الخروج
الدرس اثنا عشرة – الإصحاحان ثلاثة عشرة وأربعة عشرة
شاهدنا في الأسبوع الماضي فيلمًا وثائقيًا جمع بين معلومات كانت معروفة منذ قرون، وبين الاكتشافات الحديثة التي تُظهر الكثير من الثغرات في المسار التقليدي لسفر الخروج. نحن بالتأكيد لن نحل في هذا الفصل ما عجز العلماء المتمرسون على مر العصور عن حله. ومع ذلك، بما أن عبور البحر الأحمر وطريق الخروج هي أحد أكثر الأحداث روعة في الكتاب المقدس بأكمله، لا أريد أيضًا أن أتخطى ذلك. لذلك سوف نناقش ذلك أكثر اليوم؛ ولكن دعونا أولاً نتابع مع الإصحاح ثلاثة عشرة من سفر الخروج. لذا، دعونا نعيد قراءة الآيات القليلة الأخيرة.
إعادة قراءة سفر الخروج الإصحاح ثلاثة عشرة الآية السابعة عشرة إلى – النهاية
الآية الثامنة عشرة هي بداية الجدل الحقيقي الذي يحيط بسفر الخروج. لأنها تقول أنه بدلاً من أن يسلكوا طريق الفلسطيين الأكثر مباشرةً والأكثر وضوحاً إلى أرض كنعان، وجههم الله ليسلكوا طريقاً يتجه نحو (حسب روايتك) إما البحر الأحمر أو بحر القصب. الكلمة العبرية لهذا المسطح المائي هي يام سوف (أو يام سوب). يام تعني البحر، وسوب تعني القصب، أو البردي. في النصوص العبرية الأصلية، الصياغة هي "بحر القصب". ولكن في الترجمة السبعينية، الترجمة اليونانية للكتاب المقدس العبري، العبارة هي "البحر الأحمر". إذًا، هذا جزءٌ من مصدر الخلاف.
علاوةً على ذلك، تقول الآية الثامنة عشرة حرفياً أن الشعب سيسلك طريقاً "ملتفًا" إلى كنعان، وهذا الطريق سيكون "طريق البرية". والآن، اتبعوني هنا، لأن هذه هي الخطوة الأولى المساعِدة في كشف لغز طريق الخروج. فكما كان هناك طريق تجاري سريع للتجارة والسفر يمتد من الشمال إلى الجنوب بطول ألف ميل على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط (يسمى رسميًا طريق الفلسطينيين)، كان هناك طريق تجاري يمتد من الشرق إلى الغرب بطول مئتي ميل يسمى رسميًا طريق البرية. إن الكلمة العبرية المستخدمة لكلمة "الطريق" في كلا الاسمين، طريق الفلسطينيين وطريق البرية هي "ديريك؛ وتعني الطريق أو المسار. لماذا اختار الكثير من المترجمين أن يجعلوا "طريق الفلسطينيين" اسمًا رسميًا لطريق تجاري معروف، لكنهم رفضوا قبول "طريق البرية" كاسم رسمي لطريق التجارة المعروف بين الشرق والغرب عبر سيناء؟ يبقى ذلك لغزًا. لماذا يتعمد الكثير من العلماء الممتازين استعمال عبارة "طريق البرية" للإشارة إلى اتجاه العام بدلاً من الاسم الدقيق لطريق تجاري قديم معروف منذ زمن طويل؟ بالطبع، قد يكون السبب هو أننا عندما ندرك هذه الحقيقة الصارخة التي تقع هنا أمام أعيننا، فإنها ستلغي إمكانية أن يكون جبل سيناء المسيحي التقليدي هو المكان الذي كان شعب إسرائيل ذاهبًا إليه، لأن طريق البرية بعيد عن المكان الذي حددته أم قسطنطين، في رؤيا جبل الله، وهو أمرٌ قامت به في القرن الرابع الميلادي ولم يوافقها عليه اليهود.
وفي الآية التاسعة عشرة نتذكر بشكل مؤثر للغاية ماضي إسرائيل، عندما تذكر أن بني إسرائيل أخذوا معهم عظام يوسف. وبشكل أكثر دقة، أخذوا معهم جسد يوسف محنطًا، لأن سفر التكوين أخبرنا أنه دُفن على الطريقة المصرية التي كانت التحنيط. ولكن، هذا أيضًا يختتم زمن بني إسرائيل في مصر. لقد كان يوسف بداية ذلك الزمن، وقد وضع يوسف حجر الأساس لمجيء بني إسرائيل إلى مصر في البداية لمجرد البقاء على قيد الحياة، ثم للتكاثر حتى يصبحوا أمة كبيرة. ومع ذلك، في تعامل يوسف مع السنوات السبع التي شهدت وفرة المحاصيل ثم السنوات السبع التي شهدت نقصًا حادًا في الغذاء، سيتم أيضًا وضع الأساس لكراهية الشعب العبراني وإخضاعه. تذكروا أن يوسف، بالاشتراك مع الفرعون السامي الذي كان حكم مصر عندما كان يوسف في السلطة، أخذ حيوانات الشعب المصري ومحاصيلهم، وفي النهاية سلبهم أرضهم واستقلالهم، مقابل الحبوب المخزنة اللازمة للنجاة من سنوات المجاعة الشديدة.
ولكن، ازدهرت عائلة يوسف، يعقوب وجميع أبنائه وعائلاته، وأبلوا بلاءً حسنًا خلال فترة الخراب تلك. فبينما كان المصري العادي يعاني ويفقد ثروته وحريته، كان إسرائيل يتكاثر ويزدهر. الغيرة المريرة من تلك الحادثة (إلى جانب الخروج من مصر) لم تهدأ أبدًا، حتى في يومنا هذا.
وكما ورد في سفر التكوين الإصحاح خمسين الآية خمسة وعشرين، فقد وعد أهل يوسف، يوسف بأن يخرجوه (أي جثته) من مصر عند خروجهم منها، لأنه آمن بمواعيد الله لإبراهيم وإسحق ويعقوب. كان يعتقد أن بني إسرائيل سيكونون في مصر فقط كمسافرين….. وليس كمواطنين دائمين. كان يعلم أنها ستكون إقامة طويلة…..أربعة أجيال تعادل حوالى أربعمئة سنة في أيام الآباء. لكنه كان واثقًا تمامًا أنهم سيرحلون يومًا ما، كما وعدهم يهوه، وأراد أن يذهب رفاته معهم. وهنا يُذكر أن هذا ما حدث بالضبط.
قيل لنا أنه بعد توقفهم في سوكوت، حيث صنعوا وأكلوا خبزًا من دون خمير، انتقلوا إلى مكان يُدعى إيثام…… وهو مكان آخر لم يتم تحديده بشكل مؤكد، وحتى لا توجد مسافة محددة بين سوكوت وإيثام. قيل لنا أن يهوه كان يسير أمامهم نهارًا في عمود من السحاب، وفي الليل تنبعث نار من السحابة لتضيء طريقهم.
افهموا هذا الأمر: على عكس ما تزعمه بعض الأفلام، وغالبًا ما يُشار إليه ضمنيًا في العظات ودروس مدارس الأحد، لم يكن الرب يتصرف كمرشد سياحي أو ككشّاف؛ لم يكن يأخذ بني إسرائيل إلى مكان لم يكن لديهم أدنى فكرة عنه أو كيفية الوصول إليه. كانوا يعرفون أنهم ذاهبون إلى كنعان. وأخبرهم الرب أنهم لا يستطيعون أن يسلكوا طريق الفلسطيين، بل كان عليهم أن يسلكوا طريق البرية؛ لذلك كان الطريق محددًا لهم بشكل عام. بل كان يهوه هو مرافقهم المسلح، الذي كان يحرسهم ويحميهم ويدافع عنهم ويديرهم. كان يخبرهم متى يتحركون ومتى يتوقفون؛ متى ينعطفون قليلاً ومتى يعودون إلى الطريق. أليست هذه صورة رائعة للطريقة التي يعمل بها الرب في حياتنا، إذا أردنا فقط أن نتبعه؟
ولكن، لقد أُعطينا أيضًا دليلًا آخر لا ينبغي أن نغفل عنه يساعدنا قليلاً في طريق الخروج…… يُذكر أن ظهور السحابة والنار كان لأي سبب؟ كان ذلك حتى يتمكنوا من السفر ليلاً ونهارًا. عندما غادروا مصر لأول مرة، كانوا يتنقلون ليلاً ونهارًا. لماذا؟ كان هناك سببان: أولاً، لأنهم احتاجوا أن يبتعدوا عن مصر بأسرع ما يمكن (وهذا يجعلنا نعرف أيضًا أنهم ربما قطعوا مسافة لا بأس بها قبل أن يصطدموا بالبحر الأحمر أو بحر القصب….."يوم سوف"). لن يكون هؤلاء الهاربون العبرانيون أكثر نشاطًا أو حماسًا مما كانوا عليه فور خروجهم من مصر؛ لذلك كان ذلك أفضل وقت لخلق مسافة كبيرة بينهم وبين فرعون. ثانيًا، لأن الوقت غادروا في أواخر الربيع ، حين كانت البرية الصحراوية حارة. أي شخص عاش في الصحراء يعرف أن أفضل وقت للسفر في الصحراء هو في الليل، عندما يكون الجو أبرد، والاستراحة في النهار عندما يكون الجو حارًا.
لننتقل إلى الإصحاح الرابع عشر.
الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج
قراءة الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج
بعد مشاهدة ذلك الفيديو عن عبور سفر الخروج وجبل الله، آمل أن تكونوا أصبحتوا جاهزين للانتقال إلى أحداث الإصحاح الرابع عشر. أعتقد أنه تمت تغطية ما يكفي في ذلك الفيديو بحيث لا يتعين علينا قضاء الكثير من الوقت في استعراض التفاصيل التي تنطوي إلى حد ما على تكهنات على أي حال.
يبدأ الإصحاح الرابع عشر بإعطاء يهوه لموسى تعليمات: ارجع وانصب الخيم في مكان يسمى "بي ها هيروث"، وهو ما يعني "فوهة القناة" أو، في هذه الحالة، "فم المضيق". وكانت "بي ها هيروث" تقع على طرف البحر الأحمر.
الآن، ما تخبرنا به اللغة الواضحة في هذه الآيات الافتتاحية هو أن بني إسرائيل كانوا متجهين في اتجاه واحد، ولكن بعد ذلك جعلهم الله يستديرون ويرجعون إلى الوراء بعض الشيء ويسيرون في اتجاه مختلف تمامًا. وما سينتج عن ذلك هو أن فرعون سمع أنهم يهيمون بلا هدف في برية الصحراء (أي شبه جزيرة سيناء). السؤال الأول: كيف يمكن لفرعون أن يعرف أين هم ذاهبون وأين هم في أي وقت من الأوقات؟ مما لا شك فيه أن فرعون قد أوعز إلى قادة المواقع العسكرية العديدة التي كانت مصر تديرها في جميع أنحاء سيناء بأن عليهم تتبع بني إسرائيل وإبلاغه بمكانهم.
كان من الممكن أن تكون هذه المهمة سهلة؛ لأنه من غير الممكن إخفاء حشدٍ من ثلاثة ملايين شخص ومئات الآلاف من الحيوانات التي تسير على طول الدروب الترابية. كونوا أكيدين أنهم لم يكونوا يشقون طريقًا جديدًا، بل كانوا يسلكون الطريق المعروف، وحتى الالتفاف، كان من السهل اكتشافه.
لذا، عندما سلك بنو إسرائيل نفس الطريق عبر سيناء الذي سلكه موسى للفرار من مصر إلى ميديان، قبل حوالى أربعين عامًا، كانت مهمة تتبع طريق بني إسرائيل وإبلاغ فرعون بسيطة للغاية بالنسبة للكشافة المصريين. كانت عملية إبلاغ فرعون تتم عن طريق إشارات الدخان، وإشارات النيران، وانعكاس الضوء من الأجسام اللامعة. كانت هذه الأنظمة الخاصة بإرسال الرسائل عبر مسافات كبيرة مستخدمة منذ قرون قبل الخروج. لم يكن الأمر ليستغرق سوى بضع ساعات قليلة جدًا حتى يتمكن الكشافة الذين يتبعون بني إسرائيل من إرسال إشعاراتهم ثم وضعها بين يدي فرعون.
ما يجب أن نفهمه هو: واحد) أنه على حد علم فرعون، كان بنو إسرائيل سيغيبون لمدة ثلاثة أيام فقط، لكي تجتمع أمة إسرائيل بأكملها وتقدم الذبائح لله؛ اثنان) لم يثق فرعون أبدًا بادعاءاتهم. في مسيرتي المهنية في عالم الشركات، تعلمت العديد من الأفكار المثيرة للاهتمام حول السلوك البشري، بما في ذلك سلوكي الخاص؛ وإحدى تلك الأفكار هي أن ميل الشخص إلى الشك في الآخرين يأتي في المقام الأول من ماهية أفكاره وسلوكياته الخاصة. بمعنى أنه إذا كان الشخص ماكرًا ومتلاعبًا، فإنه يميل إلى الخوف من أن يكون الآخرون ماكرين ومتلاعبين به. إذا كانوا بطبيعتهم أشخاصًا غير صادقين، فإنهم سيخشون ألا يكون الآخرون صادقين أيضًا. كان فرعون يعرف ماذا كان ليفعل لو كان مكان موسى، وهو يطلب من شعبه المغادرة: لذلك كان فرعون يشكّ أقوال موسى التي نطقها ليحصل على ما يريده (مثل، "لا تقلق، سنغيب ثلاثة أيام فقط"). في هذه الحالة، كان الأمر يتعلق بتحرير شعب إسرائيل تمامًا من مصر. لا أعتقد أن فرعون ظنّ فعلاً أن هذه الرحلة كانت عبارة عن عطلة قصيرة مدتها ثلاثة أيام، ولهذا السبب خاطر بسلامة أمته في معركة لا يمكن الفوز فيها مع إله إسرائيل. بالطبع، في النهاية، كان على حق، أليس كذلك؟
والأمر الآخر الذي يجب أن نعرفه هو أن شبه جزيرة سيناء كانت أرضًا خاضعة للسيطرة المصرية. ومثلما كانت ألاسكا أرضًا أمريكية قبل أن تصبح ولاية، لم تكن سيناء جزءًا من مصر نفسها، لكنها كانت تحت سيطرة مصر. كانت ألاسكا مهمة بالنسبة للولايات المتحدة لسببين: كونها مصدر للموارد الطبيعية (النفط)، وعازل عسكري استراتيجي بين أمريكا الشمالية والاتحاد السوفيتي. والأمر نفسه ينطبق بالنسبة لسيناء؛ فقد كانت مصر تستخرج النحاس من سيناء كمصدر للنحاس، وكانت سيناء تشكل حاجزًا جغرافيًا كبيرًا بين مصر ودول الشرق الأوسط التي كانت تحاول باستمرار أن تكون لها اليد العليا على بعضها البعض وعلى مصر.
لذا، إلى أن عبر بنو إسرائيل سيناء إما إلى شبه الجزيرة العربية شرقًا أو إلى أرض كنعان شمالاً، كانوا لا يزالون على الأراضي المصرية، مما جعلهم عرضة للخطر. والسبب هو أن فرعون كان حرًا في إرسال جنوده وراء بني إسرائيل، لأنه لو كانت سيناء تحت سيطرة دولة أخرى، لكان وجود الجنود المصريين يعني الحرب مع أي دولة حاكمة هناك.
في الآية ثلاثة، جاء الخبر إلى فرعون بأن بني إسرائيل بدوا مرتبكين في طريقهم، وأنهم الآن "محاصرون من البرية". هذه ليست تعبيرات ملطفة؛ فأينما كان شعب إسرائيل، كانوا يسافرون في أرض "مغلقة"؛ أي، مكان يجعلهم محاصرين، من وجهة نظر عسكرية استراتيجية. أي نوع من التضاريس "حاصر" بني إسرائيل؟ حسنًا، بالتأكيد ليست مساحات صحراوية مسطحة ومفتوحة. لقد رأينا في الفيديو إمكانية أن يكون مضيق كبير؛ ممر مائي جاف اخترق التلال الصخرية في الجزء الشرقي من شبه جزيرة سيناء. كان يجب أن يكون طريقًا له مدخل ومخرج واحد، من دون القدرة على الهروب في أي اتجاه آخر. هذه ليست تكهنات. بالتأكيد كان هذا هو الحال، لأن سفر الخروج يذكر ذلك بوضوح. التكهنات تتعلق فقط بموقع ذلك المكان الدقيق.
الآن، يتم تذكيرنا في الآية الربعة بموضوع ثابت في سفر الخروج، وهو أن إحدى الأغراض الأساسية لضرب الله مصر بكل الطرق هو أن يتمجد هو…. و….. أن يعرف المصريون أن يهوه هو الذي كان لديه القدرة على القيام بمثل هذه الأشياء.
تم إعلام فرعون الآن بما كان يشك فيه طوال الوقت: كان شعب إسرائيل في طريقه إلى الانتقال الدائم. وبالطبع، أغضب ذلك فرعون لأنه شعر بأنه خُدع. من الواضح أنه كان لديه أمل ضئيل بعودة إسرائيل بعد ثلاثة أيام. لم يكن يرغب حقًا في المخاطرة بجولة أخرى مع موسى وإلهه؛ ومع ذلك، وببساطة من خلال مقدار الوقت الذي غاب خلاله بنو إسرائيل وطريقهم، كان واضحًا أنهم لن يعودوا. لذلك، أرسل جيوشه وراء بني إسرائيل. هل كان فرعون يقصد القضاء على إسرائيل؟ لا، بالتأكيد، كان سيقتل الآلاف منهم انتقامًا ولإظهار سيطرته؛ لكن هدفه كان إعادتهم إلى مصر، والعودة إلى العبودية وخدمته بعبودية.
قيل لنا أنه لم يكتفِ بإرسال فرقة خاصة مكونة من ستمئة عربة لملاحقة العبرانيين، بل أرسل فرقًا أخرى راكبين "شتى أنواع" العربات. وقد أظهر علم الآثار وعلم المصريات أن مصر استخدمت أنواعًا مختلفة من العربات في عصر الأسرة الثامنة عشرة كما يُرجح، وتميزت باستخدام مجموعة متنوعة من المركبات بأربع أو ست عجلات. لم يتم استخدام نوعين مختلفين من عجلات العربات بشكل غير اعتيادي إلا في فترة قصيرة جدًا من تاريخ مصر، وكان ذلك خلال فترة الخروج المقبولة عمومًا، أي حوالى القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وقيل لنا أيضًا أن الفرعون نفسه ذهب مع جيشه.
دعونا لا ننسى عنصرًا حيويًا في مطاردة فرعون لإسرائيل: قسّى يهوه قلب فرعون. لقد واجهنا هذا الموضوع من قبل. لمَ قد يفعل يهوه هكذا؟ ليجذب المصريين إلى الهلاك، وهذه كانت خطته. بعد تدمير الجيش المصري في البحر الأحمر، ستمضي ثلاثمئة سنة قبل أن نسمع عن إزعاجهم لإسرائيل مرة أخرى. استدراج فرعون إلى الهلاك، مثل جرّ الفراشة إلى اللهب، هو نمط سيتكرر في هرمجدون. كان من غير المنطقي أن يقوم فرعون بهذا التصرف الانتحاري. لقد توسل إليه سحرته ومجلسه أن يترك إسرائيل وشأنه لأن إلههم أثبت مرارًا وتكرارًا أنه قوي جدًا. ولكن أعمى الغضب والكبرياء والكراهية فرعون لدرجة أنه خالف كل حكمة؛ بعض هذه الكراهية كان سببها نزعة فرعون الشريرة؛ ولكن بعضها الآخر كان سببها أيضًا تحقيق الرب لإرادته.
دعونا ننتقل سريعًا إلى الزمن القريب. لا أعرف ما إذا كان هذا الزمن بعد شهر من الآن أو سنة أو ربما عشرة سنوات. لكن، أشك أن أيًا منّا في هذه القاعة سيعيش ليرى الأحداث التي تحدث عنها حزقيال ثمانية وثلاثون وتسعة وثلاثون، لأننا في خضم مشاهدة نبوءة حزقيال في حزقيال ستة وثلاثون وسبعة وثلاثون تحدث بينما أتحدث.
قراءة حزقيال الاصحاح ثمانية وثلاثون الآية الأولى وتسعة وثلاثون الآية الثامنة كلها
يتكرر هنا نمط استدراج الرب حرفيًا لأولئك الموسومون بالدمار إلى معركة ضد شعبه…معركة سيهزم فيها الرب بقوته الخارقة العدو…… تمامًا كما كان فرعون مهووسًا بإسرائيل لدرجة أن كل عقله كان ملقىً به في مهب الريح، كذلك الأمر بالنسبة لكل هذه الأمم المذكورة في آيات حزقيال التي لن تستطيع أن تسيطر على نفسها؛ فبين أفكارها وخططها الشريرة، وبين أن الرب يصب خططهم كالإسمنت في عقولهم، يكون الهلاك مصيرهم.
أرجو أن تروا حقيقة الأمر: الرب سيضع علامة على من سيعيش ومن سيموت. وسيكون البعض فدية للآخرين. الرب سوف يميز. سيضحي بأولئك الذين لا ينتمون إليه، من أجل أولئك الذين ينتمون إليه. في حين أن إرادته من ناحية هي أن يُخلّص الجميع، إلا أنه من ناحية أخرى يعرف من سيخلص ومن لن يخلص. وأولئك الذين لن يخلصوا سيقسون بطريقة تجعلهم يرتكبون انتحارًا جماعيًا على نطاق لا يمكن تصوره من خلال معاداة الرب الإله في هرمجدون.
والآن، تأملوا هذه الفكرة: من في العالم يحب الموت إلى حد يجعلهم يموتون بسعادة….. وهم يرون أطفالهم مزنرين بالقنابل على أجسادهم الصغيرة، وأمتهم بأكملها تُباد….. إذا كان ذلك يعني تدمير شعب الله، إسرائيل؟ هذا صحيح، المسلمون. إذا فتحنا أعيننا فقط نكتشف أن المجموعة الأساسية من أولئك الذين سيقودون العالم الكافر إلى التدمير الذاتي: ستكون الإسلام. أوه، بالتأكيد، روسيا ومجتمعها الملحد تمامًا، وربما الصين أيضًا بمجتمعها القائم على رفض أي حقيقة روحية ستكون جزءًا من هذه المعركة العظيمة لأسباب خاصة. ولكن، الإسلام هو الذي يملك إمدادات لا حدود لها من البترودولار، وهم الناس الذين يتوقون إلى الاستشهاد هم وعائلاتهم في تفجيرات انتحارية وفي المعارك لمجرد تدمير أي بقايا من إسرائيل واليهودية المسيحية.
كان فرعون يعرف بالضبط أين يجد بني إسرائيل: لقد خيموا في نفس المكان الذي قادهم إليه يهوه على شاطئ البحر. لا بد أن الحراس العبرانيون رأوا قبل غروب الشمس بقليل الجيش المصري من بعيد، فأصابتهم الهيستيريا. ولأنهم بشر، كان من الطبيعي أن يبحثوا عن شخص ما لإلقاء اللوم عليه: موسى. وواجهوه بسخرية راغبين في معرفة ما إذا كان السبب الوحيد الذي جعله يخرج بهم إلى هنا هو عدم وجود مساحة كافية من المقابر في مصر. إن لم يكن موسى يعرف قبل مغادرتهم مصر، فقد عرف الآن أنه في حالة نجاتها من جيش فرعون وهو أمر غير محتمل، فإن هذه المجموعة من الناس لن تجلب له سوى القليل من الفرح. كانوا متذمرين وجاحدين وجبناء.
أيمكنك فقط أن تتخيل موسى واقفًا أمام الكبار، وهم يشيرون إليه بأصابعهم العظمية الذابلة مذكرين إياه بأنهم لم يرغبوا حقًا في مغادرة مصر في المقام الأول؟ بعد كل شيء، العبودية ليست سيئة للغاية، أليس كذلك؟ خدمة فرعون والنجاة أفضل من الموت المؤلم. الترجمة: من الأفضل أن نخدم الشر الذي نألفه ونعيش الحياة التي نرتاح لها، على أن نتبع الله في الإيمان، وعدم اليقين.
لم يتزعزع موسى: ردّ عليهم قائلاً: "لا تخافوا. اثبتوا وانظروا إلى خلاص يهوه لكم اليوم". يذهب موسى إلى الله، فيقول الله لموسى: لماذا تصرخ إليَّ؟ هل يغضب يهوه لأن موسى واجههه بمشكلة؟ بالطبع لا. يبدو الأمر كما لو أن الله كان يتوقع تمامًا أن موسى يعرف مسبقًا أن الخطوة الأولى لهذه "المشكلة" هي الاستمرار في المضي قدمًا…. لا تتوقف. تقدم إلى الأمام، وسيفتح الله طريقًا. يقول ألفريد إدرشيم في عمله الهائل "تاريخ العهد القديم" "هناك أوقات تبدو فيها حتى الصلاة عدم إيمان، ولا واجب علينا سوى المضي قدمًا في هدوء واطمئنان". كم هذا صحيح. لقد ظل بلعام يعود إلى الله على أمل الحصول على إجابة مختلفة؛ إجابة أكثر انسجامًا مع الإجابة التي أرادها. إننا نجد أنفسنا في مواقف صعبة تبدو ناتجة عن فعل شيء نفسه كنا واثقين قبل ساعات فقط من أنه عمل أمر به الله. فجأة، يواجهنا خيار غير متوقع: والآن، هل نمضي قدمًا أم نتوقف؟ بالطبع لا يمكن أن يكون الذهاب إلى الله في الصلاة خيارًا سيئًا أبدًا؛ ولكن من الواضح أنه عندما يكون واجبنا أمام الله واضحًا تمامًا بالفعل، علينا أن نمضي قدمًا ونحن نصلي. هذا بدلاً من التوقف، وإعادة التفكير فيما إذا كان ينبغي علينا أن نبدأ هذه الرحلة في المقام الأول أم لا.
لاحظوا ردًا مثيرًا للاهتمام من الله: في الآية السادسة عشرة يقول الله لموسى: "ارفع عصاك عالياً، مدّ يدك". تمامًا كما حدث في مصر، عندما تكلم موسى، تكلم بسلطان الله. أتتذكّرون حين قال الله لموسى في وقت سابق: حين تكلّم موسى، فكأنّ الله تكلّم؟ كان موسى مفوضًا بالفعل بقوة الله للقيام بما هو ضروري لتنفيذ مشيئة الله. هذا يناقض الآية السابعة عشرة، عندما يقول الله: "ولكني سأجعل قلب فرعون قاسيًا". يُمكِّننا الله من المهام التي يعطينا إياها: لا أكثر ولا أقل من الحاجة. بالطبع، نحن لا نحمل في داخلنا ذرّة من القوة اللامتناهية التي هي يهوه. بعض الأشياء يحتفظ بها لنفسه فقط. لم يطلب الله أبدًا من موسى أن يفعل الشيء الذي قرر الله والله وحده أن يكون عمله الوحيد: تغيير القلب إلى الخير أو الشر. وبالنسبة للكنيسة، في مسألة نشر الإنجيل، علينا أن نضع ما يلي في الاعتبار: إن الله لم ولن يعطينا أبدًا القدرة على تغيير قلب الإنسان. لا يمكننا أن نلين قلبًا ولا أن نقسّي قلبًا. وظيفتنا ليست تحويل أي شخص: وظيفتنا هي أن نتكلم ونُظهر بحياتنا حقيقة الإنجيل.
بعد ذلك، يُقال لنا في الآية التاسعة عشرة أن "رسول الله" غيّر موقعه من قيادة إسرائيل، إلى التمركز بين إسرائيل والجيش المصري. في كل مرة تقريبًا في سفر الخروج الإصحاح الرابع عشرة تستخدم كتبنا المقدسة "الرب"، أو "الله"، أو "أدوناي"، وفي الواقع في الأصل العبري اسم الله الشخصي، هو "يهوه". لا نجد سوى مرتين فقط في هذا الإصحاح بأكمله إشارة إلى الله على أنه أي شيء غير "يهوه"، وهنا نواجه واحدة من هذه المرات. الترجمة العبرية التي تُترجم ملاك الله أو رسول الله في معظم الأحيان هي "ملاك إلوهيم" أو "ملاك يهوه". ليتني أفهم الفرق بين "ملاخ إلوهيم" و"ملاخ يهوه": أي "ملاك الله" مقارنةً ب "ملاك يهوه". لكن، هناك فرق. في هذه الآية، "ملاخ إلوهيم"، "ملاك الله" محدد بوضوح على أنه تلك السحابة التي كانت تقود إسرائيل. في وقت لاحق، سيحل هذا الحضور المرئي لله على قدس الأقداس في خيمة الاجتماع في البرية، وهناك كان يُطلق عليه اسم "السكينة"، أو كما نسميه عادةً "مجد الله".
هذه هي الأشياء التي بُنيت عليها طوائف بأكملها: ما هو بالضبط ملاك الله، مقارنةً بملاك يهوه، والسكينة؟ ما هو واضح بما فيه الكفاية هو أن كلمة الله تدل على مصطلحات مختلفة لكل من هذه الحضور المرئي. هل هذه مجرد أسماء مختلفة لنفس الشيء؟ لست متأكدًا، لكن لدي شكوكي. بطريقة ما، لا أعتقد أن الله يتناسب مع التوصيفات اللطيفة والأنيقة التي نبنيها نحن البشر له.
إذًا، ما الذي نعرفه عن هذه السحابة، حضور الله هذا، الذي كان يقود إسرائيل، أصبح الآن يتحرك فجأة ليفصل بين معسكري إسرائيل ومصر. بتعبير أدق، الله هو سياج حماية حول إسرائيل. لقد ذُكر شيء يجب أن يكون مألوفًا لنا الآن في الآية عشرين: أن السحابة أعطت الظلمة للمصريين والنور لإسرائيل.
هل تذكرون دروسنا العبرية في سفر التكوين واحد، حيث خلق الله الظلمة والنور؟ وأنّ الكلمات المختارة لم تكن في الحقيقة عن الليل والنهار…. أو عن النور المرئيّ والظلمة المرئيّة. فالكلمة العبرية للظلمة المستخدمة هناك كانت "شوسيك"، وهي كلمة سلبية للغاية؛ كانت تشير إلى نوع من العمى، قوة شريرة أو معرقلة……ظلمة روحية. بالنسبة للنور، كانت الكلمة العبرية "أور"، والتي كانت تشير إلى الاستنارة، قوة روحية إيجابية؛ شيء ينبعث منه الحق والخير. تهدف هذه المصطلحات إلى معنى أبعد من ضوء مرئي، مثل الضوء المنبعث من المصباح الكهربائي، أو مصباح الزيت، أو حتى من النجم الذي يتوسط مجموعتنا الشمسية، الشمس. لقد رأينا هذين المصطلحين مرة أخرى في سفر الخروج، كجزء من الضربة التاسعة، أو الطاعون الذي ضرب مصر؛ عندما غرقت مصر في ظلام روحي مرعب لمدة ثلاثة أيام، بينما في الوقت نفسه كان بنو إسرائيل في أرض جوشن يختبرون "أور"، الاستنارة، نور الله، صلاحه، الذي كان ينهمر عليهم. حسنًا، نرى هنا نفس هذين المصطلحين مرة أخرى. مرة أخرى، أنزل الله "كوشيك" على مصر، أي جيوش فرعون، و"أور"، أي الاستنارة على إسرائيل.
ولكن، الأمر المدهش، إذا فكرنا به، هو أن كلاً من هذه الظلمة الروحية والنور الروحي يأتيان من نفس المصدر، في وقتٍ واحد. من هذه السحابة، ملاك الله هذا، هذا الحضور الإلهي الذي يكاد يكون من المستحيل تفسيره، تأتي من جهة الظلمة للبعض، ومن جهة أخرى يأتي النور لشعبه. بالنسبة لأولئك الذين يعارضونه، ظلمة وموت؛ وبالنسبة لأولئك الذين هم خاصته، نور وحياة. هذه ليست صورة الله التي اعتدنا عليها؛ وبصراحة، لا يرتاح الكثيرون منّا لها. يحب البعض أن يقول، حسنًا، نعم، هذا هو إله العهد القديم، لكن إله العهد الجديد مختلف. آسف، لكن الأمر ليس كذلك. لقد تم تذكيرنا مرارًا وتكرارًا، في العهدين القديم والجديد، أن الله لا يتغير أبدًا. ما يجب أن نضعه في اعتبارنا هو أن يهوه قد حدد ما يعنيه الانتماء إليه، وما لا يعنيه. وسواء في الماضي أو الحاضر أو في المستقبل، ما ليس له سيُدمر إلى الأبد، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. وما هو له سيكون موجودًا وحاضرًا معه إلى الأبد.
لا يوجد شيء بين هذا وذاك، لا استرضاء ولا مساومة ولا تغيير لرأيه.
وبالمناسبة، دعونا نستكشف ما تعنيه كلمة "تغيير" عند الإشارة إلى الله. تشير عبارة "لا يتغير أبدًا" إلى صفاته وشخصيته، كما تنعكس في مبادئه وديناميكياته الحاكمة. ليس تغييرًا أن يمنحك الشفاء من المرض، ولا يمنحني إياه أيضًا. ليس تغييرًا أن يأمر الله يشوع أن يقتل أو يطرد جميع الذين احتلوا الأرض التي خصصها لشعبه، ولا يأمر يسوع بطرد أو قتل الرومان الذين احتلوا الأراضي المقدسة. إنها مسألة توقيت؛ في الواقع، في وقت محدد في التاريخ لن يكتفي يسوع بطرد وقتل كل أولئك الذين ليس لهم مكان في أرض الله، بل سيقضي على كل أولئك الذين يعارضون الله في العالم أجمع (حتى ولو في قلوبهم فقط) في معركة عظيمة نسميها هرمجدون.
والآن، في الآية واحد وعشرين تأتي واحدة من أكثر اللحظات دراماتيكية في الكتاب المقدس كله، إن لم تكن أكثرها دراماتيكية: انشقاق البحر الأحمر. شعب إسرائيل محاصر على شاطئ هائل؛ "يام سوف" من جهة، والمصريون من جهة أخرى. يرون ملجأهم على الجانب الآخر من المياه التي لا يمكن الوصول إليها، ولكن لا توجد وسيلة للوصول إلى هناك. يستعد شعب إسرائيل للأسوأ ويبدأ في الحداد لأنه يعلم أن الموت سيكون من نصيب البعض والعودة إلى العبودية من نصيب الباقين. لكن الرب سيجعل طريقًا حيث لا طريق. يمد موسى يده، وتبدأ عملية شق البحر العميق الذي يسد طريق بني إسرائيل. تبدأ رياح شرقية بالهبوب……رجاءً تذكروا يومنا الأول معًا منذ عدة أشهر، عندما أخبرتكم أن تنتبهوا لكلمة "شرق". كلما رأيتموها، ضعوا خطاً تحتها. أنكم ستجدون أن كلمة "شرق" لها دلالات روحية مهمة، وغالبًا ما تتضمن حضور الله أو معجزة.
طوال الليل، تهب رياح الشرق، فتنشق المياه. يجف قاع البحر ويصبح قاع البحر متماسكاً وقابلاً للعبور لثلاثة ملايين هارب يجلسون على الشاطئ على حافة البحر. أنا مقتنع بأن هذا الحشد العظيم كان على وشك المرور عبر خليج العقبة. دعونا الآن وإلى الأبد نضع حدًا للفكرة الليبرالية والعلمانية القائلة بأنه إذا كان الخروج قد حدث أصلاً فإن العبرانيين عبروا مسطحًا طينيًا ضحلاً على حافة أرض جوشن؛ لأنه إذا كان ذلك صحيحاً، فإن الكتاب ال مقدس يبالغ على أقل تقدير، ويكذب في أسوأ الأحوال. لقد قيل لنا في التوراة أن جدرانًا من الماء تراكمت على يمينهم ويسارهم. وأنه بعد أن سار بنو إسرائيل في قاع البحر الجاف حيث كان المصريون يلاحقونهم، عادت المياه وأغرقت كل الجنود المصريين. ولا بد أن بني إسرائيل عبروا في الساعات الأولى من الصباح، أي قبل الفجر بوقتٍ طويل، وإلا لكان المصريون قد رأوا ما حدث ولو من بعيد. كانت رحلة العبور تستغرق عدة ساعات لكل هؤلاء الناس، والمسافة ربما كانت تبلغ حوالى ثمانية أميال تقريبًا. ولكن، بمجرد أن أصبح شعبه بأمان على الجانب الآخر، أضاء الله فجأة نوره على الظلام الذي أحاط بمصر وشل حركتها لعدة ساعات، ومنعها من مهاجمة إسرائيل. عندما أدرك المصريون ما حدث، وانطلقوا في مطاردة إسرائيل، حدث شيء ما أصابهم بالذعر. لقد كانوا مرعوبين لدرجة أن الجنود صمموا على الفرار للنجاة بحياتهم، لأنه كما جاء في الآية خمسة وعشرين: "يهوه يشن حربًا لهم (إسرائيل) على مصر". أوه، لقد عرفت مصر الآن مجد الله حقًا؛ ولكن لم يعش أحد ليخبر عنه.
المشهد هنا ظلّ، ونموذج، لما سيحدث في تلك اللحظات الأخيرة من هذا العالم الحاضر عندما ستصبح الظلمة، هذه الظلمة المتفاقمة من الشر التي تسوده، وتسيطر عليه، أكثر ظلمة بعد؛ ثم فجأة، عندما يتوقعه القليلون فقط، سيغرق الجميع في النور السماوي. لن يكون الشيطان وشياطينه وكل ما ينتمي إليه قادرًا على الوقوف في نور حضرة الله. لقد سمعنا جميعًا تلك العبارة عن عدم قدرة الشيطان والشياطين على الوقوف في نور القداسة؛ ولكن ربما ما لم ندركه تمامًا هو ما يعنيه ذلك بالضبط، وهو ما يلي: أولئك الذين يتحدون مع الظلمة سيحترقون بنفس النور الذي سيخلص به أولئك الذين خرجوا من الظلمة، للاتحاد بالمسيح.
على سبيل المثال، يقول الكتاب أنه لم ينج أحد من رجال فرعون. هل مات فرعون هنا مع جنوده؟ لم يُذكر لنا. يعتقد الكثيرون أنه مات بالفعل، وهناك بعض الأدلة في الوثائق التاريخية المصرية على أنه خلال الفترة الزمنية المفترضة للخروج، مات الفرعون ودخلت مصر أيضًا في تدهور رهيب استمر لعقود. لم يتم توضيح سبب الربط بين موت هذا الفرعون والانهيار المفاجئ لمصر. ولكن، إذا كان هذا الأمر يشير بالفعل إلى فرعون الخروج، فهذا يفسر الكثير. فمصر الآن بدون قائدها ووريث عرشها الشرعي الذي مات في ليلة عيد الفصح اليهودي، ومع مغادرة نصف السكان دفعة واحدة، كانت ستنهار.
يُختتم هذا الإصحاح بالكلمات التي تقول أن شعب إسرائيل رأى كل ما فعله الله، وكانوا يهابونه. ولكن، يقول أيضًا أنه كان هناك تغيير في قلوبهم، وبالإضافة إلى ثقتهم بالله، فقد وثقوا بموسى أيضًا. نعم، كان ذلك لفترة من الوقت فقط. لأنه لن يمر سوى بضعة أيام أخرى قبل أن يفقدوا الإيمان مجددًا، ويعودوا للتذمر والشك. لم يتغير شعب الله كثيرًا خلال ثلاث آلاف وخمسمئة سنة، أليس كذلك؟