سِفْر العدد
الدرس السادس عشر – الإصحاح الرابع عشر
في الأسبوع الماضي، بدءاً من سِفْر العدد الثالث عشر وانتقالاً إلى الإصحاح الرابع عشر، درَسنا تمرُّد شعب إسرائيل وعواقبَه. وتَمحوَر التَمرُّد حول الكَشّافَة من الأسباط الاثني عَشر الذين ذَهبوا إلى كَنعان لجَمْع المعلومات الاستخبارية وإعادتِها إلى صانعي القَرار (بالمناسبة، كان هؤلاء الكَشّافَة أنفسُهم قادة لذلك كانت تقاريرُهم تُقدَّم بموجب سُلطة). نَصَحَ عشرة من الكَشّافَة الاثني عشر بأنّ محاولة الاستيلاء على الأرْض من مُختلَف الشعوب التي كانت تَحتلُّها سيَكون بمثابة انتِحار.
وعندما انتَشر خَبَر تقرير الكَشّافَة في جميع أنحاء المُخيَّم، بدأ الناس يَشعرون بالذُعر. وكما يَحْدُث عندما نَتخلّى عن حَذَرِنا، تَظهَر الحقيقة: عَبَّر الشعب عَلانيةً عن مشاعرِه بأنه تَمنى لو أنّ الرَب لم يَقْتَدْه من مصر في المقام الأول.
لقد فَضّل البقاء في العبودية لسَيّدٍ قاسٍ في مصر، على أن تُتاح له الفرصة للمُطالبة بالميراث الذي خَصَّصه الله لَه. لماذا؟ لأن المَهمَّة التي كانت أمامَه خطيرة وشاقّة وغَير مألوفة. كان المَطلوب منه الخروج عن المَألوف. عندما قرَّر القادة عدَم دخول الأرْض، ووافَقهم الشَعب على ذلك، رأى الله في ذلك تَمرُّدًا عليه من أسوأ أنواع التَمرُّد.
أعِدْ قراءة العدد الرابع عشر من الآية واحد إلى اثني عشرة
في الآيات القليلة الأولى نرى شيئًا مُثيرًا للاهتمام سنَتطرَّق إليه بعد قليل خلال الدَرْس. نرى الشعب يَنوح ويَبكي طوال اللّيل، وعلى الرُغم من أن ذلك يَرِد حَرفيًا، إلا أنّه ببساطة كان من المَفهوم ثقافياً أنهم كانوا يَصرُخون إلى الله. ثقافة الشرق الأوسط مُختلفة تمامًا عن الثقافة الغرْبية. تَميل الثقافة الغربية إلى أن تكون أكثر تَحفُّظًا وتَقتصِر العواطف ظاهريًا على ما هو مَقبول في مُجتمعنا. عندما نريد نحن في الكنيسة الغربية أن نشعُر بأننا أتقياء بشكلٍ خاص أمام الله نزيد زياراتِنا إلى الكنيسة، وربما نتطوَّع ونتحدَّث عن الرَب أكثر، أو نذهَب إلى جَماعتنا ونطلُب الصلاة (بالمناسبة، لا عَيب في أيٍ من ذلك). أمّا في ثقافة الشرق الأوسط فإنّ النَحيب الصاخب والعلَني والبكاء وإلقاء النَفْس على الأرض هي القواعد. عندما نَنظُر إلى الأخبار عن الأحداث المَأساوية في العراق وإسرائيل وأفغانستان ونرى الناس مُنزعجين أو في حالة حداد نَرى كل ما وصَفتُه للتو وأكثر من ذلك. لكن الثقافة هي ثقافة والإخلاص هو إخلاص وليس بالضرورة أن يَكونا مترابطَين؛ سواء كانت الأفعال آتِية من ثَقافة غربية أو شرْقية.
نرى شَعب إسرائيل يَنوح ويصرُخ إلى الله طوال اللّيل، وفي نفْس الوقت يَتذمَّر ويُهدِّد بالتَمرُّد ضد قائد الله المُختار والوسيط المُعيَّن من الله، موسى. وللتّمهيد يَتَّهِم الشعب الله بأنه لا يراعي مَصالحه الفُضلى بل إنّ أمْر الخروج هذا كلُّه ما هو إلا خُدعة قاسية تُلعَب على قوم لا حول لهم ولا قوة.
بذلك نَختصِر الآيات الأربع الأولى من سِفْر العدد الرابع عشر: إذا كانت لديك مُشكلة مع الله، فإنّ هذه المَقاطع توضِح لك بالضبط الشيء الخَطأ الذي قد تفعَلُه! ويُمكن ملاحظة كيف كان رَدُّ فِعل الله مُتوقَعًا جدًا.
تقول الآية خمسة من سِفْر العدد الرابع عشر إنّ موسى وهارون نَزَلا على وَجهَيهما أمام الجماعة. كلاّ، لم يسجُدا للشيوخ؛ لقد ضَربا رأسهما بالتُراب لأنهما كانا يتوقَّعان رَدّ فعلٍ شديد جدًا من الله. هذا، وقد كانا في حالة ذهولٍ تام لِما كان يَحْدُث أمام عَينيهِما، لدرجة أنّ ركبتَيهما قد ضَعُفَتا وسقطا على الأرض في يأسٍ تام. ولكن، يدخُل الآن يشوع وكالب.
من المُثير للاهتمام أنّ يشوع كان صامِتًا حتى الآن على ما يبدو. تَرَك الآخرين يقولون كَلِمَتَهُم، وكان ذلك في الواقع علامَة على القيادة الناضِجة لأنه كان بالفِعل مُساعد موسى ومَحميَّه، لذلك كان الشعب يَعرِف موقفَه. لقد أعَلَن كالب موقِفَه بشكل جيِّد، ولم يكُن لدى يشوع ببساطة سبَب لتكرارِه. ولكن، كفَريقٍ واحد، يَحثُّ يشوع وكالب الشَعب على إعادة النَظَر. يُذكِّرانه بمدى روعة الأرْض؛ وأنه إذا أطاع إسرائيل الله فقط، وَوَثِق به، فإنه سيُسلِّمه الأرض.
يَقلِب الاثنان استنتاجات الشيوخ رأسًا على عَقَب؛ الشيوخ يَخافون من شعب كنعان، ويَشوع وكالب يقولان لا تَخافوا. يقول الشيوخ بأنّه يَجب عصيان الله والبَقاء خارج الأرض، يَشوع وكالب يقولان لا تَعصوا الرَب، تقدَّموا وخذوا الأرْض. إنّهم في الواقع يقولان، لأنّ الرَب قد ”رَفَع الحماية“ عن الكنعانيين، فَهُم الآن ”فريسة لنا“. هذا هو المَوقف الجريء الذي يُريده أبونا منا، ليس التَباهي الأحمق المَبني على إحساس زائف بأهمية الذّات، أو أوهام العَظَمَة حول قُدراتِنا وقوّتِنا. بل الثِقة المُطلَقة بأنه عندما يقول الرَب، ”سيَفعل“، سيَفعل، أو عندما يقول الرَب، لا تقلَق، فاللعبة ثابتة، والنتيجة مُحدَّدة…. لا شيء يمكن أن يُغيِّر هذا المَرسوم. ومع ذلك، يُمكِن، في بعض الأحيان، تأجيل نتيجة النَصر بسبب خوف أتباع الله وعدم إيمانِهم. كما يُمكِن أن يَستخدِم الرَب أناسًا آخرين أو أجيالًا لاحقة لتحقيق مَشيئته، في حين أنّ الجيل الحالي كان يُمكِن أن يكون مبُارَكًا لو كان مُطيعًا فقط.
لقد كانت هناك بَعض المدراشيم المُثيرة للاهتمام من قِبل الحاخامات القدامى حول المَقصود من قَول يشوع بأنّ حِماية الكنعانيين قد زالت عنهُم. هل كان هذا مُجرَّد تَعبير؟ أم أنه يَعكُس جِزْءًا من اعتقاد قديم؟ الكَلِمة العبرية التي تُترجَم هنا عادةً إلى ”حماية“، هي ”تسيل“؛ وتعني حَرفيًا الظل مِثل الجلوس تحت ظِلّ شجرة. إنها بالفِعل تُعطي انطباعًا بأنّ الأمْر يَعني مِظلَّة حماية…….. في هذه الحالة مِظلَّة فوق كنعان. ولكن، لأنّ الجُملة في معناها العِبريّ الواضح هي ”رُفعت حِمايتُها (أي حماية كنعان) وأصبَح الرَبّ معنا“ ……. القَصْد الواضح هو الإشارة إلى أنّ الحِماية السَابقة على كنعان كانت ذات طبيعة إلهية. ولكن، تلك الحماية الإلهية قد رُفِعت، وبالتالي فإنّ كنعان الآن ضَعيفة ومُهيأة للاستيلاء عليها. وهنا يذهَب الحاخامات إلى الحديث عن المَلائكة الحارِسة للأمم.
الآن، هذا في حدِّ ذاته مَوضوع رائعٌ لأن الكتاب المقدَّس لا يذكُر سوى القليل جدًا عن طبيعة المَلائكة. نحصُل على تلميحات عن كائنات روحية……كائنات روحية إلهية….. مُكلَّفة من قِبل الرَب لحراسة أمَّة، أو حَمْل رِسالة إلى أمّة، أو حتّى القِتال من أجْل أمّة…… ولكن لا توجد تَفاصيل على الإطلاق. لذا، فإنّ معظم ما نُلاحظه اليوم ونَعتِقده اليوم عن المَلائكة والشياطين لا يأتي من الكتاب المقدس، بل من كتابات الحاخامات. المَقصود هو أنّ ما يَقصِده يشوع هو أنّ الله إلى جانِب إسرائيل، وأنه لم يَعُد هناك أي نوع من الحماية الروحية على كنعان سواء كانت شريرة أو خيِّرة يُمكن أن تَمنَع إسرائيل من النجاح.
الآن، هل هناك أساس كِتابي جيِّد لإعْتِبار هذا التَفسير صحيحًا؟ أنّ يشوع قَصَد بالفِعل أنّ حماية كائن روحي حقيقي وموجود على كنعان قد رُفِعت؟ نعم. اقْلِبوا أناجيلَكم إلى دانيال عشرة.
اقرأ دانيال عشرة من الآية واحد إلى أربعة وعشرين
سأُعاين هذا الإصحاح وحْدَه. هنا نرى دانيال يُخبِرنا مباشرةً عن مواجهةٍ بين أحد أُمَراء بِلاد فارِس ، أي قوة روحية (على ما يبدو قوة مُعارِضة لله) التي كانت مُسيطِرة على بلاد فارس، ومَلاك الله الذي يَتلقّى مُساعدَة رئيس الملائكة العظيم ميخائيل، للتغلُّب على الأمير الشرير. لذا، فإنّ فِكرة وجود ملائكة مُكلَّفين بالحِراسة على الناس والأمم من الناس، ليست فقط لشعب الله ولكن أيضًا للشُعوب الأُخرى، وهذا ما يتحدَّث عنه الكتاب المقدس مُباشرةً.
لذلك، عندما يقول يشوع في سِفْر العدد الرابع عشر أنّه لم تَعُد هناك حماية روحية على شَعب كنعان، فإنّه في الواقع كان يَعني ذلك حَرفيًا.
لقد أدَّى رَدّ يشوع على الشعب وانحيازِه لموسى وهارون إلى إثارة قَلَق الشَعب وغَضَبِه إلى درجة الغلَيان وهَدَّد برَجْم يشوع وكالب…. وعلى الأرجح موسى وهارون أيضًا. كان الشعب قد حَسَم أمْرَه، ولم يرغَب حقًا في سماع المزيد من المواعظ التي تُخالِف ذلك.
يأتي الرَب نفسه الآن للإنقاذ، من خلال حضورِه النازِل على خيمة الاجتماع، حتى يَتمكَّن جميع بني إسرائيل من رؤيتِها. يبدو أنّ هذا قد وَضَع حدًا لنوايا الغوغاء القاتِلة. ويقول الرَب لموسى: هذا يفي بالغرَض. سأمْحوهم جميعًا، وأبدأ من جَديد معَك. سأخلُق مِنكَ يا موسى شعبًا مؤمنًا. في الحقيقة، إنّ الأمَّة التي سأخلقُها مِنكَ ستكون أكبر من الثلاثة ملايين من بني إسرائيل الذين هم الآن أحياء، ولكن الذين هُم على وشَكْ أن يواجهوا المَوت على يدي.
أَعِد قراءة سِفْر العدد الرابع عشر من الآية ثلاثة عشرة إلى أربعة وعشرين
هناك مَبدئان أساسيان من مَبادئ الله الأساسية جدًا مُتضمّنان في هذه الآيات القليلة القَصيرة وسنُناقشهُما معًا. الأول مُتَضَمِّن في تَوسُّل موسى إلى الله لألا يُهلِك هذا العدد الكبير من الناس.
يَتوسَّل موسى إلى يَهوَهْ كي لا يُبيد البالغين المُذنبين من بني إسرائيل. ويَستخدِم نفْس الحِجّة الأساسية ليُقنع الله بالعدول عن تدمير الجِنس العبراني بأكملِه بشكل أساسي، كما استخدَمَها في حادثة العِجل الذَهبي عندما قَرَّر الله أن يفعَل نفْس الشيء. وكانت الحِجّة هي أنه عندما تَسمَع جميع شعوب الأمم الوثنية عن تدمير إله إبراهيم وإسحأق ويعقوب للشعب الذي أقامَه، ستُقرِّر أمم العالم أنّ السبب في ذلك هو أنّ الله لم يكُن قادرًا على فِعْل ما وَعَد به، وإعطاء إسرائيل أرض كِنعان. لذلك، سيَظنّون أنّ إله إسرائيل كان إلهًا عاجِزًا إلى حدٍ ما.
يَستجيب الله لتَوسُّل موسى في الآية عشرين، بقولِه إنه سوف يَتراجَع ويَفعَل ما طَلبَه موسى، ويَعفو عن شعب إسرائيل. ما نَتعامل معه هنا هو مَسألة توْبة شَعب الله: كيفية الحصول عليها، ورَدّ فِعل الله عليها. هذا بالتأكيد أمرٌ يجب أن يُثير اهتِمام كل مؤمن بإله إسرائيل، وخاصةً أولئك الذين يَدعون باسم ابنه المسيح يسوع.
على عَكسِ ديانات جيرانِهِم، لم تكُن طقوس بني إسرائيل تَعمَل وتُصبِح فعّالة بمجرَّد مُراعاتِها. في حين أنّه يمكِن القيام بالطقوس المَطلوبة بواسِطة الكاهن، إلا أنّ ذلك لا يُساوي الغُفران التَلقائي، بل الغُفران هو خُطوة أخرى، إذا صَحَّ التَعبير.
المؤمن والكاهن يَقومان بالطَقس كما هو مَرسوم، ولكن الله يَتَّخذ بعد ذلك الإجراء النهائي بقُبول (أو عدم قبول) الطقس ومَنْح الغفران. تأرجَحَ هذا الأمْر مِرارًا وتكرارًا في اليهودية، ولكن في الوقْت نفسِه إذا سأَلْتَ يهوديًا عمّا إذا بِمُجَرَّد أداء الطقوس يُمنَح الغُفران، سيقول عادةً ”لا“.
لذا فإنّ الغُفران هو قَرار إلهي ولا يَتحقَّق بمجرَّد أداء الطقوس. كذلك لا يَكفي فقط أن نأمَل ونُصلّي من أجْل الغُفران، بل يجِب على الإنسان أن يُقدِّم نَفسَه أمام الله ويُقِرّ بأنه أخطأ في حَقّ الله سِبْحانَه وتعالى، ثم يكون له عَزمًا داخليًا صادقًا ومُخلِصًا لتجنُّب تلك الخطيئة من الآن فصاعدًا.
تُظهِر لنا المزامير بشكلٍ خاصٍ أنّ الاعتراف والتوبة الحقيقية يجب أن يَكونا جزءًا لا يَتجزّأ من أي تَقدُّم نَحو الله (عادةً عن طريق الصلاة) في طَلب العَفو. إذا لم يَتدخَّل القَلب وإذا كان الضمير غائبًا، فلن يَنفَع أمام الله أي مستوى من الذَبائح والنَحيب والدموع المَريرة والصَلاة من قِبَل الآخرين والتضرُّع والتَوسُّل ودَفع المال أو دَفع العُشور أو الصَوم أو أي عَمَل مادي آخر.
لذلك يجِب أن يكون هناك تَغيير داخلي وتَعديل سلوكي خارجي في آنٍ واحد، ويجب أن تَتْبَع الأعمال دائمًا النَدَم. ويجب مُراعاة الأعمال والأفعال على مستويَيْن: التوقُّف عن الأعمال الشريرة والقيام بالأعمال الصالِحة.
دعْني أقول ذلك بطريقة أخرى: عندما يتعلَّق الأمْر بالتوبة والغُفران يكون للإنسان دَورُه ولله دَورُه. يَتمثَّل دَور الإنسان في ما هو أكثر من الصلاة الخاصة أو المَشي في مَمرّ الإعْتِراف العلني. أما دور الله فهو مُراقبة الإنسان وإصدار حُكم: هل هذا الإنسان صادقٌ بما فيه الكفاية ليَجتهِد لتَغيير أفعالِه وتغيير قلبِه؟ إذا كانت الإجابة في مَنظور الله بِنَعَم، يُمنح هذا الغُفران؛ وإلا فلا يُمنح الغُفران، ويَظلّ وَضْع الرَجُل أمام الله غير مُستحَبّ.
لاحِظ هذا أيضًا: يُمكِن لموسى أن يؤثِّر على الآب. هذا مبدأ عظيم ورائع يجب أن يَفهمَه شعب الله. يُمكن للشُفعاء والوسَطاء أن يَكبَحوا القصاص الإلهي. تَحتاج الآثار المُترتِّبة لشَرْحٍ مُطوَّل، ولكن، لاحِظوا هذا: الله يَتفاعل مع أولئك الذين جَعلَهم مسؤولين عن الأمور. كل الأشياء ليست بالضرورة مُقرَّرة مُسبقًا. قد يَعرِف الله كلَّ الأشياء مُسبقًا، لكن خُطَطَه ومَقاصِدَه يمكن أن تَتغيّر وتَتحرَّك عندما يَقترِب منه بعض الأبرار ويَطلبون الرحمة والنِعمة.
وكما قال أعظَم وسيط عاش على الإطلاق، بينما كان على شَفير الموت على ذلك الصَليب، ”يا أبتاه اغفِر لهم لأنهم لا يعلَمون ماذا يفعَلون“. على المَرء أن يفترِض أنّ يسوع كان يعرِف جيدًا أنّ يَهوَهْ كان على وشَك أن يُدين أولئك الذين قَتلوا ابنَه، ولذلك طَلَب الرحمة من أجلهِم. صلاتُك الشفاعية مُهمَّة. يمكنكُم التأثير على الله، شريطة أن يكون ما تَطلبونه بالطَبع ضُمن مشيئته. الخَبَر السار هو أننا لسنا عرائس ماريونيت بائسة، يَتلاعب بنا الخالِق، نرقُص ببساطة على نَغمة مُحدَّدة مُسبقًا منذ زمن طويل وإلا فأين تكمُن ”العلاقة“؟. عندما يكون أحد الطرفَين إنسانًا آليًا والآخر مُشغِّلًا فلا توجد علاقة. يجب أن يكون هناك أخْذ وعطاء، تواصُل هادِف بين الطرفَين، لكي تَكون هناك علاقة حقيقية، وليْتني فهمتُ ذلك عندما كنت شاباً أصغر سناً.
لا أعرِف إلى أي مدى أريد أن أخوضَ في هذا الموضوع، ولكن هناك مَبدأ لاهوتي ثانٍ مهمّ إلى حدٍ ما يَظهَر ويَتجلَّى هنا في هذا الحوار بين موسى ويَهوَه؛ مَبدأٌ نادرًا ما يُناقَش في إطار الكنيسة الحَديثة. ويُسمّيه الحاخامات مَبدأ الجزاء المتوارَث والمَفهوم هو هذا: أنّ الله قد ينقُل، بمشيئته، العِقاب المُستحق للأب إلى ذريَّته أو قد يَأخذ الرحمة المُستحقّة للأب ويُعطيها لذريته. ونَجِد هذا المبدأ في سِفْر العدد الرابع عشر عندما نَسمَع موسى يقول لله في الآية الثامنة عشرة: ”إنّ أدوناي بطيء الغضب، غنيّ بالنِعمة، غفور للمخالفات والجرائم، لكنه لا يبرئ المذنب، بل يَجعل الآثار السلبية لمخالفات الآباء تُصيب الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع“.
في حال لم يلفِتْ نظرَكَ، حتى الآن، ما يطلُبُه موسى، فهو يطلُب من الله أن ينقُل بعضَ أو كلّ القَصاص المُستَحق لبني إسرائيل البالغين بسبب تَمرُّدهِم، إلى أبنائهم وأبناء أبنائهم. نعم، هذا هو الحال.
كان مَفهوم الجزاء المتوارَث هذا موجودًا قَبل إسرائيل وموسى بوقْتٍ طويل. نَجِدُ ذِكرًا له في الوثائق الحثّية القديمة عندما نُقِل عن المَلِك مرسيلس قولُه ”وَهَكَذَا جَاءَتْ خَطَايَا الْأَبِ عَلَى الِابْنِ، وَهَكَذَا جَاءَتْ خَطَايَا أَبِي عَلَيَّ“. والفِكرة هي أنّ الطَرَف البريء يَتحمّل العِقاب الإلهي بدلاً من الطَرَف المُذنِب؛ الطرفَين من نَفْس العائلة، ولكنَّهما من جيلَين مختلفَين. لا يمكِننا الابتعاد عن هذا المَبدأ في الكتاب المقدَّس. يُعلِن نوح اللعنة على حَفيده كِنعان بسبب ما فَعَله حام والِد كنعان. الجزاء المتوارَث. يقول أحيّا النّبي أنّ خطايا يربعام سَتُوضَع على رأس ابنه أبيّا (واحد ملوك أربعة عشرة). الجزاء المتوارَث. يُقال لنا أنّ خطايا بُعشا ستُوضَع على رأس ابنه إيلاه (واحد ملوك ستّو عشرة). الجزاء المتوارَث. وهناك العديد من المواضِع الأخرى في الكتاب المقدَّس التي تَقتبِس نفْس الفِكرة بأنّ خطايا الأب ستَحلّ على أبنائه حتّى الجيل الثالث والرابع.
ولكن بالإضافة إلى العِقاب، يمكِن أيضًا أن تَنتقِل الرَحمة إلى الوَرَثة. استَمِع إلى المزمور مئة وثلاثة من الآية السابعة عشرة إلى الثامنة عشرة: أَمَّا مَحَبَّةُ الرَّبِّ الثَّابِتَةُ إِلَى الأَبَدِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ، وَإِحْسَانُهُ لِبَنِي بَنِي الَّذِينَ يَحْفَظُونَ عَهْدَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ.
الآن، جزءٌ من مَبدأ الجزاء المتوارَث هذا هو أنّه في ظِلّ ظروف مُعيَّنة، يتم تأجيل العِقاب المُستحَق لشخصٍ ما إلى وقت لاحق. بمُصطلحات الكتاب المقدس، يتم تأجيلُه إلى جيلٍ لاحق. وهذا الظَرْف المُعيَّن الذي يَسمَح لله قانونيًا بتأجيل العقوبة هو توبةُ وندَم الشخص الذي ارتكَب الخطيئة. فإذا ارتكب الأب خطيئة ثم تاب واعترَف بخطيئته وطَلَب الرَحمة، فإنّ الله بِرَحْمَتِه قد يؤجِّل هذا العقاب إلى جيلٍ لاحق.
استمِع إلى حالة أهاب في واحد ملوك من الآية واحد وعشرين إلى تسعة عشرين: ”لأن أهاب قد تواضع أمامي، فلن أجلب الكارثة في حياته، بل سأجلب الكارثة على بيته في زمن ابنه“.
إذًا، ما يطلُبُه موسى من الله هو إظهار الرَحمة تِجاه الآباء البالغين الذين تمرَّدوا عليه، بتأجيل العِقاب المُستحَق للأطراف المُذْنِبة. ويلتقي الله نوعًا ما بموسى في مُنتصف الطريق؛ فهو يَقول إنه لن يُهلِك هؤلاء الآباء المُذنبين بإجراءات موجَزَة، ولكن في قَصاصٍ مُؤجَّل، لن يَسمَح لأولئك الذين ارتكَبوا هذه الخطيئة العظيمة ضِدَّه بدخول أرض الميعاد أبدًا. خطيئتهم كبيرة جدًا، لم يُظهِروا أي ندَم أو توبة لدرَجَة أنهم سيَتحمَّلون بعضًا من العقاب. لذا، سيموتون موتاً طبيعياً، في الوقت المُناسب، في برّية الصحراء، وعِقابُهم هو أنهم لن يَرِثوا شخصياً أرض الميعاد. ومع ذلك، في الآية اثنا وثلاثين، هناك عقوبة أخرى يجب أن تُدفَع، وهي أنّ ذريَّة هؤلاء البالغين المُذنبين هم الذين سيَدفعون أيضًا ثمن تمرُّد آبائهم. إذ تقول: ”وَأَمَّا أَنْتُمْ (أنتم يا بَني إسرائيل البالغين) فَتَسْقُطُ ذَبَائِحُكُمْ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيَتِيهُ بَنُوكُمْ فِي الصَّحْرَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَامِلِينَ تَبِعَاتِ عِبَادَتِكُمْ حَتَّى تَأْكُلَ الصَّحْرَاءُ ذَبَائِحَكُمْ“.
إذًا فالِعقاب على المُذنبين قد أُجِّلَ وتَحقَّق جزئيًا على الأقل، والباقي على بَني إسرائيل الأبرياء.
والآن، اسمَحوا لي أن أتحدَّثَ عن جانب آخر مُثير للاهتمام من هذا المَبدأ قَبل المُتابَعة. وهو يَكمُن في كَلِمة ”العفو“ أو ”الغفران“ التي نَجِدُها في الآية التاسعة عشرة. في تلك الآية يَقول موسى لله: ”اغفِر (اعْفُ) عن إثم هذا الشعب حَسَب عَظَمة نِعْمَتِك، كما صَبَرتْ مع هذا الشعب من مصر إلى الآن“. العفو، أو الغفران، أو الصَفح، تَفتقِد الثراء والتأثير الكامِلين للكَلِمة العبرية الأصلية المُستخدَمة هنا: صلاخ. موسى يطلُب ”صلاخ“ من الرَب. وعلى الرغم من أنّها تعني بشكل عام ”يعفو“ أو ”يغفُر“، إلا أنّ ”صلاَخ“ هو نوع من العَفو أو الغفران الإلهي غير المُتاح من إنسان. أي أنّنا لن نَسمَع أبدًا عن إنسان يطلُب الصلاخ من إنسان آخر. الصلاخ، بحُكم تَعريفِه، هو فِعل إلهي.
علاوةً على ذلك، تَحمِل كَلِمة” صلاخ “في طياتها فِكرة العَفو عن العقاب على الخطيئة، ولكن الجُرم نفسَه لا يُعفى عنه. وعَلاوةً على ذلك، هناك عُنصر الشِفاء والمُصالحة في معنى كَلِمة ” صلاخ “.
لذا، عندما يطلُب موسى من يَهوَهْ الصلاخ، ويقول الله: حسنًا، أنا أعطيك الصلاخ، فإنه يقول أنه سيَعفو عن عقاب التَمرُّد (عن طريق تأجيلِه)، وسيَسمَح باستمرار العلاقة بين هؤلاء الناس الذين ارتكَبوا التَمرُّد وبينَه. بل أكثر من ذلك، فإنّ المُصالحة التي يَتضمَّنها جوهر كَلِمة صلاخ تُشير إلى استمرار العَهد الذي تمّ على جَبَل سيناء. يا لها من رَحمة عظيمة مَخْفِيَة في معنى كل هذا! عَلاوةً على ذلك، في الآية التاسعة عشرة، عندما يطلُب موسى أن يمنَح الله صلاخ ”بحسب لُطفِه العظيم“، كَلِمة لُطف لا تُصيب المعنى. في العبرية، يقول موسى، ”بحسب تشيسيد العظيم “. المغزى هو أنّ "تشيسيد" بالعبرية لا تُشير هنا إلى اللّطف، بل إلى التزام الله الثابت بالعُهود والوعود التي قطَعهَا لإسرائيل. في الواقِع، الكَلِمة العبرية "تشيسيد"، كما هي مُستخدَمة هنا تكاد تكون مُرادفًا مباشَرًا لكَلِمة بريت التي تَعني العَهد. لذا، فإنّ موسى في الواقع يَطلُب رحمة الله بقولِه ”حسب عهدِك العظيم“.
إذًا، ما تَوسَّل موسى إلى الله من أجلِه (نيابةً عن إسرائيل المُتمرِّدة)، وما مَنَحَه الله، هو أن يَعفو الله إلهيًا عن العِقاب الذي كان مُستحقًا لبني إسرائيل بسبب تَمرُّدِهم، وأن يَسمَح الله بالمُصالحة مع شعب إسرائيل، بل وأكثر من ذلك، أن يَستمرّ الله في احترام العهود التي قَطَعَها مع إسرائيل ويَسمَح لإسرائيل بالحفاظ على علاقتِها مَعَه. بالرغم من ذلك، (واسمعوا هذا من فضلِكم)، فإنّ خطية الشعب وإثمِهِ بسبب ما فَعَله سيبقى ضدَّه. سيَبقى إسرائيل كشعب مُذنِب، ولن يترُكْهُ هذا الذنب أبدًا. كما سَيتعيّن عليه دائمًا أن يُحاسب على هذا الإثم أمام الله.
افهموا أنّ هذا الاتِّفاق بين الله وموسى فيما يتعلَّق بهذا التَمرُّد بالتحديد، ما هو إلا مِثال على مبدأ الجزاء المتوارِث. وتَظهَر المبادئ الكامنة وراء هذا المِثال في العديد من قِصص الكتاب المقدَّس الأخرى.
والآن، لقد مَرَرْتُ بكل ذلك للإشارة إلى الفَرْق بين نوع الغفران أو العفو المُتاح للبشرية قَبل مجيء المسيح، مُقابل ما هو مُتاح لها بعد مجيئه. كان القَصد من هذا الشَرْح الطويل هو توضيح الفَرْق بين نوع الصلاخ (العفو، الغفران) الذي يأتي من الآب عن طريق وَسِيطِنا يسوع المسيح، ونوع الصلاخ (العفو، الغفران) الذي جاءَ إلى إسرائيل عن طريق وَسيطهم موسى. في عَهْد موسى، كانت العلاقة مع الله ستَستمرّ، وكان الله يؤجِّل العقاب ولا يُهلِك المُذنِب، لكن الخطيئة نفسها، وكل الذنب المُرتبِط بها، تبقيان إلى الأبد.
في ظِلّ المَسيح، لا يزال العقاب مُستحقًا على المُذنِب؛ ولكن العقاب المُستحق يَتحمَّله يسوع بدلاً منه؛ والأهم من ذلك، أنّ الخَطيّة نفسَها قد غُفِرَت أيضًا. الإثم وذنب الخطيئة يُنسَيان ويزولان. هذه إحدى الأسباب التي جَعَلت بولُس، الذي فَهِم جيدًا مبدأ الجزاء المتوارَث هذا، يُسمّي العهد الجديد عهدًا أفضَل. لأنّ العهد الجديد قام بأمور لم يَستطِع العهد السابق القيام بها، لأنّه لم يكُن مُصَمَّمًا للقيام بها. لم يكُن العَهد السابق يُخلِّص، لأنه لم يكُن مُصمَّمًا للخلاص، بل كان مُصمَّمًا لأغراض أخرى. وكان غُفران العقوبة والخطيئة نفسُها من أعظم سِمات العهد الجديد.
إذًا، باستئناف سِفْر العدد الرابع عشر، يُعلِن الله أنه بينما لن يُهلِك المُتمرّدين على الفَور، إلا أنّه لن يَسمَح لهم بدخول أرض الميعاد أبدًا نتيجة لارتدادِهم العظيم. ويُعرِّف الرَب المجموعة التي لن تَدْخُل بأنها أولئك الذين يَبلغون من العُمر عشرين سنة فما فوق. لماذا هذه المجموعة؟ لأنّهم كانوا هم الجَيش، الرِجال المُقاتلون، الذين رَفضوا القتال. في الآية أربعة وعشرين، يَستثنيهم الرَب ويقول إنّ كالب، أحد الكَشّافَيْن اللذين قالا إنّ إسرائيل يجب أن تَقِف على وعود الله وتأخذ كنعان فوراً، سيُسمَح له بالدخول إلى الأرض. وفي وقتٍ لاحق، يَذكُر الله يشوع على وَجه التحديد، باعتباره ثاني من سيُسمَح له بدخول كنعان، لأنه هو أيضًا جادَل من أجْل أن تَتقدَّم إسرائيل إلى الأمام نحو كنعان.
أَعِد قراءة الأعداد الإصحاح الرابع عشر من الآية خمسة وعشرين إلى ثمانية وثلاثين
في الآية أربعة وثلاثين يَشرَح الرَب سبب تَيْه إسرائيل أربعين سنة في البرّية؛ أربعين سنة تُمثِّل سَنة تَيْه عن كل يوم ذَهَب فيه الكَشّافَة لاستكشاف الأرْض (لقد ذهبوا لمُدَّة أربعين يومًا). حقًا، ما يَتمّ إظهارُه هنا هو مَبدأ القياس: العَين بالعَين والسِنُ بالسِّن. العدالة التناسبية والرَمزية.
ولكن، كان ليَهوَهْ عِقاب خاص لأولئك الكَشّافَة الذين عادوا بالتقرير السيئ، وأقنَعوا شَعب إسرائيل على التَمرُّد على الله؛ لقد ماتوا في الحال من وَباء إلهي. لم يَتُمّ إخبارُنا ما هو هذا الطاعون بالضَبط.
قد تَظن أنّ فداحة مأساة هذا الموقِف….. مع كل ما ترتَّب عليه من عواقب…. كان من شأنه أن يُقنِع شعبَ إسرائيل بأنّ الله سبحانه وتعالى، ذو سيادة، وأنه يعني ما يَقوله. ولكن، اسمَحوا لي أن أعيد قراءة الآيات القليلة الأخيرة من هذا الإصحاح، والتي أظهَرَت كيف كان رَدّ فِعل الشعب على دينونة الله لهُم.
اقرأ الأعداد الإصحاح الرابع عشر الآية خمسة وعشرين إلى ثمانية وثلاثين
مُدهش. إنّ رَدَّ فِعل الشعب على كل هذا هو أنه سيَستمرّ في تَجاهُل ما قَرَّره الله، ويَمضي قدماً ويَفعل الآن ما كان ينبغي عليه فِعلُه من قَبل: الزَحف نحو كنعان.
ولكن، هناك مُشكلة. لمْ يُعطِهم الله الخَيار (أ) أو (ب) أو (جِ)، لم يُعطِ الله بني إسرائيل إمكانية إدراك خَطَئِهم، والقُدرة على الخروج من العواقب التي أعْلَنَها، وذلك بالمَضي قُدمًا الآن إلى أرض الميعاد. كان موسى يَعلم جيدًا أنّ هذا لن يَحصُل. لذلك، قال موسى للشعب ألا يَفعل ذلك وأضاف أنه لن يأخُذ معه تابوت العهد، ولن يَذهب مَعَهم أيضًا. كان غياب التابوت وموسى القائد يَعني أنّ لا الله ولا وسيطه سيَحضرون مع أولئك الذين خَطّطوا للزَحف على كنعان.
لم يَهتم الشعب وتَجاهَل موسى، وتَجاهل يَهوَهْ، وانطَلَق إلى كنعان بمُفردِه. وكانت النتيجة أنّ العماليق والكَنعانيين هاجَموا هذه المجموعة غير المُستعدةّ من بني إسرائيل وسَحَقوهم.
يا له من دَرْس. قد يُنزِل آبائنا أو رؤسائنا أو من هم في السلطة بنا عقابًا بسبب إساءتنا لهُم، وقد نَتحايَل على ذلك بالكلام المَعسول. قد نُوافِق فقط على المَضي قُدُمًا في فِعل ما كان يَنبغي علينا فِعلُه في المقام الأول بعد أن نَكتشِف مدى عدم ارتياحِنا للعواقِب، وعندَها سيَكون كل شيء على ما يُرام. في الواقِع، داخِل العائلات، والمُنظَّمات، وحتّى في نظامِنا القضائي، نرى هذا الأمر يَتكرَّر. لكن الأمر لا يَسير بهذه الطريقة مع الله.
إنه ليس إنسانًا حتى يَتغيّر. أن نَمضي قُدُمًا بمُباركة الله، في توقيتِه، لمهاجمَة مُهِمَّة جديرة بالاهتمام شيءـ وشيء آخر تمامًا أن نقوم بنَفْس المُهمّة عندما يرى الله أنّ وقْتَها قد انتهى، وأنه لم يَعُد وراءها أو أنه قد سلَّم المُهمّة إلى شخص آخر لأي سبب كان.
يَفتَح لنا الله نوافِذ الفُرَص، ثم تَنغلِق. هو يُقرِّر التوقيت وليس نحن. كم مرَّة نقول، نعم يا الله، ولكن ليس الآن…. ماذا عن وقتٍ لاحق؟ الآن ليس وقتًا مُناسبًا لي. من الحَماقة أن نُحاول فَتْح تلك النافذة في وقتٍ لاحق، حتّى وإن كنّا قد نُحقِّق ما يبدو أنه قَدَر صَغير من النجَاح. ولكن على الأرجح أننا سنُهزَم تمامًا، كما هُزِم بنو إسرائيل الذين لم يَخضَعوا لله. بنو إسرائيل الذين لم يَتعلَّموا بَعد أن يأخذوا الله على مَحمَل الجَد. وقد دَفعوا ثمنًا باهظًا لذلك.
سنَبدأ الأسبوع القادم في الإصحاح الخامِس عشر من سِفْر العدد.