10th of Kislev, 5785 | י׳ בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التكوين » سِفْر التكوين الدرس ثلاثون – الإصحاحان واحد وثلاثون واثنان وثلاثون
سِفْر التكوين الدرس ثلاثون – الإصحاحان واحد وثلاثون واثنان وثلاثون

سِفْر التكوين الدرس ثلاثون – الإصحاحان واحد وثلاثون واثنان وثلاثون

Download Transcript


سِفْر التكوين

الدرس ثلاثون – الإصحاحان واحد وثلاثون واثنان وثلاثون

في سِفْر التكوين واحد وثلاثون رأينا أنّ الأمور قد سَاءت بين يعقوب وعَمّه لافان. حتى ابنتا لافان ………ليا وراحيل….. اللتان كانتا زوجتَي يعقوب، شعَرتا أنّ والدَهما قد خان الثقة. حتى أنهما اتّهمتَاه بأنه لم يزوِّجهما ليعقوب كما كان يفعَل الأب الفرَحان، بل باعهما كما لو كانتا عبدتَين. وافترضَتا (ولا شك أنهما كانا على حقّ) أنّ والدَهما لم يكُن لديه أي نيّة في أن يكون أي جزء من تَركة العائلة ملكًا لهما. ونتيجةً لذلك، سَرَقت راحيل آلهة العائلة من والدِها، وأخذَتها معها بينما كان يعقوب وعائلته يتسلَّلون ولافان يرعى بعض الأغنام. كان العُرف السائد في تلك الفترة هو أنّ فَرد العائلة الذي كان يَمتلِك تلك الآلهة الصغيرة المَعبودة كان هو الوارث لثروة العائلة وسُلطتها. لم يكُن يعقوب يعرف أنّ راحيل قد فعلَت هذا الأمر.

انطلَق يعقوب وعائلته إلى الحريّة. ولكن، سرعان ما يكتشِف لابان أنهم رحلوا فبادر بملاحقتهُم. وأثناء بحثِه عنهم، يأتي الله إلى لابان في حلُم ويُحذِّره من التكلُّم مع يعقوب بمنطِق الخير والشر. وهذا يعني ببساطة ألاّ يُحاول لابان أن يؤذي يعقوب. ولكنه يُشير إلى شيء مثير للاهتمام نوعًا ما: الله يَتكلَّم مع غير المؤمنين. ليست هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها يَهوَه يتحدَّث إلى الوثنيين، ولن تكون الأخيرة. كان لابان روحانيًا. كان يَقبَل العديد من الآلهة. لذا، لم يكُن أمرًا مهمًاّ بالنسبة له أن يقبل أنّ إله يعقوب كان حقيقيًا تمامًا؛ فإله يعقوب كان مجرّد إله آخر من بين عدَد لا محدود من الآلهة. دعونا لا نعتقِد أبدًا أنّ يَهوَه يَتفاعل مع المؤمنين أو يتحدَّث إليهم هم فقط.

إنه يتواصَل مع من يَشاء ويَستخدِم من يشاء؛ ففي نهاية المطاف، يُخبِرُنا الكتاب المقدس عن مرّة تكلَّم فيها من خلال حِمار. في الوقت نفسه، دعونا أيضًا لا نعتقد أنه لمجرد أنّ الله قد تكلَّم مع شخص ما، فهذا مؤشّر على أنّ هذا الشخص مؤمن. كان لابان يُحبّ أن يَستدعي اسم يَهوَه عندما كان يتحدَّث إلى يعقوب، ولكن ليس لأنه كان يقدِّس الله تعالى أو يسجد له. لقد فعَل ذلك على أمَل التأثير على يعقوب، أو على يَهوَه، لأهدافه الأنانية.

لَحِق لابان ورجالُه بيعقوب في الجزء الشمالي من كنعان، إلى منطقة تُدعى جلعاد التي ستؤول يومًا ما إلى جاد، أحد أبناء يعقوب. يوبِّخ لابان، الذي لا يتوقَّف أبدًا عن الكذِب، يعقوب على مغادرته سرًا، وبالتالي عدم السماح له بأن يقيم له حفلة وَداع ويودِّع بناته وأحفاده الوداع اللائق. نعم، هذا صحيح. وبالطبع، بعد كَلِمات التحية غير الصادقة، يَستفسِر لابان عن آلهته المفقودة، وهذا هو جوهر المسألة الحقيقي. يقول يعقوب، مهلاً، إذا استطعت أن تَجِد الأصنام، تأخذها، والشخص الذي أخَذها سيُعدَم! أه-أوه. راحيل الآن في خطر شديد، وهي تعرِف ذلك.

هنا، تُخفيها راحيل عن والدها بالجلوس عليها حتى لا يَجِدها عندما يفتِّش خيمتَها. تُخبِر والدها أنها لا تقِف لأنها في دورتها الشهرية. ووالدها لا يطالبها بالوقوف حتى يتمَّكن من التفتيش ليس لأنه يشعُر بحساسية تجاهَها بسبب حالتها الراهنة، بل لأنه يُصبح نجسًا طقسيًّا بملامستِها أو ملامسة ما هي جالسة عليه. إنّ مفهوم كَون المرأة نجسة وانتقال تلك النجاسة الطقسية أثناء دورتِها الشهرية هو أمر سيتعلَّمُه موسى بعد خمسمئة سنة في المستقبَل. ولكنه كان أيضًا قانونًا وتقليدًا كان موجودًا بالفِعل بين جميع الثقافات تقريبًا قَبل موسى بوقتٍ طويل، وحتّى قَبل يعقوب. أن تنقُل راحيل نجاستها عمدًا إلى تلك الآلهة التي كانت تجلِس عليها لم يكُن واردًا في ذهن لافان، لذلك يبدو أنه لم يَخطُر بباله أنّ هذا كان احتمالاً واردًا.

غضِب يعقوب، الذي لم يكُن لديه أي فكرة أنّ تلك الأصنام في حيازة راحيل، جدًا من اتهام لابان له، خاصةً بعد أن فشِل من خلال البحث الشامل في العثور عليها. لقد طفَح الكَيل من يعقوب. وهو الآن يهاجِم لابان موضِحًا أنّ عشرين سنة من العبودية يجب أن تكون كافية تمامًا، شكرًا لك، من أجل زوجتَين وبعض الغنم. ويُخبِر لابان أنه كان يدرِك جيدًا أن لابان كان يخدَعُه ويُغيِّر شروط الصفقة باستمرار. ويعقوب الآن في التسعين من عمره.

وكان جواب لابان هو جواب لابان المُعتاد: كل ما لديك هو لي!!! لم يكُن قادرًا أبدًا على تَقبُّل فكرة أنّ ثروة يعقوب، التي نمَت أساسًا من ارتفاع معدَّل المواليد من الحيوانات المشوَّهة التي لم يكُن يُريدها لابان في المقام الأول، قد ساوت أو تَجاوزت ثروتَه. ومع ذلك، في عَرضٍ بارع من الكَرَم، يقول لافان: دعونا ندفِن الأحقاد لأنه بالتأكيد لا يريد أن يكون عدوًّا لبَناته. لذا، يَعقُدان معاهدة مع بعضهما البعض لعدم الحول في الحَرب، ويضَعان كومة من الحجارة كشهادة على اتفاقِهما ونوع من علامات الحدود، ويتناولان وَجبة العَهد النموذجية لإبرام الاتفاق. وبالمناسبة، فإنّ إقامة "النُصب الحجرية" أو "أكوام الحجارة أو الأعمدة" كعلامات حدودية لا تزال مُستخدمَة حتى اليوم. يمكنني أن أتذكَّر التنقيب عن اليورانيوم مع والدي عندما كنت طفلاً صغيرًا، وكنا نُصادف أحيانًا كومة من الحِجارة، أو كان والدي بين الحين والآخر ينصُب حجارتَه الخاصة، كعلامات حدودية. على الرغم من أنّ هذا المَقطع لا يشمَل تفاصيل كاملة عن إجراءات العهد، إلا أنه يَذكر ذبيحة، والتي بالطبع كانت ستكون حيوانًا نظيفًا، تم تقطيعه وتقسيم أجزائه إلى كومَتين، مع مَشي يعقوب ولابان بين الأجزاء كعلامة على الاتفاق. ولا يكتمِل أي عهد بدون قَسَم، وهذا ما نقرأه في الآية ثلاثة وخمسين.

وهناك جانِب صغير مُثير للاهتمام في كل هذا هو أنّ الكتاب المقدس يُخبرُنا أنّ كلاً منهما سَمّى كومة الحجارة، علامات الحدود، حَسب لغته الأم: جغرسهدوثا من أشكال اللغة الكلدانية، وجليد من العبرية. وكلاهما يعنيَان "كومة من الشهود".

والشروط الأساسية للمعاهدة هي أن يعامِل يعقوب بنات لابان معامَلة حسنة، وألا يتّخِذ زوجات أخريات. وقد التزَم يعقوب بهذا الاتّفاق.

لننتقِل إلى سِفْر التكوين الإصحاح اثنان وثلاثين.

قراءة تكوين اثنان وثلاثين بكاملِه

لكي نَضَع ما سيحدُث بعد ذلك في سياقه الصحيح ونرسُم صورة ذهنية أكثر واقعية فيما نستكشِف حياة يعقوب، علينا أن نفهَم أنّ يعقوب كان الآن رجُلاً مُسِنًّا. واعتمادًا على التسلسل الزمني الذي تلتزِم به، كان عُمر يعقوب بين تسعين ومئة سنة.

الآن اعتماداً على نسختِكم، يمكِن تسمية الآيات الثلاث الأولى بشكل مُختلِف قليلاً فيما يَتعلَّق بموعد انتهاء الآية الأولى وبداية الآية التالية. لا يهمّ، لأن النصّ يبقى هو نفسُه بشكل أساسي.

يبدأ هذا الإصحاح بتوديع لابان لابنتَيه، راحيل وليا، ولجميع أحفاده. ستقول معظم الكتب المقدسة أنه وَدّع أبناءه وبناته. كانت المصطلحات الشائعة تشمَل الإشارة إلى الأحفاد الذكور على أنهم أبناء في تلك الأيام، وهذا ما يُشار إليه هنا.

ثم نواجِه أمرًا غريبًا: يَرِد: "التقَتْ به ملائكة الله"… التقَتْ بيعقوب. والآن، بالتأكيد، هم "ملائكة الله" لأن الأصل العبري هو ملاخيم إلوهيم……رُسُل (جَمْع) إلوهيم، الله. ولكننا لم نحصُل على معلومات أكثر من ذلك. ربما كان هذا تأكيدًا على أنّ يعقوب قد عاد إلى أرض الميعاد أو أنّ الملائكة كانوا يؤكدون حضوريًا أنّ الله معه بالفعل. من المثير للاهتمام أن نلاحِظ أنه في رحلة يعقوب لمغادَرة أرض كنعان، التقى يعقوب بالملائكة في (بيت إيل)، لذلك في طريق العودة قابَل الملائكة أيضًا. على أيّة حال، تأثَّر يعقوب بما فيه الكفاية ليُسمّي المكان "مهنايم" أي ……مخيِّمين.

والآن، تتيح لي الآية ثلاقة فُرصَة لأسلِّط الضوء على نقطة كنتُ قد ذَكَرتُها قبل بضعة أسابيع: وهي تَتَعلّق بكَلِمة "ملاخ" …… رسول. لقد أخبرتكم أنه في العبرية الفصيحة، عندما تُستخدَم كَلِمة "ملاخ" بمفرَدِها، فإنها تدلّ على رسول من نوعٍ ما…… عادةً ما يكون رسولاً بشريًا. ولكن، عندما يتم إرفاق كَلِمة الرب أو إلوهيم أو أي لَقب آخر من ألقاب الله مع ملاخ، فإن ذلك يُشير إلى رُسل سماويين…كائنات روحية……الملائكة. في الآية واحد، لدينا رُسل سماويون. وهنا، في الآية ثلاثة، نرى أنّ يعقوب أرسَل بعض الملاخيم (الرُسل)، ليَجدوا عيسو أخو يعقوب. ويمكننا أن نتأكّد أنّ هؤلاء الرُسل هم رُسل بشريّون، لأنّ كَلِمة ملاخيم استُخدِمت من دون أن تُربَط بها أي كَلِمة عبريّة تعني الله.

بالنسبة ليعقوب، لقد انتهى للتو من مواجَهتِه غير السارّة مع لافان، ولكن عليه الآن أن يواجه أخاه عيسو الذي أقسَم أن يقتُلَه لأنه سَلَبه البَرَكة.

حسنًا، يعود الرُسل إلى يعقوب، ولكنها أخبار سارّة وسيئة. الخَبَر السارّ هو أنهم وجدوا عيسو بالفعل وقدَّموا له رسالة يعقوب. والخبر السيء هو أنّ عيسو أشار إلى أنّه قادم للقاء يعقوب مع أربعمئة رَجُل. وهذا ما أخاف يعقوب كثيرًا. لقد شعَر منذ وقت ليس ببعيد بغضب لابان وتعامَل معه……لكنّ الحقّ كان إلى جانبه في تلك الحالة. ولكن ماذا عن موقِفه مع عيسو؟ لقد كان عيسو هو المُتلقّي للظُلم من قِبل يعقوب؛ خداع من أعلى مستوى سَلب عيسو ما كان يَشعر كلٌّ منهما أنه حق عيسو بالولادة….. وكان على يعقوب أن يتساءل إن كان الزمن قد هدَّأ رغبة عيسو في قتلِه…أو لا.

لا بد أن يكون رَدّ عيسو على الرُسل قد أقنَع يعقوب بأنّ أسوأ مخاوفه سوف تتحقّق، لأن يعقوب أمَر بتقسيم عائلته إلى مجموعتَين، وأن يبقى مع واحدة على أمَل أنه إذا ما انتقَم عيسو من يعقوب، فربّما تنجو المجموعة الثانية (التي يُفترَض أنها موجودة في مكان آخر). كان تقسيم مجموعته إلى مجموعتين هو الذي جاء منه اسم هذا المكان: مهنايم، مخيمان. وبالطبع، بعد أن تَجلّى فجأة كل خداعه وذَنْب حياته في وَضْعٍ لا يبدو أنّ هناك مهربًا منه، جثا يعقوب على ركبتَيه أمام الله وصلّى. كم من مرّة

وجدنا أنفسنا نسبِق الله أو نتأخّر عنه أو نتمرّد أو نرتكِب خطايا ثم نطلُب من الله أن ينقذَنا من العواقب الطبيعية لتلك الخطايا. كان يعقوب يفعَل الشيء نفسه.

وفي الوقت نفسه، نرى كيف غيَّر الزمن يعقوب وغيَّر اختباره للسير مع الله. فهو يُقرّ بأنه لا يستحقّ شيئًا من الخَيرات العجيبة والحماية التي وفَّرها له الرب الإله.

المنطقة التي نَزَل فيها يعقوب معروفة اليوم. تُدعى "جابوك" وهي تقَع شرقي نهر الأردن، في نقطة متوسطة تقريبًا بين البحر الميت وبحر الجليل، وكانت الأردن مرئية بوضوح من بعيد من ضِفّة الجابوك حيث كان يعقوب واقفًا. إنه مكان جميل: أخضر ومورق وخصب. يُخبِرنا الكتاب المقدس أنّ يعقوب أرسَل أمامه عدّة قطعان برِفقة رُسله ومبعوثيه ليقدّموا هذه القطعان كهدية توبة لعيسو. كانت كمية الهدايا هائلة، إذ كانت تتألف من خمسمئة وخمسين رأسًا من الغنم. كانت حقًا هدية تليق بتقديم الجِزية لمَلِك. بعدَ ذلك، أخذ يعقوب عائلته المباشرة، وعبر نهر جابوك، ثم افترَق معهم، ويبدو أنه كان يُخطِّط لمواجهة عيسو وحده.

وهنا نواجِه واحدة من أغرَب الحلقات في الكتاب المقدس بأكملِه: فجأة، يَجِد يعقوب نفسه يتصارع مع "رَجُل" ما. وكَلِمة "رَجُل" هذه في العبرية هي "إيش"، والتي يمكن أن تعني رَجُل، أو زوج، أو حتى رَجُل عظيم أو جبّار. ولكن، الشيء الذي يجب أن نفهَمه هنا هو أنّ هذا الرَجُل من لحم ودم كما بدا ليعقوب. لقد قيل لنا أن هذه المصارعة استمرَّت طوال الليل، وعندما استنتَج "الرَجُل" أنّ يعقوب لن يستسِلم، خَلَع وِرك يعقوب بلمسة واحدة.

إذًا، هنا تقول الآية خمسة وعشرون أنّ يعقوب صارع "إيش"، أي رَجُلًا. ولكن، في الآيتين تسعة وعشرين وواحد وثلاثين، من الواضح أنّ هذا الكائن هو إلهي، لأن يعقوب يقول: "رَأَيْتُ إِلوهيمَ وَجْهاً لِوَجْهٍ".

ويتحدث هوشع 12:4 عن هذا اللقاء، ويذكر بوضوح أن يعقوب حارب كائنًا إلهيًا. إذًا، لماذا هذه الإشارة التي تقول أولاً أن خصم يعقوب كان إنسانًا، ثم تقول إنه إلوهيم؟

دعونا نتحدث عن الملائكة للحظة واحدة فقط. لقد كان هناك الكثير من الالتباس في المسيحية حول ماهية الملاك، وما الذي ينذر به ظهور أحد الملائكة، وما إلى ذلك. أول شيء يجب أن نفهمه هو أن الملاك في معناه الأساسي، هو أولاً وقبل كل شيء حامل للكَلِمة الإلهية. الملاك يحمل رسالة إلهية من الله، أو ينفذ أمرًا إلهيًا من الله. نتحدث اليوم عن تعبير "لا تقتل الرسول"؛ بمعنى أن الشخص الذي يخبرني بشيء مهم لا يتوجه إليّ بكلامه أو حتى بوجهة نظره الخاصة، بل هو فقط مُستأجر ليحمل إليَّ تعليمات من شخص أعلى منه. إنه ليس مسؤولاً عن محتوى الرسالة، واجبه إيصالها بعناية ودقة. هذا ملاك.

ومع ذلك، فإن الكتاب المقدس يستخدم الكَلِمة في عدد من السياقات، وأعتقد، في كثير من الأحيان، بشكل مجازي. على سبيل المثال، في الكتاب المقدس كان يُطلق على الأنبياء والكهنة في بعض الأحيان اسم "ملائكة الرب" ….. أو بشكل أكثر ملاءمة "رسل الكَلِمة الإلهية". في الواقع، يُشار إلى حجي وملاخي في الكتاب المقدس بما يُترجِم عادةً باسم "ملائكة الرَب". والآن، هل كان حجي وملاخي كائنين إلهيين وروحانيَّين؟ لا، ولكن، كرِجال كانا ببساطة ينقُلان للآخرين تعليمات الله للبَشر.

لذلك، فإنهما بالتأكيد مؤهّلان لأن يكونا رسولَين من الله.

سنرى أيضًا، في الكتاب المقدس، أنّ الفروق بين حامِل الرسالة الإلهية (ملاك الرَب)، ويَهوَه نفسه، غير واضحة. نرى ذلك في حادثة العليّقَة المُحترقة، ومع هاجر التي كلَّمها الملاك، لكنها استجابَت مباشرةً إلى الله، وفي عدد من المواقف الأخرى أيضًا.

لا ينبغي أن يُفاجئنا ذلك أو يبدو غريبًا. لأننا نحن أتباع يشوع، نحاول فَهم من هو يشوع بنفْس الطريقة. إنه إنسان، ولكنه أيضًا إله. نَجِد سيناريو مماثل هنا مع يعقوب حيث إنّ الكائن الذي يُصارع معه يُدعى بالتناوب إنسانًا، "إيش" وإلهًا، إلوهيم. فكِّروا في هذا أيضًا: ألا يُدعى يسوع أيضًا "الكَلِمة"؛ أو بالمعنى الكتابي الأكثر اكتمالاً "كَلِمة الله الإلهية". كان يسوع حاملًا للكَلِمة الإلهية (كملاك)، وكان هو الكَلِمة الإلهية (الله)، وكان أيضًا إنسانًا من لَحم ودَم (إنسان). الآن إذا كنتم تستطيعون أن تفهموا ذلك تمامًا، فلاقوني بعد الدَرس حتى أتمكَّن من مقابلة أول شخص يستطيع فهَم ذلك. إذًا كل هذه الفروق غير الواضحة من حيث يتوقَّف الله وتبدأ الملائكة، نجِدُها في يشوع الإنسان/الإله/الملاك.

والآن بعد أن عطّله هذا الرسول الإلهي، لم يترُكْه يعقوب قائلاً: "لا أترُكك حتى تُباركني". من الواضح أنّ يعقوب عَرَف أنه لم يكن يصارع رجُلاً عاديًا.

على مَرّ السنين، سمعتُ العديد من التعاليم حول هذا الحدث. لقد سمعتُ أيضًا أن هذا الأمر لم يحدُث في الواقع، وأنه مجرد قصة خرافية. لقد سمعت أنّ القصة أُضيفت إلى الكتاب المقدس بعد عدّة قرون. لقد سمعتُ أيضًا أنّ هذه القصة مجرّد قصّة رمزية.

ولكنني مُقتنِع تمامًا أنّ هذا ليس أيًا مما سَبق؛ وأنه كان حقيقيًا تمامًا. أمامنا هنا مشهد حَرفي ورمزي في آنٍ واحد؛ رمزي لأن جميع المؤمنين يجب أن يمرّوا بوقت يجب أن يتصارعوا فيه مع الله من حيث السيطرة على حياتنا. وإذا أرَدنا أن نُدرك حقًا تلك الحياة التي حدَّدها الله لنا، فلا بد أن يأتي وقت نترُك فيه اختياريًا، من خلال الاستسلام المُطلق، تاريخنا الممزَّق وراءنا ونبدأ تاريخًا جديدًا مع الله كَرَب لحياتنا. ولكن، حتمًا، سنصطَحب معنا ندوب الماضي، وسيكون علينا أن نَتعامل معها. بل أكثر من ذلك، سنَدفع أحيانًا ثمنًا لنترُك وراءنا طرقنا المُتمرِّدة ونمضي قدمًا إلى حياة جديدة. هكذا كان الحال مع يعقوب، إذ وَرِث الآن إعاقة دائمة أثناء عبوره من مكان غريب إلى أرض الميعاد.

كمْ كنت أتمنّى لو كان الأمْر كذلك، عندما ندرِك خلاصنا لأول مرة، أو بعد سنوات من خلاصَنا نقرِّر أخيرًا أن نعيشه، إنّ ماضينا الأرضي مات مِثل طبيعتنا القديمة. في كثير من الأحيان يُخبِر القساوسة ذوو النوايا الحسنة المُهتدين أنّ صفائحهم قد طُهِّرت، ولكن غالبًا ما ينسون أن يخبروهم أنه على الرغم من أننا روحيًا قد غُفِر لنا، إلا أن هذا لا يُنهي النتائج الطبيعية لما تسَبَّبت فيه طبائعنا الخاطئة. بطريقة أو بأخرى، سنَعيش بقيّة حياتنا نادمين على حماقتنا. سوف يمشي يعقوب أعرَج في أيامه الباقية؛ شهادة لا مَفَرّ منها على أنه حارَب الله لما يُقرب من مائة عام، حتى خَضَع في النهاية بدلاً من مُحاولة تحقيق توازن القوى.

لطالما انتصَر يعقوب على البشر من قَبل، بمهاراته ودَهائه المَمزوج غالبًا بالخِداع. ولكن، عندما أدرك أنّ ما كان يُصارعه كان أكثر بكثير من مجرّد لَحم ودم، عَرَف أنه لا يستطيع أن ينتصِر كما كان يفعَل دائمًا……ولذلك، بدلاً من ذلك، استسلم وَطَلب أن يكون مباركًا. ومثل معظمنا، لا يبدو أننا لا نستطيع أن نصِل إلى هذه النقطة إلا بعد أن نكون مكسورين وعاجزين. إذا أخذْنا المجموع الأكثر حَرفية لاسم يعقوب، نراه يعني "الماكر المُنتفع الذاتي المُستبد". وكم تميَّزت حياة يعقوب حتى الآن بِفَضْل هذا الاسم. ولكن، بسبب استسلام يعقوب للرَب، كان له مصير جديد سينعكِس في اسمه الجديد: "إسرائيل"…….أمير مع الله. من هنا نرى يعقوب جديد في الكتاب المقدس. توقَّف عن الاتكال على نفسه، على طرُقه الأرضية، واستند إلى قوة الله. وسوف يُدعى إسرائيل.

لا يَسعني إلا أن أتذكَّر قصة اقتراب أخي الإسماعيلي في المسيح من الرَب وكيف أنه كفلسطيني يُحارب ضد إسرائيل، لم يَستطع أن يهزِم اليهود. كحال العربي المُسلم العادي الذي يعيش اليوم، كان هناك إحباط وغضب شديدان يقودان إلى كراهية غير عقلانية لإسرائيل لأنه كان من غير المفهوم أنّ مئتي مليون عربي لم يتمكّنوا من هزيمة ستة ملايين ملايين يهودي وكيف أنّ الجيوش العربية مُجتمعة التي كانت تقزّم جيوش إسرائيل هُزِمت مرة تلو الأخرى، ولم تجلِب للعالم العربي سوى الإذلال. بعد اقترابه من المسيح، أدرك تاس فجأة لماذا لم يتمكّنوا أبدًا من هزيمة إسرائيل: لقد فهِم أخيرًا أنّ العرب والمُسلمين الذين ظنّوا أنّ عدوهم هو اليهود…… كانوا في الواقع يُحاربون الله. وعندما نُحارب الله، لا توجد فرصة على الإطلاق للانتصار بشروطنا. وبطريقة أكثر سخرية، يجب أن يحدُث انتصارنا بالله بهزيمة أنفسنا.

هذا هو بالضبط ما كان يحدُث في هذا المشهد مع يعقوب، وقد حَدَث، أو سيحدُث، لكلّ مؤمن يُسلِّم إرادته في النهاية لإرادة يَهوَه.

اسمحوا لي أن أنهي هذا الإصحاح بالإشارة إلى شيء واضح في بعض النواحي، ولكن من نواحٍ ٍأخرى ليس كذلك. تبدأ الآية ثلاثة وثلاثون بالقَول "لِهَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ………" ثم تمضي لتشرح لماذا يُستأصَل العصب الوركي (الذي يُسمّى العصب في أسفارنا المقدسة) من الحيوانات ولا يؤكل كلَحم. الملاحظة هي أنّ التنقيح قد تمّ. ينظُر كاتب هذه المقاطع…. عادةً موسى…. إلى الوراء. على الأقل جزء من هذا الموضوع قد كُتِب في زمن لاحق بعد الوقت الذي وقعَت فيه أحداث يعقوب والمصارعة مع هذا الملاك.

ومن وجهة نظر زمنية، بدأ تقليد إزالة العَصب الوركي من الحيوانات التي ستؤكل أو تُذبَح، يُعتبَر تكريمًا لهذا اليوم الذي انخلَع فيه ورك يعقوب، حين أُعطي اسمًا جديدًا يَصِف طبيعته الجديدة……إسرائيل.

علاوةً على ذلك، من وجهة نَظَر تاريخية، في هذه اللحظة، في سِفْر التكوين اثنان وثلاثين الآية تسعة وعشرين، تأسَّست أمة إسرائيل.