سِفْر التكوين
الدرس الرابع عشر – الإصحاح الرابع عَشَر
قَبْل أن نُناقش هذا الإصحاح، أود أن أستَغرِق بِضع دقائق لمُناقشة أمْر عام، ولكن مهمّ، يَتعلَّق بالكتاب المقدّس. وهو يَتعلَّق بمصطلح عِلْمي وقانوني إلى حدِّ ما: الكَلِمة هي "مُنقَّح".
"مُنقَّح" كَلِمة ستَسمعونها بشكل مُنتظم في صَف التوراة، وتعني ببساطة "مُحرَّرة". وأنا أعلم أنه يُزعج بعض المسيحيين أن يُقال لهم أنهم لا يَقرأون الكُتب المقدّسة الأصلية في كتُبهم المقدّسة. لقد مَرَّت هذه الكتابات بالعديد من التنقيحات على مَرّ العصور.
ولكنني أريد أن أؤكد لكم أيضًا أنّ هذه التنقيحات……خاصةً في الأسفار المُقدّسة في العَهد القديم……كانت طفيفة جدًا. نحن نعلم أنّ هذا هو الحال بسبب العثور على مَخطوطات البَحر المَيت، التي دَوَّنها الأسينيون على مدى فترة زمنية تَمتدّ من حوالى سنة خمسين قبل الميلاد إلى ما قبل سبعين بعد الميلاد.
لقد تَمكّنا من مُقارنة كَلِمات الكتاب المقدّس العبري من أسفار العهد القديم الموجودة في وَثائق البَحر المَيت مع ما كنّا نَستخدمُه منذ قرون، وهي مُتطابقة تقريبًا. لمْ نجِد سوى بعض الاختلافات الإملائية الطفيفة، وربما تمّت إضافة أو حَذْف أو تعديل عبارة هنا وهناك…… عادةً بإضافة، أو حَذْف، أو تغيير اسم شخص، أو مدينة…… وذلك لأن هذا الاسم أو المدينة في الآونة الأخيرة كان لها اسم أو لَقَب مُختلف بسبب تَطوُّر اللغة؛ لم يكُن لأي من هذه الاختلافات الطفيفة أي تأثير على المعنى.
والآن، اعلموا أنّ أقدَم وثائق التوراة القديمة المكتوبة بالعبرية والمُستخدَمة حاليًا في كتُبنا المقدّسة الحديثة هي نُسخ من أواخر عام تسعمئة ميلادي…… قَبل زَمن الَصليبيين. إنّ العثور على مَخطوطات البَحر المَيت، في قفزة واحدة عملاقة، أعادنا إلى ما يُقارب من ألف سنة إلى الوراء، وهذا ما جَعَل هذا الاكتشاف مهمًا جدًا بالنسبة لنا؛ لذا فإنّ رؤية عدم حدوث أي تغييرات ذات مغزى تقريبًا على مدى ألف سنة يَشهَد على تفاني مئات وآلاف اليهود الذين نَسخوا الكتاب المقدّس العبري يدويًا لمزيد من الاستخدام والتوزيع خلال فترة العَشرة قرون تلك. ما نَقرأُه في التوراة دقيق للغاية…… على الأقل في الكتاب العبري الأصلي.
لدينا بعض المَشاكل في الترجمات من العبرية إلى لغات أخرى. والترجمة الأولى للتوراة من العبرية إلى لغة أخرى كانت باللغة اليونانية….. وقد تمّ إنجازُها قبل حوالى مئتي سنة قبل تَدوين مَخطوطات البحر الميت. وقد ثَبُتَ أيضًا أنّ النُسخة اليونانية من أسفار العهد القديم التي تُسمَّى السبعينية قد نُسخَت بأمانة وتَناقَلتْها الأجيال على مَرّ القرون، لذا فهي أيضًا وثيقة مُفيدة ودقيقة للغاية. ومع ذلك، كما ناقشنا من قَبل، هناك تَحدّيات حقيقية للغاية في ترجمة أفكار ثقافة ما واللغة المُرتبِطة بها، إلى ثقافة أخرى واللغة المُرتبِطة بها. كان الفِكر العبري والفِكر اليوناني في ذلك الحين، ولا يزال حتى يومنا هذا، مُتباعِدَين. وهناك العديد من الكَلِمات والأفكار في العبرية التي لا مُقابل لها في اليونانية. لذا، كان لا بدّ من اختيار شيء قريب، أو على الأقل مُشابِه.
هذه المُشكلة أكثر تعقيدًا مع العَهد الجديد؛ لأنّ أقدَم وثائق العهد الجديد التي نَملِكها كلّها مكتوبة باللغة اليونانية. ومع ذلك، من الواضح أنّ كتّاب العهد الجديد كانوا يهودًا؛ كانوا يهودًا مُنغمسين تمامًا في الثقافة العبرية والفِكر العبري. يمكننا أن نُقارِن السبعينية اليونانية القديمة بالسبعينية العبرية القديمة ونَجِد بسهولة إلى حَدّ ما أين تكمُن مَشاكل الترجمة؛ لكن الأمْر مُختلف إلى حدٍّ ما بالنسبة للتوراة؛ لأنّ لدينا مقاطع قليلة نسبيًا من كتابات العهد الجديد التي دُوّنَت بالعبرية في وقت مُعيَّن؛ ويبدو أنّ كل تلك المقاطع مأخوذة من اليونانية، وليس العَكس. ومع ذلك، فقد قامت مؤخرًا مجموعة من العلَماء اليهود بكتابة عهد جديد عبراني كامل بالعبرية، مُستخدِمةً القفزات الهائلة في فَهْم الثقافة العبرية في أيام يشوع، والتي تُعطينا أيضًا فَهمًا أفضل لكنيسة القرن الأول. كُتِب هذا الكتاب المقدّس من قِبَل جمعية الكتاب المقدّس في إسرائيل، وهو مُتوازي تمامًا بين العهد القديم والعهد الجديد باللغتين الإنجليزية والعبرية…إنها أداة قيمة جدًا لأي طالب جادّ للكتاب المقدّس.
والآن، تَتأزّم مشكلة التَرجمة عندما تَأخذ فكرة عبرية وتُحاول كتابتها بلُغة أجنبية، مِثل اليونانية؛ ثم تَأخذ اليونانية وتُترجِمها إلى لُغة أخرى مثل الإنجليزية. والأكثر من ذلك، مع مرور الوقت، يُمكن للكَلِمات في لغة مُعيّنة أن تَتّخِذ معاني مختلفة. ما كانت تَعنيه كَلِمة إنجليزية عند كتابة أول كتاب مقدس للمَلِك جيمس، مُقارنةً بما تَعنيه اليوم، يمكن أن يكون مختلفًا تمامًا.
إليكم الأمر: افهموا أنّ مُجرّد ترجمة وثيقة ما هي بطبيعتها تَنقيح وتحرير. ترجمة العِبرية إلى اليونانية ثمّ اليونانية إلى الإنجليزية، تُضيف الاختلافات. وإلا لماذا نَفترض أنّ لدينا سلسلة لا نهاية لها مما نُسمّيه نسخ الكتاب المقدّس باللغة الإنجليزية التي لدينا اليوم؟ ولا تَنسوا أنّ الكتاب المقدّس قد تُرجِم أيضًا الآن إلى مئات اللغات الأخرى حرفيًا، وقَدْر كبير منها كان من الإنجليزية!
اسمحوا لي أن أقدم لكم نَصيحة صغيرة للمساعدة في دراسة الكتاب المقدّس….. وخاصةً العَهد الجديد….. لأولئك الطلاب الجاديّن في دراسة الكتاب المقدّس، شيء لنْ يُخبرَكم به أو يقوم به إلا القليل من العُلَماء المسيحيين: وهو مُقارنة كتابات العديد من آيات العهد الجديد مع نظيراتها في العهد القديم. هل يبدو ذلك غريبًا؟ أي آيات من القديم قد تَتوافر في الجديد؟ تذكروا أنّ العهد الجديد يَتكوَّن، من خمسين على الأقل من اقتباسات مُباشَرة من العهد القديم. إنّ الكتاب المقدّس المُناسب للدراسة سيُوضح لكم بالضبط أي آيات من العهد الجديد ليست سوى اقتباسات من العهد القديم، بل وسيُخبِركم أيّ كتاب وإصحاح وآيات من العهد القديم تمّ نَقلُها إلى القُسم الذي تقرؤونه من العهد الجديد.
لا تَكتفوا فقط بتدوين ملاحظة ذهنية بأنّ تلك الآية أو الفقَرة من العهد الجديد هي اقتباس من العهد القديم: توقَّفوا، ابحثوا عن ذلك المقطع من العهد القديم، واقرأوه. أدرِجوا ذهنيًا ذلك الجزء من العهد القديم، تمامًا كما يُقرَأ في العهد القديم، في العَهد الجديد. اعتمادًا على نُسخة الكتاب المقدّس الخاصة بكم، في كثير من الأحيان، لن تكون كَلِمات العهد القديم المفترضة المكتوبة في العهد الجديد هي في الواقع نفس الكلمات المكتوبة في نفْس المَقطع من العهد القديم. فَكِّروا في ذلك للحظة واحدة. لمَ، إذا كان المترجِم يُدرِك تمامًا أن ما يُقال هو مجرد اقتباس مُباشَر من العهد القديم، لم لا تكون الكَلِمات مُتطابقة تمامًا؟ غالبًا ما يكون السبب في ذلك هو أنّ العهد القديم يُترجَم من وثائق عبرية إلى اللغة الإنجليزية، بينما يُترجَم العهد الجديد من وثائق يونانية إلى الإنجليزية. وغالبًا ما يكون المعنى اليوناني بعيدًا بدرجتين عن المَعنى العبري؛ وإذا أضفْنا إلى ذلك الترجمة من اليونانية إلى الإنجليزية والعبرية إلى الإنجليزية، فإنّ الأمْر يَزيد من تعقيد المُشكلة.
ولكن، من المُحبِط أنّ هناك المزيد من التعليقات ذات الصلة. كل طائفة مسيحية اليوم، والتي يَبلُغ عددُها حوالى ثلاثة آلاف طائفة، لديها مجموعة من العَقائد التي تَلتزِم لها؛ وبِشَكل عام، فإن مُترجمو الكتاب المقدّس، إما بوَعي أو دون وَعي، يلتزمون بمَذاهب وعقيدة هذه الطائفة أو تلك من هذه الطوائف. لذلك، عندما تأتي الفُرصة لترجمة كَلِمة ما، غالبًا عندما يُخالِف ما هو مكتوب في الأصل عقائدهم المُسبَقة، فإنهم يَستبدلون كَلِمة أو عبارة خارجة عن السياق، ولكنها تُحافِظ على معنى الآية في حدود المُعتقدات التي يَعتنقونها. لذا، فإنّ الترجمة غالبًا ما يكون لها أجَنْدة ما مدفونة في أعماقها. لذا من الضروري جدًا استخدام عدّة نسخ للدراسة، واكتساب فَهْم للغة والثقافة العبرية. أوصي بأن يكون لدى كل شخص كتاب مقدس عبري لمقارنة الترجمة الإنجليزية به، لأنه، حتى لو لم يَكن لديكم أي إتقان للغة العبرية، يُمكنكم بسهولة أن تَنتبهوا عندما تَتشابه كلمتان بالعبرية، ولكن قد تَكون هناك كلمتان إنجليزيتان مُتباعدتان جدًا تُستخدَمان لترجمة نفس الكَلِمة العبرية. عندئذ، يَجب على المرء أن يكون مُرتابًا، وأن يقوم بدراسة شاملة للكَلِمة العبرية لمعرفة ما تَعنيه تلك الكَلِمة بالضبط في الفِكر العبري.
يُرجى فَهْم ما يلي: لم يُكتَب الكتاب المقدّس من دون سياق. كل الأفكار والعبارات ومعاني الكلمات كانت في سياق الثقافة العبرية في ذلك العَصر. هدفُنا هو معرفة ما كانت تَعنيه تلك الكَلِمات بالنسبة للمؤلِّفين الأصليّين؛ لأنه يجِب أن نأخذها لتَعني نفْس الشيء بالضبط بالنسبة لنا. وإلا فإننا نُحوِّل الكتاب المقدّس إلى وثيقة حيّة؛ أي وثيقة مصنوعة لتَتَطوَّر مع الزَمن.
الآن، أنا لا أُصدِر أي أحكام. أنا ببساطة أشير إلى (أ) أنّ هناك اختلافًا أكبر في كِتابات العهد الجديد بين الترجمات المُختلفة مُقارنَةً بالعهد القديم، و (ب) السبب في المقام الأول هو أنّ العهد الجديد هو المكان الذي تَجدون فيه مُختلَف العقائد المسيحية أساسها، وحيث يتمّ تقديم الحُجج العقائدية للدِفاع عن معتقدات أي طائفة معينة أو انتقادِها.
لحُسْن الحظّ، على مدى السنوات العشرين الماضية، مع إيمان العديد من العُلَماء اليهود بالمسيح أو على الأقل اتّباع نَهْج أكثر انفتاحًا لدراسة العهد الجديد والنَظَر فيه، يتمّ القيام ببعض الأعمال العظيمة في تعديل ترجمات العهد الجديد بحيث تَتماشى مع الثقافة العبرية وأنماط التفكير في القرن الأول الميلادي. بل أكثر من ذلك، مع اكتشاف ما يُسمَّى عادةً بوثائق الجَماعة في مخطوطات البحر المَيت، نَجِد أنّ عددًا مذهلاً من العبارات واللاهوت في العهد الجديد التي كنا نَعتقد حتى الآن أنها جديدة أو فريدة من نوعها مع يسوع وتلاميذه، ولكنها كانت في الواقع قَيد التطوير، والعبارات مُستخدَمة سابقًا، مع الانفصاليين الأسينيين في برّية يهوذا.
لذا، بينما أحاول أن أربِط بين التوراة والعهد الجديد في بعض الأحيان، سأحاول أيضًا من حين لآخر أن أربِط بين بعض وثائق البحر المَيت وبينها أيضًا، وذلك لمُساعدتنا على فَهْم ما تَعنيه بعض الأشياء في أذهان مؤلفي الكتاب المقدّس بشكلٍ أفضل، وما تَعنيه بعض الكَلِمات والعبارات للجماهير الكبيرة التي تَحدَّث إليها يسوع. وهذا مُمكن في السنوات العَشر أو الخمس عشرة الأخيرة أكثر من أي وقت مضى في التاريخ.
ودعوني أؤكد لكم، ليس هناك ما نَخشاه. سيَزداد إيمانكم بالمسيح ويَترسَّخ إيمانكم بالمسيح أكثر عندما نَدرُس التوراة ومَخطوطات البحر الميت. إنّ بعض الأمور الغامضة والمُربِكة في العهد الجديد التي نَجِد صعوبة كبيرة في فهمِها غالبًا ما تُصبح أكثر وضوحًا وفَهمًا وواقعية بمُساعدة مخطوطات البحر الميت والمُقارنة مع أسفار العهد القديم.
حسنًا، مُتسلِّحين بهذا الفَهم، دعونا نَدخل إلى سِفْر التكوين الإصحاح الرابع عشر.
قراءة سِفْر التكوين الإصحاح الرابع عشر كلّه
في هذا الإصحاح أكثر بكثير مما تَراه العين. نحن ندخُل إلى بعض الأجزاء المليئة بالمعلومات حقًا من التوراة التي تُمهِّد الطريق للمُستقبل.
كانت المنطقة التّي ذَهَب لوط للعيش فيها، وادي الأردن، المُمتدّ حتى البحر الميت، بما في ذلك مدينَتَي سدوم وعمورة، في جوهرها جزءًا من منطقة يُسيطِر عليها مَلِك اسمه كدورلاومر؛ ويبدو أنّ كدورلاومر كان لديه نوع من معاهدة حِماية مُتبادَلة مع هذه المجموعة الصغيرة من الأمَم والملوك المذكورة في بداية الآية واحد. والآن، أسماء هذه المَمالك المُختلفة المذكورة هنا لا يمكن تَرجمتُها جميعها إلى مِنطقة مُحدَّدة على الخريطة الحديثة، ولكن يُمكن ترجمة بعضِها. المكان المُسمَّى إليسار يكاد يكون من المؤكد أنه آشور، إحدى المدن القديمة العديدة التي بَناها نمرود، والتي سُمِيت في النهاية آشور. أمّا أمرافيل، أحد الملوك الذين تحَالفوا مع كدورلاومر، فقد عاش في الشمال، في منطقة تُسمَّى شينار….، وهو نفْس المكان الذي كان نمرود قد اتَّخذه موطنًا له، وأيضًا حيث كانت تَقَع مدينة أور….مدينة إبراهيم.
المكان المُسمَّى عيلام، الذي كان مملكة كدورلاومر….. أو بالأحرى دولة المدينة…..، يُعرَف أيضًا باسم توراتي آخر، وهو شوشان (الذي نجِدُه في سِفْر أستير). واليوم، تُسمّى باسم آخر، خوزستان. تَذكَّروا أنّنا سنَجِد العديد من الأسماء للأشخاص والأماكن في الكتاب المقدّس، والتي تَتغّير على مَرّ القرون؛ سواء نتيجةً لتَغيُّر اللغات أو نتيجةً لتَغيير اسم المدينة إلى مَلِك أو إمبراطورية مُنافِسة. عيلام وشوشان وخوزستان كلّها مكان واحد؛ وفي العَصر الحديث، يَقَع هذا المكان في جنوب غرب إيران على بعد أميال قليلة من أور….لذلك من المُحتمَل أن تكون شينار وعيلام قد تَشاركتا حدودًا مُشترَكة.
ومن المَعروف أنّ المَلِك تيدال هو مَلِك من ملوك الحيثيين، لذلك كانت أراضيه التي تُسمّى "غوييم" تُغطّي مناطق غرب تركيا وسوريا. أولئك الذين دَرسوا القليل من العبرية يَعرِفون أنّ كَلِمة غوييم العبرية تعني "الأمم" وتعني أيضًا "الأمميين". قَبْل إبراهيم، كانت كَلِمة غوييم كَلِمة عامة جدًا – تعني أمة بمعنى عام جدًا….. تمامًا مِثلما نَستخدِم كَلِمة "أمة" اليوم. ولكن، بمجرّد أنّ فَصَل الله إبراهيم، ثم عَيَّنَه بِصِفَة العبراني الأول الذي مَيَّزه كأمة مُختارة وفريدة من الناس الذين تَمّ تعيينُهم لهَدف الله، اتّخذَت كَلِمة غوييم معنى مُختِلف قليلاً. فقد كانت تَعني "جميع الأمم والشعوب الأخرى في العالم باستثناء إبراهيم وشعبِه". إذًا، بحلول عام ألف وتسعمئة قبل الميلاد تقريبًا، كانت كَلِمة غوييم تعني "الأمم والشعوب الوثنية" أو "الشعب الوثني". هنا، في سِفْر التكوين الإصحاح الرابع عشر، من المُحتمل جدًا أنّ آخر من أعاد كتابة هذا الإصحاح من سِفْر التكوين في العصور القديمة، كان ببساطة يُظِهر أنّ المَملكة التي حَكَمها المَلِك تيدال لم تَكُن مكتوبة ومسمّاة في الوثائق الكتابية الأصلية، لذلك قام ببساطة بإدخال كَلِمة "غوييم" العامة إلى حدٍ ما، مُشيراً إلى إلى أنّ تيدال كان بالفعل مَلِكًا لأمّة أو أُخرى.
ومن خِلال أدلّة أثريّة جديدة إلى حدٍ ما نعرِف الآن أنّ المَلِك تيدال كان يَحكُم شعبًا يُسمَّى الحثيين. وبالمناسبة، كان الحثّيون حَضارة هائلة ومُهيمِنة ومُتقدِّمة جدًا في تلك الحَقَبة. أظنّ أنه عندما دُوِّن سِفْر التكوين لأول مرة، لم يَكُن من الضروري شَرْح ماهية الشعب الذي كان يَحكمُه الملك تيدال؛ كما لا تدعو الحاجة إلى الشَرْح لأي ثقافة مُتعلِّمة في العالَم الحديث أنّ الرئيس بوش رئيس هذه الدولة…….إنه ببساطة أمْر مَعروف للجميع.
إنّ العنصر المُشترَك بين أراضي هؤلاء الملوك المُتحالِفين الذين كانوا سينزِلون إلى الشرق الأوسط ويَشنّون الحَرب، هو أنهم كانوا جميعًا في ما نُسمّيه بلاد ما بين النهرين، وكانت الأراضي التي يُسيطِرون عليها كبيرة.
هذه المنطقة التي ثارت كان لها حكّامها الخاصّون، وقد ذُكرِت لنا أسماؤهم: بيرا، وبرشا، وشيناب، وشم عبير، وحاكم زوَّار الذي لم يُذكَر اسمه، وقيل لنا إنّهم دَفعوا الجِزية لكدورلاومر لمدة اثنا عشرة سنة كجزء من مُعاهدة سلام. كلّ من هؤلاء الملوك الصِغار حَكموا على جيوش صغيرة نِسبيًا ومناطق مَحدودة جدًا مُقارنةَ بملوك الرافدين الأربعة. في العام الثالث عشر منذ عَقْد المعاهدة تَمرَّد هؤلاء الحكام…… وهو ما يعني ببساطة أنهم سئِموا من دَفْع الجِزية لهؤلاء الملوك الغائبين في بلاد ما بين النَهرين، ورَفضوا دَفْع المزيد. لذا، بعد مرور عام، زَحَف كدورلاومر وحلفاؤه جنوبًا وهاجموا المنطقة المُتمرِّدة.
التَقَت الجيوش المُتحالِفة في وادي سديم، وهو وادٍ لم يَعُد موجودًا لأنه الآن جزء من البَحر الميت. هنا إحدى تلك الأماكن في الكتاب المقدّس التي حَدَث فيها التَحريف. لأنه عندما جرى هذا الحَدَث وتم تدوينه، كان وادي سديم موجودًا بالفعل.
فيما بعد، عندما كان ناسخ الكتاب المقدّس يَنسَخ النصّ، أضاف عبارة "البحر الميت الآن". وإلا لما عَرَف أحد ماذا أو أين كان وادي سديم المغمور بالماء الآن. بل أكثر من ذلك، فإنّ الكَلِمات التي كتَبها الناسخ لمْ تكُن "البحر الميت"، بل "البحر المالح".
وحتى في وقتٍ لاحق، عندما توَقَّف استِخدام اسم بحر الملح وأصبح يُعرَف باسم البحر المَيت، بدأ نُسّاخ الكتاب المقدّس بطبيعة الحال باستخدام البحر المَيت بدلاً من بحر المِلح. كما يمكنكم أن تَفهموا، هذه تغييرات ليس جوهرية، ولا تُغيِّر الموقع أو المعنى. كل الحاصل هو توضيح وإبراز حقائق كانت ستُصبِح غامضة وضائعة. هذا هو النوع الأكثر شيوعًا من التَنقيح الجاري على الكتاب المقدّس.
بالنسبة لكم يا هواة الجُغرافيا، قد تَرغبون أيضًا أن تَعرِفوا أنّ البحر الميت هو في الأساس قُسمان: الشمالي والجنوبي. الشمالي هو ما كان موجوداً في أيام إبراهيم؛ كان عميقًا جدًا…. حوالى ألف وثلاثمئة قَدَم. أمّا الجزء الجنوبي فلَم يَكُن موجودًا إلا بعْد زمَن إبراهيم، وكان نتيجة امتلاء الجزء الشمالي، وفَيَضانه في وادي سديم الذي كان مُجاورًا له وثمّ إلى الجنوب. وهكذا، امتلأ وادي سديم بالمياه، وأصبح ببساطة جزءًا ضَحلًا نسبيًا من البحر الميت الذي اتَّسع حديثًا.
كان الطريق الذي سَلَكه الملوك القادمون من بلاد ما بين النهرين هو "طريق المَلِك" الذي كان معروفًا جيدًا والمُمتدّ من دمشق في الشمال، وصولاً إلى مصر. لقد هاجموا وهزَموا الربايم في مكان يُسمّى عشتروت-كرنايم، والزوزيم في حام (لست متأكدًا من مَكانها)، والعميم في شافيه-كيريثيم، وأخيرًا في أقصى الجنوب، الحوريون في منطقة صير. ثم في وقت لاحق، عادوا إلى الشمال وهزموا العماليق في قادش التي تُسمّى أيضًا "إن مشبات".
والآن، من الصَعب التعرُّف على الشعب المُسمّى ريبهايم وزوزيم وإيميم. منذ عدّة دروس، تَحدثّنا عن النيفيليم…… ذلك الجِنس من العمالقة، أو الرِجال الأقوياء والطُغاة الذين تَواجدوا قبل الطوفان. من المُفترَض أنّهم كانوا نتيجة تزاوُج الملائكة الساقطين مع إناث البَشر. يَعتقِد الكثير من الحكماء أنّ الريبهايم والزوزيم والإيميم قد يكونون نوعًا من النيفيليم، بعد الطوفان. لا يبدو أنهم مَعروفون في أيّ مكان كقبيلة، لذلك يبدو أنّ هذا مجرّد وَصْف، وتَعكِس أسماؤهم لغة وثقافة المنطقة التي تواجدوا فيها. ولكن، هذا مجرّد تخمين؛ فلَيس من الواضح على الإطلاق من كانت هذه المجموعات الثلاث من الناس. أمّا الأسماء الأُخرى المذكورة…. مِثل الحوريين، والأمليكيين، والأموريين، فهي أسماء تَشهَد بشكل جيّد على تواجُد قبائل الشرق الأوسط القديمة.
عندما عَرَف الملوك المُتمرّدون أنّ عليهم أن يردّوا على الجيوش التي كانت تقترِب منهم، اجتمعوا معًا والتقوا بجيوش الملك كدورلاومر في وادي سديم. وهكذا، وَدون الخوض في التفاصيل، خَرَج مُختلف حكّام هذه المنطقة المُتمرِّدة للقتال ضد كدورلاومر ورجاله، ونالوا من الهزيمة ما كان مُتوقَعًا.
أخَذَ الجيش المُتحالِف مع جيش كدورلاومر كل مؤن المنطقة من الطعام، والممتلكات القيِّمة، وحتّى بعض الأشخاص لاستخدامِهم كعبيد….. كان هذا البِروتوكول المُعتاد للمعركة في تلك الأيام. كان من بين الذين أُخذوا كعبيد، لوط وعائلته الذين كانوا يعيشون في سدوم عندما حَدَث الهجوم.
سَمِع إبراهيم أنّ لوطًا قد خُطِف، وعلى الفور أخَذ ثلاثمئة وثمانية عشر من رجاله، من أهْل بيته، وانطلَق لإنقاذ لوط. في الوقت الذي وَصَل إلى إبراهيم خَبَرُ ذلك، كان يَعيش بين بعض الشعوب الكنعانية، الذين يبدو أنه دَخلَ مَعهم في تحالف رسميّ عن طريق مُعاهدة. ولكنه اختار ألا يَستخدِم أيًا من هؤلاء الكنعانيين لمُساعدتِه؛ بل كان الرِجال الـثلاثمئة وثمانية عشر الذين اصطحَبهُم معه هم رجال مُوالين لإبراهيم، لأنّ الكثير منهم وُلِد في عشيرته، وكانوا قد تَدرّبوا على الحَرب. وهذا يُعطينا فِكرة عن حَجم الأمّة أو الشعب الذي آل إليه إبراهيم في فترة زمنية قصيرة نوعًا ما. بالمناسبة: هذا لا يعني أنّ إبراهيم كان الأب البيولوجي لكل هؤلاء الرجال. من شِبه المؤكّد أنّ هؤلاء كانوا أبناء العديد من الخَدَم والعبيد. الناس الذين تمّ شراؤهم كعبيد، وكان إبراهيم يملِك الكثير منهم، كانوا يُعتَبَرون جزءًا من العائلة. وبِسبب التاريخ المألوف لتجارة العبيد الأفارقة الوحشية والفاسقة التي كانت تُستخدَم لإمداد الكثير من عُمّال الحَقْل في أمريكا في وقت مُبكِر، فإننا نحصُل على فكرة مشوَّهة للغاية عما كانت عليه العبودية بين العبرانيين في الكتاب المقدّس. كانت العبودية بين العبرانيين مُشابهة للتبنّي في العَصر الحديث، حيث يَدفَع شخصٌ ما في كثير من الأحيان للأم مُقابِل تَبنّي طفلِها، أو على الأقل يَدفَع لها جميع نفقاتها الطبيّة أثناء الحمل والولادة، بالإضافة إلى راتب. إذًا، على الرغم من أنّ أبناء إبراهيم المُباشَرين كانت لهم بالتأكيد سُلطة وحقوق في الميراث بما يَخصّ هؤلاء العبيد والأطفال المولودين لهؤلاء العبيد، إلا أنه لمْ يتمّ الإساءة لهم، بل كانوا عادةً أعضاءً قيِّمين ومحبوبين في العشيرة، وكانوا يَحظون بالاحترام والمَحبّة بشكل عام.
كان إبراهيم ومُحارِبوه يلاحِقون هؤلاء الملوك على طول الطريق إلى ما سيُعرَف فيما بعد بدِمَشق، سوريا….. الطريق كان طويل. لاحظوا أنّ الآية الرابعة عشرة تقول إنهم ذهبوا حتّى منطقة "دان". هنا تَنقيح آخر؛ لأنّ دان سُمَيت على اسم أحد أبناء يعقوب…. واحدة من قبائل إسرائيل الاثني عشر. كان يعقوب حفيدًا لإبراهيم، ودان ابنًا ليعقوب، والأرض التي سُميت دان هي المكان الذي كان لقبيلة دان بعد الخروج. لذا، لا يمكن أن تكون المِنطقة المُسمّاة دان هنا قد سُميت بهذا الاسم قبل مضي ستمئة سنة على الأقل بَعد إنقاذ إبراهيم للوط.
بعْدَ أن شنّ إبراهيم ورجاله هجومًا مُباغِتًا، ليلاً، على جيش كدورلاومير المُنهَك، وحقّقوا النَصر، يتمّ استرداد كل الغنائم ويتمّ تحرير لوط وعائلته؛ وعند عودتهم تَلقّى إبراهيم ورِجاله تَحية حارّة من قِبَل الحكّام المُمتنيّن (ملوك المنطقة) وسكان المنطقة التي استعادوا مُعظم أغراضهم.
ابتداءً من الآية الثامنة عشرة نَتعرَّف على قصّة رائعة، ولكن موجزة ونَلتقي بواحدة من أكثر الشخصيات غموضًا في الكتاب المقدّس: ملشيتسيدك، مَلِك شاليم. وبالإضافة إلى كَونه مَلِكًا، قيل لنا أنّ ملشيتسيدك هو أيضًا رئيس الكهنة، وأنه يَعبُد إل إليون…… الله العَلي. يَخرُج ملشيتسيدك لتحيّة إبراهيم، ويأتي بالخبز والخَمر ويُبارِك إبراهيم، ثم يُقدِّم له إبراهيم عُشر كل ما استرَدّه. إذًا، هنا يتمّ إعداد مسرحية مُثيرة للاهتمام: يأتي حاكمان لتحيّة إبراهيم: مَلِك سدوم، حاكم المكان الشرير؛ وملشيتسيدك حاكم المكان الصالح. هناك نَمط مهمّ حقًا في هذه القصة، ومع استمرارها في الآيات الأولى من الإصحاح الخامسة عشرة، سنتطرَّق إلى أهميتها بعد قليل.
دعونا نتوقَّف قليلاً لأنني وجدتُ أنه عندما نُصادِف هذه المشاهد الغريبة، فمن الأفضل أن ننظر إليها بعِناية…… لأنه دائمًا ما يحدُث شيء ذو أهمية كبيرة، ولا يَختلف الأمر هنا.
من أو ما هو ملشيتسيدك؟ أول شيء يجب أن نَفهمَه هو أنّ ملشيتسيدك ليس اسمًا رسميًا أو شخصيًا، إنه لَقَب؛ لذلك لم يتم ّإخبارنا بالضبط من هو هذا الشخص. على سبيل المثال، اسم الرئيس بوش ليس رئيسًا: إنه جورج بوش. الرئيس هو مجرّد لَقَب للمنصِب الذي يَشغَلُه. ويَنطبِق هذا أيضًا على جميع "أسماء الله" المزعومة التي صادفناها حتى الآن في سِفْر التكوين. في الواقع، اللقب المُستخدَم لله في هذه القصة، هو إل إليون أي……الله العَلي…. هو أيضًا ليس اسمًا بالطريقة التي نُفكِّر بها عادةً. لكنه يُشير بالفعل إلى أنّ ملشيتسيدك هو مؤمن بإله الكتاب المقدّس، وأنه ربما يكون أحد الموحِّدين القلائل……الذين يَعبدون إلهًا واحدًا فقط…الذين لا يزالون موجودين. إذًا، أيًا من الأسماء التي تُدعى بأسماء الله هي في الواقع اسمه: كلُّها ألقاب. لكنها أيضًا لها معنى آخر كما أنّ الرئيس هو لَقَب المَنصِب الذي يَشغَلُه جورج بوش، كذلك ألقاب الله المختلفة هذه تَدلّ على المنصِب والسُلطة التي يَحمِلُها الله. علاوةً على ذلك، يجب أن نَضَع في اعتبارنا أنه عندما يُشير الكتاب المقدّس إلى إل إليون، إل شداي، والعديد من ألقاب الله الأخرى، فذلك لا يعني اسمًا عَلَمًا مثل توم أو بيكي أو جيري. بدلاً من ذلك، الاسم (بالعبرية، شيم) في معظم الأحيان في الكتاب المقدّس يعني "السُمعة". لذا، فإنّ أسماء الله، كما في السُمعة، هي في الواقع كثيرة؛ فهو الإله العَليّ، إله السماوات، إله الجُنْد السماوي، الإله الذي يُخفيني والرَب الذي يَرزُق، الرَب الذي يشفي، وغيرها الكثير. يكشِف الله في الواقع عن اسمه الرّسمي والشخصي في زمن موسى …يَهوَه…..الذي هو مثل توم أو بيكي أو جيري؛ "يَهوَه" ليس سُمعة أو لقبًا. إذًا، فيما يَتعلَّق بِلَقَب ملشيتسيدك، فإنّ ملكي يعني "مَلِك" و"تسيدك" يعني" البِر ……… إذًا فهو لَقَب يعني، في ترجمته إلى العربية، "مَلِكي البِر "أو "المَلِك الصدّيق". وهو اسم يعني سُمعة هذا الرَجُل المَجهول.
الآن، هناك القليل من الكَلِمات القيِّمة التي قيلت عن هذا الرَجُل المثير للاهتمام. ولكن، علينا أن نَستخلِص قَدْرَ ما نستطيع من ذلك، لأنه يُشار إليه بطريقة قويّة في العهد الجديد، مما يعني أنه حتى بعد ألف وتسعمئة سنة من لِقاء إبراهيم ملشيتسيدك، يبدو أنه كان معروفًا ومَذكورًا أكثر بكثير مما هو مُدوَّن. يَنظُر كاتب سِفْر العبرانيين إلى ملشيتسيدك على أنه جزء خاص جدًا من تاريخ إسرائيل، وربما مُستقبَل إسرائيل الروحي.
دعونا نُلقي نظرة على هذا القُسم الرئيسي من العهد الجديد، ونُقيِّم بعض الروابط بين التوراة وسِفْر العبرانيين في العهد الجديد.
قراءة العبرانيين الإصحاح السابع من الآية واحد إلى سبعة عشرة
أراد الحكماء والعُلَماء العبرانيين القدماء قَوْل بعض الأشياء المثيرة للاهتمام عن هذا الشخص الغامض الذي من الواضح أنّ القديس بولس وغيره اعتمدوا عليه وآمنوا به على أنّه حقيقة، وإلا لما كان ملشيتسيدك قد استُخدِم لرَسْم بعض أوجه الشبَهَ الهامّة مع يشوع ها-مشيخ. وأوّل شيء يجب أن نَفهمَه هو أنّ ملشيتسيدك كان حقيقيًا….. إنه ليس رَمزًا أو استعارة. حتى يوسيفوس، المؤرِّخ الروماني اليهودي في عصر المسيح، أكّدَ أنّ ملشيتسيدك كان شخصًا حقيقيًا. فنَجِد، على سبيل المثال، في المقاطع التي قرأناها للتو، أنه كان مَلِكًا وكاهنًا على مدينة تُدعى شاليم. هناك بعض الأدلة على أنه قبل أن تُدعى تلك المدينة شاليم، كانت تُدعى تسيدك؛ وأنّ هذا المكان إمّا كان أورشليم التي ستأتي فيما بعد، أو كان مُجاوِرًا لها.
قال بعضُ الكَتَبَة القدماء إنّ ملشيتسيدك كان في الواقع شَام بن نوح، أي إبن نوح. والآن، قد تَسألون، هل هذا يعني مثلًا مجيء ثانٍ لشام، أو شخص شبيه بشام، أو ربما حتّى من سُلالة شام؟ كلاّ، قَصَد هؤلاء الكتَبَة أنّ ملشيتسيدك هو شَام الحقيقي الفِعلي. وهذا مُمكن تمامًا لأن شام، حَسَب السِجلاّت والتَسلسل الزمني الكتابي، كان لا يزال حيًا في هذا الوقت! وبالطبع، كان من المُفترض أن يكون شام هو سلالة الخَير التي امْتدَّت من نوح، وإذا كان أي شخص على قيْد الحياة في هذا الوقت مُخلِصًا تمامًا للإله الواحد، لكان هو شام، الذي رَكِب الطوفان العظيم.