، أَذْكُر أنني فَكَّرت وأنا أُحَضِّر هذا الدَّرس: "كيف سأجِد الكَلِمات التي سَتَشْرَح التأثير العَميق والبَعيد المَدى لِشرائع الله هذه على المؤمِنين في العَصْر الحديث؟" هذه إحدى الأماكِن في الكِتاب المُقَدَّس التي…

    سِفْر التثنية الدَّرس تسعة وعشرين – تَكْمِلة الإصْحاح الثاني والعشرين بدأنا الإصْحاح الثاني والعشرين من سِفْر التثنية الأسبوع الماضي وسنُواصله اليوم. يَتناول الجزء الأوّل من الإصْحاح سِلْسِلة من القوانين حول ما يُسمِّيه الرسول يعقوب "الدّين الحق"، أي المَوْقف الرّوحي السَّليم الذي يتَّخِذُه تلميذ إله بني إسرائيل عند مُراعاة وصايا الله…

    سِفْر التثنية الدرس ثلاثين- الإصْحاح ثلاثة وعشرين أَخذ سِفْر التثنية الإصْحاح الثاني والعشرين مَفهوم الزِّنا إلى مُستوى جديد وشرَحَه في فِكرة ”الإختِلاط غير المشروع“. بَيْنمَا نَميل إلى التّفكير في الزِّنا من مَنظور جِنْسي بَحْت، فإن الواقع هو أن ارتِكاب الزِّنا يعني أخذُ شيءٍ نقيّ أو طاهِر أو في حالته الأصلية،…

    سِفر التثنية الدرس الواحد والثلاثين – تكملة الإصْحاح الثالث والعشرين لقد انْتَهينا الأسبوع الماضي بعد مُناقشة الآيَتَيْن الأَوليتَيْن فقط من الإصْحاح الثالث والعشرين من سِفر التثنية، وهناك الكثير في هذا الإصْحاح لِدَرجة أننا لن نُنْهيه اليوم. نَشَر الحاخام باروخ مؤخَّرًا مقالًا رائعًا على موقعنا TorahClass.com بِعنوان ”الهَوِيّة اليهوديَّة والتَّوْراة“، يَتناول…

    سِفْر التثنية الدرس إثنان وثلاثين – الإصْحاحان ثلاثة وعشرين وأربعة وعشرين سنُنْهي اليوم سِفْر التثنية ثلاثة وعشرين ونَنْتَقِل إلى الإصْحاح الرابع والعشرين. كانت الآيتان الأخيرتان من الإصْحاح الثالث والعشرين اللّتان تناولْناهُما في الإصْحاحين الثامن عشر والتاسع عشر مسألة البَغايا اللّاتي كُنَّ يَعْمَلْنَ في مَعْبَدٍ وَثَني كَمِهْنَة يُفترض أنها مُقَدّسة لمُجَرَّد…

    سِفْر التثنية الدّرس الثالث والثلاثين – الإصْحاح أربعة وعشرين لقد قَطَعْنا شَوْطًا قصيرًا في الإصْحاح أربعة وعشرين من سِفْر التثنية في المَرَّة السّابِقة وسنُواصِل ذلك اليوم. لقد انْتَهَيْنا بِمُناقشة حقيقة غامِضة في الكِتاب المُقَدَّس ليس من السَّهْل دائمًا إدْراكها: تُدْرَج الأنْماط من زَمَن الخَلْق حتى الكَلِمات الأخيرة من سِفْر الرؤيا.…

    سِفْر التثنية الدرس الرابع والثلاثين – الإصحاح الخامس والعشرين نبدأ هذا الأسبوع الإصحاح الخامس والعشرين من سِفْر التثنية؛ وفي هذه الآيات خمس قوانين حول الاهْتمامات الإنْسانيّة والاجْتماعيّة، يليها تعليمات بأن يتذكَّر الإسرائيليّون دائمًا ما فَعَله العماليق بهم وأن يَحتقروهم بسبب ذلك (وأن يُبيدوهم في النهاية). لنبدأ بِقِراءة الإصحاح الخامس والعشرين…

    سِفر التثنية الدرس الخامس والثلاثين – الإصْحاحان خمسة وعشرين وستة وعشرين أنْهَينا في الأسبوع الماضي مُناقَشَتُنا للإصحاح الخامس والعشرين من سِفر التثنية بِبَعض القوانين التي تدور حول مَبْدأ الله في العَدل الأساسي بين الزَّوْجَيْن. وقد وَرَدت هذه القوانين في سِياق زوجة تَدَخَّلت في شجار كان زوجها يَخوضه مع رَجُل آخر،…

    سِفر التثنية الدرس السادس والثلاثين – الإصْحاحان ستة وعشرين وسبعة وعشرين بَدأنا الإصْحاح السادِس والعشرين من سِفر التثنية الأسبوع الماضي وسنُنْهيه هذا الأسبوع ونصِل إلى الإصْحاح السابع والعشرين. بدأ الإصْحاح السادِس والعشرون بقسم من أربعة إصْحاحات يُمَثِّل نِهاية نوع من المُراجعة المُطَوَّلة والتَّذْكير بالشَّريعة كما أُعْطِيَت على جبل سيناء، ويبدأ…

    سِفْر التثنية الدَرس سبعة وثلاثون – الإصحاح سبعة وعشرون في المرَّة الأخيرة التي التقَينا فيها كنّا في جُزء من قُسْمٍ جديد من سِفْر التثنية يُغطّي الإصحاحات ستَّة وعشرون إلى ثلاثين. ما يَجعَل هذا القُسم مُختلفًا اختِلافًا جوهَريًا عن الإصحاحات الأربَعة عشر السابقة هو اختِلاف طبيعة الخُطْبة الّتي يُلقيها موسى فقَد…

    سِفْر التثنية الدَرس ثمانية وثلاثون – الإصحاح ثمانية وعُشرون يأتي الإصحاح ثمانية وعشرون من سِفْر التثنية في مُنتصَف هذا القِسم الخاص من سِفْر التثنية المُكوَّن من أربعَة إصحاحات، والذي يَمتَدّ من الإصحاح ستة وعشرين إلى ثَلاثين. هذه الإصحاحات هي من بَين أكثر الفُصول التي دَرَّسها الحُكماء والحاخامات العِبرانيون وأكثرِها تَقديسًا،…

    سِفْر التثنية الدرس تسعة وثلاثون – تكملة الإصحاح ثمانية وعشرون بدأنا الأسبوع المَاضي الإصحاح ثمانية وعشرين الطَويل جِدّاً من سِفْر التثنية وسنُنهيه هذا الأسْبوع. اجْلِس واسترِح، لأنّ لدينا الكَثير لننجِزَه الليلة. يَتضمَّن القُسْم الأوَّل الذي تألَّف من الآيات واحِد إلى أربَعة عشَرة تَلاوَة البَرَكات التي ستَحصُل عليها إسرائيل من الرَب…

    سِفْر التثنية الدرس أربعون – الإصحاح تسعة وعُشرون انتهَينا في الأسبوع الماضي من دِراسة القائمَة الطويلَة من التَهديدات الوارِدة في سِفْر التثنية ثمانية وعشرين التي أطلَقَها الله على إسرائيل في حال خالفَتْ شروطَ العَهد المُوسَوي. تُدعى هذه التَهديدات باللعْنات وبعضُها من أكثر التَهديدات تَطرُّفًا. في الواقِع، لقد تَنبّأ الإصحاح ثمانية…

    سِفْر التثنية الدَرس واحد وأربعون – الإصحاحان تِسعة وعشرون وثلاثون نَستمِرّ اليَوم في دراستِنا لسِفْر التثنية تسعة وعِشرين حيثُ يَعرُض موسى لَعَنات الشَريعة وبَركاتِها بِشَكلٍ موجز. جميع بني إسرائيل حاضِرون، حتّى الأجانِب الذين انضَمّوا إلى إسرائيل، في هذه العِظَة التَحريضيّة التي يُلقيها قائد إسرائيل المَمسوح الذي شارَفَتْ حياتُه على الانتِهاء.…